تلون قصائدها بالكلمات لوحة خيال، وترسم بالألوان قصائدها المزركشة مفترشة بياض اللوحات، هي الأديبة الشابة "بسمة شيخو".

مدونة وطن "eSyria" التقتها بتاريخ 1 حزيران 2014، وتحدثت بالقول: «نسجت قصيدتي الأولى على نولٍ يافعٍ في عمر 8 سنوات، ومازلت إلى الآن أحتفظ بدفتر الشعرالخاص بي آنذاك، الذي زينته ليشبه الدواوين الشعرية التي كنت أراها في مكتبتنا، تفاصيل طفولتي هي من نمّت ذائقتي الأدبية، فكانت أيقوناتٍ تشدني للأمام، أبٌ يقرأ ويملك مئات الكتب بل أكثر، وأمٌ تشاركه شغفه بالقراءة، وتحفيزهم كان دوماً يشجعني لأكتب أكثر وأرسم أكثر،

أقف أمام ذاتي حرةً دون الالتزام بشكل معين متكرر للقصيدة، جمالية قصيدة النثر تكون بالجمع بين البناء الذي تحتاجه كل قصيدة، وبين الفوضى التي يتطلبها النثر

ومن أول ما كتبتْ:

"عندما حدثتُ القمر عن أحزاني غاب

بسمة تشارك في إحدى الامسيات

وعندما حدثت الموج هدأ

خلال إحدى مشاركاتها

وعندما حدثت الورد ذَبل

من إصداراتها.

وعندما حدثت الغيم هرب

ولم أجد أحداً أحدثه

سواك أنتَ يا قلبي سمعتني".

وعن تعريفها للشعر ومضامين أعمالها الشعرية تقول: «الشعر محاولة لمدّ جسور من النور بين الإنسان والكون، وعلى القارئ أن يبصرها ويخطو فوقها، هو محاولة جمع النجوم التي تساقطت في ليلةٍ عاصفة بين السنابل لإعادتها إلى السماء، الشعر هو محاولة القيام بالمستحيل، فكما يقول "كارل ساندبرغ" في تعريفه للشعر: "الشعر يوميات حيوان بحري يعيش على البر ويريد أن يطير في الهواء"، قصائدي عبارةٌ عن بوحٍ عفويٍّ أنثر فيه أخيلةً لطالما ألحت عليّ لأجل الخروج إلى الصفحات البيضاء، بوحٌ لأنثى عاشقة للرجل مرةً وللوطن مرات كثيرة، فالوطن عندي مفهومٌ أشمل وأكبر من الأرض والحدود، الأمل وطن ألجأ إليه بعد أن يهاجمني يأسي فأعود إلى أحضانه، والحب وطن يبقيني في أرضه لآلاف السنين، الوطن الذي أكتب عنه يمنحني شعاع شمسٍ وسنبلة وباقة ياسمين، وظلاً لقمر والكثير من الأحلام أحمله في حقيبة سفري أينما ذهبت».

تكتب "شيخو" القصيدة النثرية التي كانت -برأيها- نتيجةً ضرورية لتطورالحركة الشعرية، والتي تحررها من قيود الوزن والقافية: «أقف أمام ذاتي حرةً دون الالتزام بشكل معين متكرر للقصيدة، جمالية قصيدة النثر تكون بالجمع بين البناء الذي تحتاجه كل قصيدة، وبين الفوضى التي يتطلبها النثر».

