"كنينة دياب" كاتبة سورية سخّرت قلمها للأطفال فألفت، وترجمت، وقررت أن يكون الطفل محور كتاباتها، والأقرب إلى قلبها، وأن تسعى لتنمية قدراته من خلال كتبها.

وقد كان لمدونة وطن eSyria معها هذا اللقاء:

إنّ "كنينة دياب" تكتب للأطفال بنفس طفولي قريب من القلب، وحين تظهر كمترجمة فإنها تتقمص الشخصيات وتتكلم بلغتها

  • كيف اكتشفت موهبة الكتابة للأطفال لديكِ؟
  • كنينة دياب في مكتبتها

    ** المرة الأولى التي قصصت فيها قصّة على الأطفال كانت عبر جلسة عائليّة رويت فيها لأطفال العائلة الصغار حكايات متخيّلة غلب فيها الخير على الشّر، ولأنّ الأطفال استوعبوا ما سردته آنذاك طالبوني بالمزيد، وبعد سنوات بينما كنت أعمل كمترجمة لصفحة المنوّعات والمرأة والطّفل في "جريدة الخليج" في دولة "الإمارات" طلب مني رئيس القسم كتابة قصص من تأليفي وليس ترجمة، فوجدت نفسي أكتب للأطفال وبغزارة أدهشت رئيس القسم ورئيس التحرير آنذاك، وكانت مفاجأة جميلة لي وخطوة أولى أمتعتني وأسعدتني.

  • أنت ترجمتِ ثلاثية مهمة من الأدب العالمي، وكذلك قصصاً قصيرة، أين نجد كاتبة الأطفال في "كنينة دياب" وسط هذه الترجمة الجادة؟
  • قصص للأطفال

    ** الحقيقة أن علاقتي بالترجمة كانت أيضاً بالمصادفة، وذلك عن طريق الشاعر المعروف "بندر عبد الحميد"، حيث كان مدير التحرير في مجلة "جيل الثورة" التابعة لاتحاد الطلبة وذلك في صيف عام 1972. لا أترجم كل ما يقع تحت يدي فإن لم يستهوني النص والمعنى والمغزى ولم يكن فيه ما يستحق أن يضاف إلى المكتبة العربية والقارئ العربي فلا أترجم الكتاب بل أكتفي بقراءة النص للمعلومة فقط.

    إنّ الطفولة متجذرة في روحي، ومهما كان من إبداعي في الترجمة وجمالها وإحساس المتعة، إلاّ أنّ كتابة الأطفال أقربُ إلى قلبي، ومهما ابتعدت عن الأطفال أعود إليهم.

    مجموعة قصص 2010

  • الكتابة للطفل مسؤولية كبيرة، فكيف تتحمل "كنينة دياب" هذه المسؤولية؟
  • ** تنمية قدرات الطفل عامل مهم في الكتابة وكذلك الخيال، لكنْ علينا أنْ نضعَ الطفلَ قريباً من الواقع وبعيداً عن العنف، فيكفي ما يشاهده أطفالنا من عنف في التلفزيون على مدار الساعة. وأنا ضد الأدب المستورد حتى لو أدى هذا الأدب إلى توسيع خيال الطفل كما يدّعون، فأنا لا أستطيع أن أتابع "هاري بوتر" الذي لم يترك شيئاً للطفل يتخيله أصلاً، والعديد من البرامج التي يعرضها التلفزيون في الوطن العربي ليست في مصلحة الأطفال حيث إن ضررها أكبر من نفعها.

  • كتبت للأطفال لإذاعة وتلفزيون دبي، وكانت تجربتك الأولى مع كتابة الأطفال، هل تحدثينا عن هذه البداية؟
  • ** طلب مني مدير برامج الإذاعة والتلفزيون في "دبي" الذي كان أطفاله يتابعون القصص التي أكتبها في "جريدة الخليج" في صفحة الطفل والمرأة، كتابة 90 قصة للأطفال بثت في تلفزيون دبي تحت عنوان "حكاية المساء" وقصص أخرى تحت عنوان "قصة الأسبوع". ثم قمت بإعداد وتقديم برنامج لإذاعة دبي أيضاً تحت اسم "براعم الغد" واستمرّت لدورتين إذاعيتين لكثرة ما نالت شعبية ومشاركات ومراسلات بين البرنامج والأطفال. واليوم صرت أمتلك عشرات القصص التي امتزج فيها الخيال بالواقع وتقدم لأطفالنا أدباً يربط أطفالنا ببيئتنا المحلية والعربية، إذ إنني حين أكتب القصة أضع في اعتباري أن يستطيع قراءتها ويستمتع بها أي طفل عربي في أي مكان، بحيث لا يتوه في الخيال ولا يبتعد عن الواقع فيضيع.

