يكتب الشاعر "خلدون بركه" القصيدة ليجسّد التاريخ والحياة برؤاه المسكونة بالأفكار عبر مخزون ثقافيّ ثري، ويقدم قصائده بأسلوب مميّز ولغة محبوكة.

بتاريخ 4/4/2012 التقى موقع eDamascus مع الشاعر، وكان الحوار التالي :

الشاعر "خلدون بركه" له حضوره وإبداعاته المميزة، يكتب بواقعية قصائده ليراها المتلقي قصائد تغني لصوت الريح والأشجار والينابيع وحكايات الزمن الذي نعيشه، ضمن مقطوعات تستحضر الأنثى بكل بهائها وتجلياتها، يبحث عن اكتشاف مفاتن الكلمة حين يرميها الشاعر في هواء عابق بالحنين والحب، أكثر ما يلفت النظر قصائد "خلدون بركه" إعادة صياغة الطبيعة بالحلم والغناء والموسيقا والألوان، وينقر في ظل مواجعنا بحثاً عن حلم مقهور، يكسر قوالب الشعر التي عرفناها فيجدد الشعر بأسلوبه، ليوازن من خلال التجديد عوالمه الصغيرة الممتدة نحو إرث ثقافي جمالي

  • كيف تحدثنا عن بداياتك مع التجربة الشعرية؟
  • من اصدارات الشاعر الحديثة "ذاكرة للحب"

    ** ابتدأت منذ المراحل الأولى من حياتي حين وجدت نفسي فجأة وبشكل غير مُدرَك موغل في عالم حسي جديد، لم أستطع الخروج منه إلى الأبد، هذا العالم الذي منحني أبجدية الإحساس بالجمال، كما منحني القدرة والجلد في البحث عن مكامن الجمال القابعة في أعماق الموجودات، وهنا كانت علاقتي الأولى مع المرأة العاصفة، المرأة التي قلبت كل شيء في وجهي، وأسميها هكذا لأنها كانت مثل عاصفة من جمالٍ ومن نور، ضربتني حتى آخر معاقل الروح، لتغرقني أبدا في بحار الجنون والشعر، لأبدأ في عالمٍ يعاني الكثير من التناقضات، برحلة لا أعتقد أنها تنتهي.

  • كيف تتعامل مع مادتك الشعرية؟
  • الكاتب "محمد زكي يوسف"

    ** لابد من الحديث عن الشعر لكونه ينتمي إلى عائلة الفنون الإنسانية، هذه الفنون التي واكبت نمو الوعي الإنساني منذ ولادته حتى الزمن الذي نعيش فيه فمع التطور البشري المتدرج، من مرحلة الحياة المشاعية إلى الحياة الرعوية، فالزراعية، وصولا إلى الثورة الصناعية ومفرزاتها الجديدة في الواقع، وبدء الإنسان بمرحلة الاستثمار الطبقي لأخيه الإنسان، كان لابد من آلية يعبر الإنسان من خلالها عن ذاته البشرية ككائن ينتمي إلى عالم الطبيعة وما تمنحه من خصوصيات، هذه الآلية تبوتقت بفنون متعددة ومبتدعة مثل الشعر، فهو التعبير اللغوي عن جميع المشاهدات المتنوعة في الطبيعة وفي اختلاجات الذات الإنسانية، ومن هنا لابد من التزام الشعر بصفته كائناً وجودياً بالتعبير الأخلاقي عن حال، فهو التزام أخلاقي بالدرجة الأولى تجاه الموجودات.

  • في مجموعتك الشعرية "وحل ومطر" تنوع واختلاف فبماذا تفسر هذا التنوع؟
  • ** في كتابي هذا حاولت التعبير عن كل متناقضات الحياة من أمل ويأس وحياة وموت وحب وفناء وغربة ووطن، حيث كانت قصائده تنتمي إلى الحقبة الأولى من حياتي، حين اصطدمت وبمرارة بواقعٍ غارقٍ في غياهب العبث وقشور الحياة العابرة، وحينها قررت المواجهة مع الذات أمام مجتمع قاس، في ظل غياب حقيقي لثقافة الإبداع والتجدد، فقررت أن أنوع في قصائدي فإما أن نغرق بوحل ومستنقعات الواقع، أو أن نغتسل بماء الحياة ومطر الخصوبة الأبدي من أجل عالمٍ أفضل.

