تضع أشعارها أمامك وكأنها تقول لك خذ منها فرحي فقط، أما حزني فاتركه لي لأنه مفصَّل على مقاييسي الذاتية، فالمرء يهب كل شيء حتى روحه ولكنه أبداً لا يهب رداءه الذي يغطي جسمه.

هكذا تتحدث الكاتبة "أميمة إبراهيم" عضو اتحاد الكتاب العرب، في المجموعة الشعرية "نايات القصيدة.. غزالات الروح" التي أصدرتها مؤخراً، حيث كان لمدونة الوطن eSyria حوار مع بعض النقاد والكتاب بتاريخ 15/9/2012 ليتحدثوا لنا عن هذه المجموعة والأسلوب الذي تتخذه الشاعرة "إبراهيم" في كتابة القصيدة، والبداية كانت مع الكاتب والشاعر "مزاحم عبد الرحمن الكبع" حيث قال: «الشاعرة تحاول أن تختزل الحياة بعالم القصيدة، فتحسُّ من بين كلماتها وجعاً وحزناً مقيماً بداخلها، ربما سببه الوطن وما حلَّ به، وهي تعرض عليك أن تلقي بأحزانك وأرقك على كاهلها المتعب أصلاً "عن حزنك أراودك.. لا مثل زليخة.. بل كمريم أقايض تعبك وأمسح جراحك.. وألمُّ بأنامل الروح نثار أوجاعك"».

مازال هناك متحمسون للقصيدة النثرية، وما زال هناك كارهون متهجمون، وبرأيي هذا الجدل مهم ويجعل النثر مستمر وصامد

ويتابع "الكبع" حديثه قائلاً: «حين تبحر في نصوص المجموعة ستكتشف بأن القصائد لم تُكتب عن سابق الإصرار والنية في الكتابة، ولكنها كانت ردود فعل لأقوال قيلت لها أو أمامها، أو لحالات تمر بها، أو لأفكار تراودها، أو لأمنيات تتمناها، فتكون ردود أفعالها السريعة هي هذه المقاطع النثرية الرائعة التي بين أيدينا».

الشاعر مزاحم الكبع

ويضيف: «هي لم تغادر ولو للحظة آلام وأوجاع وطنها الذي هو الآخر لم يغادرها للحظة, فهي تنظر إلى ركام الأسى والبؤس الذي يلفه، ولكنها تبقى متمسكة ببصيص الأمل، تبقى بين الدمار والخراب تبحث عن الزهر الذي سيعيد له ألقه وبهجته، متمسكة بكل ما أوتيَت من عزيمة بوطنها باحثة عن الأمل رغم ركام الألم، فتقول "يا للبلاد أرقتها المواجع وفتت الحزن حجارتها السود.. يا للبلاد مازال فيها رغم السواد بعضٌ من بياض"».

أما الناقد والشاعر "خلف العامر" فيقول: «نايات قصيدة "اميمة إبراهيم" تركض مع غزالات روحها مكونة بوحاً خفياً ومعلناً في آن، فإشارات قوافيها بحجم إنسانيتها، يقلقها وجع الإنسان، وهذا جزء من بوحها المتأرجح ما بين وجع وحاجة لفرح نركض إليه فيهرب منا».

الشاعر خلف العامر

ومن جانبه الناقد "أحمد هلال" يتحدث عن الكتاب فيقول: «في هذه المجموعة تستوقفنا الكثير من الأشياء، ولعل أولاها حساسية هذه المغامرة الشعرية التي تنعكس حساسية تجربة، لا نقول إنها جديدة بل تجربة مستأنفة من تاريخ كتابة "اميمة إبراهيم" للشعر واصطياد غزالاته الموحية وبناء دلالاته العميقة والمحاولة والسعي لكتابة قصيدة الحياة».

ويتابع: «تكتب "إبراهيم" بوعي كامل لأدوات الشعر وبحرية تامة لا تقيدها الحدود بالجنس الإبداعي فهي لا تقول إنها تكتب قصيدة النثر ولا الومضة ولا قصيدة العمود، وإنما القارئ سيجد كل هذه الأجناس في هذا الديوان ما يعني أن بناء الدلالة التي تنشغل عليه الشاعرة هو بناء منتج لدلالة، وهذه الإنتاجية هي إنتاجية على مستوى جمالي باذخ يعنى بالصورة وبنائها، والمستوى الجميل في الكلام، أي تصطفي أشياءها من هذا العالم، فتختزل وترى ما تريد لتقول في نهاية الأمر إننا بالشعر نعيش الحياة، فالشعر يكتبنا، والشعر يؤلف هذا النغم المفقود في حياتنا».

الشاعرة أميمة إبراهيم

الشاعرة "اميمة إبراهيم" قالت: «أردت لقصائدي أن تكون عزفاً روحياً من مقام الحزن الذي يلون أيامنا، ومن مقام الفرح الذي يغسل أوجاعنا، ومن مقام الحياة، وهو عزف الروح وتغريد النبض».

وتتابع: «مازال هناك متحمسون للقصيدة النثرية، وما زال هناك كارهون متهجمون، وبرأيي هذا الجدل مهم ويجعل النثر مستمر وصامد».

وعن رأيها في تسمية "الأدب النسائي" قالت: «هذه التسمية غير صحيحة فالأدب ليس كنزة نسائية أو معطفاً رجالياً وليس له مقاسات وعارضات، هو إبداع، لوحات يبدعها أدباء سواء أكانوا رجالاً أم نساءً».

يشار إلى أن "نايات القصيدة.. غزالات الروح" مجموعة صدرت عن دار "دورا أوربوس" للطباعة والنشر والتوزيع بدمشق.

من المجموعة اخترنا قصيدة بعنوان "عند ضفافِ صوتِك" حيث تقول:

هذي الروح عطشى

والدرب إليها أمان

ياذا البوحِ الهاطل

أنغامَ حساسينَ

وخريرَ ماء

رشَّ على الجرح ملحاً

أو وِردَ صلاة

صبَّ في القلب حزنكَ

كي أغتسل من حزني

وأغفو عند ضفافِ صوتِكَ

ريحانةً أو شدواً وغناء.

يذكر أن للكاتبة أربعة مجموعات قصصية للأطفال هي: "كيف صارت الأحلام حكايا، أسرار الأم والقمر، على جناح قوس قزح، غيمة وأغنية"، ومن النصوص الشعرية واحدة بعنوان "مقام للحزن مقام للفرح".