"الشعر ديوان العرب" منه قرأنا تاريخهم وارتباطهم بالأرض والبيئة، وكذلك عشنا معهم الماضي المتمثل في قصائد شعرية نضحت بالصور والأغراض الشعرية، ورغم اختلاف الدراسات الأدبية وتعددها في الحقل الشعري القديم، إلا أنها لم تسلط الضوء على القضايا المرتبطة بعمق المضمون والوحدة الفنية للنص.

الأستاذ الدكتور "حسين جمعة" رئيس اتحاد الكتاب العرب في سورية وأستاذ الأدب القديم في "جامعة دمشق" تحدث لموقع edamascus عن دراسته "صورة الحيوان في الأدب القديم" فقال: «تعد إحدى بواكير أعمالي في دراسة الأدب القديم بتوجيه من أستاذي العلامة "أحمد راتب النفاخ" لقلة تناول الدارسين لصورة الحيوان وكونها دراسة شاملة ترتبط بالبلاغة الأدبية والنتاج الشعري منذ العصر الجاهلي حتى الحديث، لذلك انصبت دراستي لصورة الحيوان في الشعر القديم من الناحية الإنسانية الأنثروبولوجية مما فرض صعوبة في قراءة الأدب وتصنيفه إلى أقسام باختلاف تصوير الحيوان ووصفه الخارجي أو بحسب الباعث النفسي للشاعر، فكانت الصورة الشعرية ترتبط بحياة الشاعر من الترحال ونجوم السماء واستخدامها في معرض التورية والكناية، ولعل قيمة الحيوان وصفاته التي تميزه من السرعة والقوة خاصةً في الشعر الجاهلي أدت لتسمية بعض الأبناء مثل "نمر" و"فهد"».

تعد إحدى بواكير أعمالي في دراسة الأدب القديم بتوجيه من أستاذي العلامة "أحمد راتب النفاخ" لقلة تناول الدارسين لصورة الحيوان وكونها دراسة شاملة ترتبط بالبلاغة الأدبية والنتاج الشعري منذ العصر الجاهلي حتى الحديث، لذلك انصبت دراستي لصورة الحيوان في الشعر القديم من الناحية الإنسانية الأنثروبولوجية مما فرض صعوبة في قراءة الأدب وتصنيفه إلى أقسام باختلاف تصوير الحيوان ووصفه الخارجي أو بحسب الباعث النفسي للشاعر، فكانت الصورة الشعرية ترتبط بحياة الشاعر من الترحال ونجوم السماء واستخدامها في معرض التورية والكناية، ولعل قيمة الحيوان وصفاته التي تميزه من السرعة والقوة خاصةً في الشعر الجاهلي أدت لتسمية بعض الأبناء مثل "نمر" و"فهد"

  • ما الهدف من إظهار صورة الحيوان في دراستك.
  • د. حسين جمعـة

    **الهدف معرفة خفايا الشعر ومعتقدات الشعراء وارتباطهم بالحيوان كجزءٍ من البيئة التي يعيشون بها والموضوعات التي رفدت شعر القدماء عبر المقارنة بين شعر قبيلة "بني هذيل" وشعر "الصعاليك" بين التورية والتعزية عند "الهزليين" كما في شعر "الجاحظ"، في حين كان الصعاليك يصورون الضواري بوصفها مخلصةً أكثر من بني جنسهم.

    *في معرض الحديث عن صورة الحيوان ومكانته، هل تناولت موضوع عبادة الحيوان؟.

    في اتحاد الكتاب العرب

    **لم يكن مفهوم عبادة الحيوان شائعاً في الجاهلية على غرار بعض القبائل العربية مثل "الأسبديين" في عبادة الخيل، لكن ارتباط الحيوان بالمعتقد كان ببعض العادات كضرب الثور ليشرب البقر وغيرها من المعتقدات، هذه الصورة لا تعبر عن البيئة الحية بل شريكاً في الظواهر الاجتماعية وكأحد عناصر البيت الشعري.

