كتبت القصة معبرة عن صورة حال مجتمعها الذي طالما تمنت أن يكون النموذج الحلم، لها طريقتها الخاصة في الترميز والتكثيف، إنها القاصة "آمال شلهوب" التي تسبح قصصها "في مهب الأفق" مع اللقطات الومضة.

مدونة وطن "eSyria" التقتها بتاريخ 29 حزيران 2014، وتحدثت بالقول: «تعود بداياتي الأدبية إلى المرحلة الابتدائية عندما كنتُ أكتب موضوعات التعبير بشكل لافت للنظر، وتتابع اهتمامي في المرحلتين التاليتين حيث بدأت قراءة القصص التي تيسّرت لي وأخذت في التقليد أولاً، ثم في محاولات الإبداع التي كنت أعرضها على معلميّ وتنال الإعجاب من الأصدقاء والأقارب، حتى أصبحت الكتابة هاجسي».

تعود بداياتي الأدبية إلى المرحلة الابتدائية عندما كنتُ أكتب موضوعات التعبير بشكل لافت للنظر، وتتابع اهتمامي في المرحلتين التاليتين حيث بدأت قراءة القصص التي تيسّرت لي وأخذت في التقليد أولاً، ثم في محاولات الإبداع التي كنت أعرضها على معلميّ وتنال الإعجاب من الأصدقاء والأقارب، حتى أصبحت الكتابة هاجسي

وعن قراءاتها وتأثرها بالأدباء واختيارها للقص كجنس أدبي تقول: «هناك الكثير من الأعمال الأدبية التي تستحق القراءة، ففي البداية كان الاطلاع على الأدب العربي مثل "حنا مينة، ونجيب محفوظ، وواسيني الأعرج" وغيرهم، كما أعجبت بقصص "زكريا تامر، ورشيد الضعيف"، لكن الأدب الغربي والروسي يجذبني أكثر وتستهويني تلك الروايات من "تشيخوف، وديستويفسكي، وهيغو، إلى دان براون، وماركيز ويوسا" وغيرهم، فعندما يقرأ المرء لهؤلاء يشعر بالمتعة، وتأخذك كتاباتهم إلى حيث تريد الشخصيات، والأحداث تنتقل معهم إلى عالمهم وهنا يكمن الإبداع، ورغم ذلك لم يؤثر أحد في كتاباتي سوى الأخذ بعين الاعتبار بالنصائح التي سبقونا بها، أي عندما أكتب في حدث معين لا أتذكر أحداً، أدور في كوكبي بانفراد مع كلماتي الخاصة، والقصة القصيرة ومضة تشعّ بالكثير رغم التكثيف، أراها الوعاء الذي يستوعب قلقي أمام مواقف معينة أطلت في تنوع القصص التي أكتبها، أما أسلوبي في كتابة القصة فهو متعدد، لتعدد أنواع القصص، ولكنني أعتبر أسلوبي ما ينتج عن تجربتي وأحاسيسي، وأعتمد طريقة خاصة بالتكثيف والترميز، قادرة أن توصل بمفاتيح ناعمة إلى الغاية الأدبية التي تقصدها القصة معتمدة على رسم الواقع بصورة جديدة تأخذ القارئ إلى احتمالات قد تكون مقصودة في الغاية المرجوة من القصة، نشرتُ قصصاً عديدة في مواقع مختلفة إضافة إلى المقالات المتنوعة والقصائد ذات المحتوى الإنساني، إلى أن صدرت مجموعتي "في مهب الأفق" التي ستتلوها مجموعات عديدة».