  • لماذا جعلت من الحب البطل الحقيقي في مجموعتك الشعرية "ذاكرة للحب"؟
  • ** الحب هو الكائن الأفضل، كائنٌ متجدد بهي الطلعة قوي الحجة إنساني الانتماء، هذا الكائن الذي لولاه ما كنا، فلا غالب إلا الحب، هو سفيرنا الوحيد إلى الأبدية، والمخلّص المنتظر في عالم التناقضات الرهيب، هكذا ابتدأ الحب غريبا وغريبا سيعود، فطوبى للغرباءْ، ويبقى الحب بطل كل الحكايات.

  • ما تأثير دواوينك الشعرية عليك؟
  • ** أكثر ما يبعث على الحزن الحقيقي هو إحساسك بحزن الجمال الذي ما هو إلا أصدق تعبير عن توهج داخلي، فالحزن هو نار الشاعر الخالدة التي يحترق فيها ليضيء العالم، وما الحزن إلا آلية نتمرد فيها على الواقع، بحثا عن الفرح الحقيقي القابع في أعماق الذات الإنسانية.

  • ما هي مشكلات الشاعر العربي؟ ومشكلاتك أنت بالتحديد التي يمكن أن تؤثر على العملية الإبداعية بصفة سلبية؟
  • ** عانى الشعر العربي منذ ولادته من عدة أزمات، ارتبطت بحالة الواقع المعيش فيه وأزمتنا كشعراء هي أزمة مصارحات وخوف من المواجهة والتهرب من حقيقة الأشياء، وهو جزء من أزمة ثقافية عارمة نعيشها في مجتمعنا، وكثيرون هم حول التملق قليلون حول الحقيقة.

  • حدثنا عن تأثير عملك كطبيب أسنان على شخصيتك كشاعر؟
  • ** انعكست أحاسيسي كشاعر على حياتي اليومية والمهنية بشكل إيجابي، فحين يتألم المريض أتألم معه، ولا يغيب حضوري كشاعر في العيادة أبدا مع حضوري كطبيب معالج، فالذي يعالج بالعقاقير والأدوية، هو نفسه الذي يعالج بالكلمات.

    الكاتب "محمد زكي يوسف" يبدي رأيه بالشاعر "بركه" وبكتاباته الشعرية بالقول: «الشاعر "خلدون بركه" له حضوره وإبداعاته المميزة، يكتب بواقعية قصائده ليراها المتلقي قصائد تغني لصوت الريح والأشجار والينابيع وحكايات الزمن الذي نعيشه، ضمن مقطوعات تستحضر الأنثى بكل بهائها وتجلياتها، يبحث عن اكتشاف مفاتن الكلمة حين يرميها الشاعر في هواء عابق بالحنين والحب، أكثر ما يلفت النظر قصائد "خلدون بركه" إعادة صياغة الطبيعة بالحلم والغناء والموسيقا والألوان، وينقر في ظل مواجعنا بحثاً عن حلم مقهور، يكسر قوالب الشعر التي عرفناها فيجدد الشعر بأسلوبه، ليوازن من خلال التجديد عوالمه الصغيرة الممتدة نحو إرث ثقافي جمالي».

    جدير بالذكر أن الشاعر الطبيب "خلدون بركة" من مدينة "السويداء"، مواليد "جرمانا" ريف دمشق عام 1973 ومقيم فيها حاليا، حائز إجازة دكتور في طب الأسنان عام 1997، عمل في الإعلام الإلكتروني واهتم بشؤون المرأة والطفل.

    للشاعر ثلاث كتب شعرية تدور محاورها حول الحياة والحب والمرأة والوطن صدرت عن وزارتي الإعلام والثقافة.