    *اعتمدت في دراستك للحيوان على المشهدية وتتبع الأنواع والدلالات، حدثنا عن ذلك؟

    **إن تناول عدة أنواعٍ من الحيوانات في الجاهلية لم يكن عبثاً وإنما يحقق وحدةً فنيةً وفكرية ضمن إطار بنية القصيدة، إضافةً لما قدمه من أفكار ومشاعر، وكيفية الإسقاط وإدخال الحيوان، فكانت صورة الناقة والخيل والضواري، لذلك فهي مواضيع متداولة بين الباحثين باختلاف دراستهم للشعر القديم، فيذهب البعض إلى أن القصائد التي تناولت الناقة خلت من مشهد البقر الوحشي أو الثور، لأنها ارتبطت بصورة الأتن والحمر الوحشية، هذا فيما يتعلق بالوجود والمفردات، كما ارتبطت من الوجهة النفسية للشاعر، والوحدة الفكرية المقطعية لتشكل القصيدة كلاً متماسكاً.

    *المشهدية التي تناولتها في دراسة الحيوان، أين كان دور الخيل فيها؟.

    **حين نتكلم عن مشاهد فالحديث يرقى إلى حركة وارتباطات فنية وتناسب للأغراض الشعرية، لذلك دخلت الخيل في عدة مشاهد رئيسية من القصيدة القديمة منها الحرب والصيد والزهو والارتقاء كما في شعر "امرؤ القيس"، لكن ارتباطها ببعض الحيوانات داخل القصيدة وخاصةً البقر الوحشي، لم يؤثر على الدور الأكبر للخيل في حياة العربي الذي يفضلها في بعض الأحيان على الزوجة والولد، لذلك كانت الفروسية في العصر الجاهلي وما تبعه من العصور قيمةً بحد ذاتها، وكانت الخيل إحدى المقربات التي تحدثت عنها في الدراسة، كما تطرق بعض الشعراء ومنهم "الشنفرى" لاتجاهات جديدة في الشعر في رثاء فرسه "اليحموم"، ومن هنا نستدل أن وجود الحيوان في القصيدة دل على أغراض شعرية من المدح والفخر والرثاء وغيرها من الأغراض.

    *ما علاقة الذئب بالقصيدة الجاهلية؟

    ** ظهر ذلك في تحليل قصائد "المرقش الأكبر" لبيان علاقة الشاعر ببيئته الصحراوية، كما تم تسليط الضوء على الفوارق بين القصيدة الجاهلية وشعر الصعاليك الذين اتخذوه حيواناً أفضل من بني البشر، والحديث يطول عن الحيوانات التي تناولوها من الناقة والخيل والبقر الوحشي والذئب والنعام، إلا أنها كانت مسخرةً في وحدة البيت الشعري الذي يفرض وحدة الموضوع والمتمثلة بدورها في وحدة القصيدة.

    يشار إلى أن "مشهد الحيوان في القصيدة الجاهلية هو إحدى الدراسات الكثيرة التي تطرق لها الدكتور "حسين جمعة" في دراسة الأدب القديم نذكر منها: "الحيوان في الشعر الجاهلي"، "الملل والنحل للشهرستاني"، "الرثاء في الجاهلية والإسلام"، "مختارات من الأدب في صدر الإسلام"، "قراءات في أدب العصر الأموي"، "قصيدة الرثاء ـ جذور وأطوار"، "في جمالية الكلمة"، "ابن المقفع بين حضارتين"، "إبداع ونقد ـ قراءة جديدة للإبداع في العصر العباسي"، "البيئة الطبيعية في الشعر الجاهلي"، "شعرنا القديم ـ صورة ودلالة"، "كيفية قراءة النص الأدبي"، "نظرية التناص: صك جديد لعملة قديمة" ، إضافةً إلى عشرات الدراسات في النقد والأدب.