آمال شلهوب خلال إحدى مشاركاتها

وعن نشاطاتها الأدبية ومشاركاتها تتابع: «ترتكز النشاطات الأدبية على المراكز الثقافية الموزعة في القطر، وأستطيع القول إنني قدمت في كثير منها قراءاتي القصصية والشعرية، وبرأيي إن المشاركات والنشاطات الأدبية تجعل الأديب محط الأنظار، وتجعل كتاباته مجالاً للتأويل والنقد فتنمّي التفاعل الذاتي عنده، وتجعله يسعى إلى تقديم الجديد المتطور باستمرار، فالمشاركات مرآة يعكس فيها الأديب أمام الجمهور بشكل مباشر، وما غدونا نلاحظه في الفترة الأخيرة هو تزايد التواصل عن طريق منتديات التواصل الإلكتروني التي أعتبرها حالة حضارية علمية متقدمة، ولكن التجاء من هبّ ودبّ إليها جعلها تفرغ من الألق والإبداع العالي، كما أن مساهمة من لا علاقة له بالأدب فيها وانتفاء صفة المبدع عنه، تفقدها الدورالإيجابي، رغم أننا نتمنى رفع المستوى وتخصيص المنتديات الراقية أدبياً لتكون الفائدة للموهوبين الشباب، والحقيقة التي يجب التأكيد عليها أن هذه المنتديات لم تستطع أن تكون بديلاً من المؤلف المطبوع أبداً لأنه الأساس الذي ينقلونه إلى المجال الإلكتروني».

وتختتم حديثها بالقول: «كان الأديب القاص أو الشاعر لسان قومه ومجتمعه، وإذا كنا نعتبره كذلك اليوم فإننا لا نرى في واقعنا الحياتي أنه قد تمكن من أداء هذا الدور الآن، وإن نظرة إلى الواقع الأدبي نعرف من خلالها قيمة الأديب ودوره فهو مصور داعية لا أكثر، لهذا أجسد ذلك في عالم القصة محاولة تصوير حالة بيئتي ومجتمعي آملة أن ينتقل تأثير ذلك إلى حياتنا من جديد».

عنها قال الدكتور "محمد ونان جاسم": «تمتلك القاصة قدرة لغوية أخاذة، وهذا الامتلاك اللغوي جعلها تكتب بمنهجية الصنعة، ومعلوم أن هذه المنهجية تحتاج إلى أديب يملك زمامها ليخرج ما يبدعه من حيّز التكلف إلى حيّز الإبداع، في مجوعتها "في مهب الأفق" حاولت خلق نصوص أدبية قصصية، لكنها اتجهت في أغلبها إلى النصية، والنصية الآن جنس أدبي مهم يزاحم بقية الأجناس الأدبية في نيل اهتمام المتلقي، كانت تجول بين الإدراك التصديقي والإداراك التصويري، ومن أولويات النجاح الأدبي الاختيار بين الإدراكين دون الاتكاء عليهما معاً، لذا أنا أتوقع أن تتجاوزهذا الخلط في نتاجاتها القادمة».

بدوره أضاف الناقد الأدبي "أحمد أبو هلال": «في سعيها لتنجز نصاً مختلفاً ثمة العديد من الحوافز التي يمكن اشتقاقها من نسيج تجربتها، وهذا ما يشكل صيرورة أدبيتها، بدءاً من الحوافز الواقعية ومروراً بالحوافز الجمالية، وكذلك التأليفية ما أعنيه هنا كيف تتشكل في وعي تجربتها على مستوى القصة التماثلات لتلك الحوافز، ولا سيما على مستوى اللغة ومنها شعرنة السرد والحوامل الفكرية التي تشي بمرجعيات نصوصها، فهي مسكونة بقلق التجربة، وهو قلق فاعل وتستثمره بالمغايرة حتى تطمئن لصوتها، إنها تذهب لحواريات الذات والآخر والعالم بكثافة لغة تبث طاقاتها الإشارية، وبميل واضح للأفكار وجدليات الحياة وبالكثير من التماسك السردي الذي يقترب منه الدرس النقدي تماثلاً أو مفارقة، أزعم أن لديها ما يشي بتجربة في النوع لا في الكم واختبار المسافة إلى سرد مختلف وليس جميلاً فحسب».

يذكر أن، القاصة "شلهوب" ولدت في مدينة "الزبداني" عام 1970، تلك المدينة السامية التي عكست طيبها على العائلة التي تنتمي إليها وترعرعت فيها، نالت الشهادة الثانوية ودرست في جامعة "دمشق"، كلية الحقوق إلى السنة الثالثة، ثم توقفت عن المتابعة لتعمل في مجال التدريس بشكل متقطع.