  • كيف يمكن أن يتأكد كاتب ما أن لديه موهبة في الكتابة للأطفال؟
  • ** حين أكتبُ، أضع الطفل بوصلتي الأولى. إذ كيف يمكن أن يفهم الطفل القصة، هل سيحبها؟ هل يستمتع بها ويفيد منها؟

    هذا هو اعتباري قبل أن أفكر بالكبار من قرّاء ونقّاد، إذ إن النقّاد يريدون وضع قوالب لقصص الأطفال ويملون تعليمات على كتاب الأطفال فيحبطون الصّغار والكبار. الأهم أن يكون داخل ذاتي طفولياً حين أكتب فأنسى الكبار، فكلّ كاتب يشعر داخله بمرح وبراءة الطفولة يكتب بصدق. والكتابة بصدق وشفافية هي موهبة الكتابة البسيطة الجميلة للطفولة.

  • كيف يمكن النهوض بثقافة الطفل؟
  • ** هناك اتجاهان في أدب الأطفال الأول يتجه صوب الخيال، والثاني يربط الخيال بالواقع، وأثبتت التجربة أن الأدب الخيالي المحض المبالغ به يتعب الطفل ويؤدي به إلى الهلاك أحياناً وكم من أطفال عرضوا أنفسهم للأذى بعد مشاهدتهم برامج وحكايات خيالية.

    أما الاتجاه الثاني الذي يربط الخيال بالواقع فهو الأكثر فائدة للطفل فالذي يعيش في الخيال دائماً عندما يكبر يصطدم بالواقع المر وعلى الكاتب أن يوغل في الواقع حتى يمكنه أن يسهم في بناء الطفل من الداخل.

    وأتمنى لو يكون لكل تلميذ نواة مكتبة في بيته، يتعود على القراءة من خلال قراءة الكبار له حكاية قبل النوم وتكون باللغة العربية الفصحى البسيطة الرقيقة، وبهذه الطريقة يتعود على سماع لغته الأم بطريقة جميلة سلسة، ويعتاد على وجود الكتب مرتبة على رفوف مكتبته الصغيرة ويحافظ عليها نظيفة مرتبة ويتباهى بما قرأ منها، أما جيل الصغار اليوم وحتى الكبار فنراهم يرمون كتبهم بعد الامتحانات إما في باحة المدرسة أو عند حاويات القمامة، لذلك يجب أن نعودهم على احترام الكتاب واحترام البحث عن المعلومة والمواظبة على ذلك.

  • ماذا تحب الكاتبة "دياب" أن تقول لمن يهتم بالأطفال؟
  • ** أدعو من القلب إلى الاهتمام بأدب الأطفال من خلال دعم المطبوعات والقصص الهادفة التي تنمي الخيال ولا تشطح به، وأن يكون بعيداً عن العنف والأفكار المستوردة التي تتنافى مع عاداتنا وتقاليدنا. وكذلك تقديم برامج تلفزيونية باللغة العربية السلسة مثلَ برنامج "هيا نقرأ" في الفضائية السورية، حتّى في ظل الظروف الحالية هناك الكثير مما يمكن قوله وشرحه للصغار، فلم لا نقدم حلقات للصغار لأنهم يسمعون الأخبار الموجهة للكبار ومنهم من لا يفهمها ومنهم من يتقمص شخصية الكبار وتضيع طفولته؟ هناك الكثير مما يجب قوله للصغار وشرحه كي يفهم معنى محبة الوطن ومعنى العيش المشترك ومعنى احترام الأديان والمعتقدات. يجب أن نربي الجيل على ما يدعم بناء الوطن والمواطن منذ الطفولة فأين مثل هذه البرامج في فضائياتنا، إذ يكفي ما ملّ من سماعه من المواد الحفظية من المعلمين دون تطبيق عملي.

    الصحفي "بسام نوفل" تحدث عن الكاتبة بالقول: «إنّ "كنينة دياب" تكتب للأطفال بنفس طفولي قريب من القلب، وحين تظهر كمترجمة فإنها تتقمص الشخصيات وتتكلم بلغتها».

    يشار إلى أن الكاتبة من مواليد جبلة اللاذقية 1948، تحمل إجازة في اللغة الإنكليزية وآدابها، وقد صدر لها إلى الآن في التأليف للأطفال:

    ـ حكايات قبل النوم

    -90 قصة للأطفال- دار الربيع للنشر- 2008م

    ـ فارس يودع الطفولة – من إصدارات اتحاد الكتّاب العرب

    وفي الترجمة:

    رواية ثلاثية للكاتبة الصومالية "وايريس دايريه" (فجر الصحراء 2007م، زهرة الصحراء 2008م، بنات الصحراء دار الحوار 2007-2008م.

  • مجموعة قصصية "حين يغني طائر الليل"- اتّحاد الكتّاب العرب ـ دمشق ـ 2008م.