بطقوس يومية للكتابة يرافقها الشعر دوماً كصديقٍ حميم: «أبصره رجلاً حقيقياً يهمس في أذني بما يود قوله فأصوغه قصيدةً، يباغتني قبل النوم ويلح علي بالكتابة فأستجيب له، على الأغلب يأتيني أثناء سيري ويبدأ بالكلام، فأحفظه وأنتظر أن ألتقي ورقة وقلماً أو أحفظه على هاتفي الجوّال، فالأجواء الخاصة بالكتابة تكون في داخلي دوماً وهي الأهم بالنسبة لي، هناك ضوءٌ خافت ومرآةٌ عملاقة تعكس ذكريات كثيرة تصطف بصمت، مشجبٌ عملاق أعلق عليه الأحلام والآلام لأكون خفيفةً من كل ما يثقل تفكيري، قرأت مرةً أن على الشاعر أن يقرأ كل شيء إلا الشعر، حتى لا يتأثر بأحدهم وأنا أحرص على أن أفعل، فالشعر إن لم يكن حالةً فرديةً فريدة لا يستحق أن يقال عنه شعراً، وأحاول أن أترك أثراً بسيطاً جميلاً في عالم الكتابة لا يشبهه شيءٌ مما سبق».

في جعبة "بسمة شيخو" العديد من المشاركات في أمسيات المراكز الثقافية أوالمنتديات الخاصة عدا إصداراتها الشعرية: «لدي مجموعة شعرية بعنوان "عبثٌ مع الكلمات"، صدرت العام 2013، وصدرت حديثاً مجموعتي الجديدة بعنوان "شهقة ضوء"، وأعمل على إنهاء كتاب يتضمن شذراتٍ شعرية، أتمنى ألا أخيّب ظن أي أحدٍ راهن يوماً على "بسمة" وكتاباتها، أتمنى أن أحرر باقي القصص والأفكار التي مازالت حبيسةً داخلي لتخرج كسابقاتها من رؤوس أصابعي وتلون البياض من حولي».

بين موهبة الشعر والفن التشكيلي في حياتها صراع إبداعي جميل تقول عنه: «الفن التشكيلي والشعر لا يحتاجان إلى التوفيق بينهما، فأحدهما يكمل الآخر؛ فعندما يُغلق أمام الكلمات بابٌ أفتحه بالألوان، وعندما يتعب قلمي تسانده الريشة، أحياناً أرسم بالألوان قصائد مزركشة تفترش بياض اللوحة، وأحياناً ألوّن قصيدتي بالكلمات لتظهر في الخيال لوحةً لا ينقصها شيء».

عنها قال الشاعر "مروان مراد": «تسلمت مؤخراً مجموعة شعرية أنيقة للشاعرة "بسمة شيخو" بعنوان "شهقة ضوء" أسعدني جداً أن أكتشف في قصائد المجموعة إبداعاً متميزاً، تكاملت له معايير الجودة من حيث التعبير عن مكنون النفس من المشاعر الدافئة، والأسلوب الفني الراقي، وقبل كل شيء ما ملكته الشاعرة من مخزون المفردات اللغوية التي ترصفها في بناء القصيدة، فتغدو لحناً حالماً تعزفه على أوتار القلب، أؤكد أنها شاعرة بكل معنى الكلمة، والطريق أمامها مفروشة بالورود، لتنضم إلى موكب الشعراء المحلقين».

وأيضاً قال الأديب "عمر شبانة": «تجمع في نصوصها بين قصيدة النثر والنص المفتوح للسرد، وما يقارب الخاطرة الفنية الراقية، إن الشاعرة تقع أحياناً في القوافي التي تتعارض مع روح قصيدة النثر، وإن كانت قصائدها محتشدة بالتصوير والرسم والألوان».

  • يذكر أن، الشاعرة "بسمة شيخو" من مواليد "دمشق" 1986، طالبة ماجستير في قسم العمارة الداخلية، محاضِرة في كلية الفنون الجميلة.
  • مما كتبتْ في قصيدة "عِقد غيابك":

    "من خيوط انتظاركَ

    نسجتُ عِقداً

    زينته بالدقائقِ والثواني

    لففته حولَ عنقي

    أنا التي أرتدي الأيام أثواباً

    أبدلها

    أجمّلها

    وأجمعها في خزانة العمر

    أنتقي أجملها

    وأرتدي عِقد انتظاركَ

    في مقهى الأمل

    أفرط عِقدي

    لتتدحرج مواعيدك ووعودك

    مصدرةً ألحاناً

    أرقص على أنغامها

    وحين أنتهي أعود لأحيكه من جديد".