تنطلق التعابير عند الأديبة السورية "رزان أياسو" مكونةً قصائد شعرية تجري في قلوب الآخرين في عملية تفاعل فنية كان للكلمة والحس فيها عند الشاعرة القول الفصل، وكذلك فإن الشعر اللغة الثانية التي تتفق مع مشاعر الإنسان وعواطفه وهو فن العربية الأول دون منازع وهذه اللغة التي أتقنتها "أياسو" وخاضت في بحر مفرداتها تبحث فيها عن أي تركيب أو لفظ يعبر عما يجول في سريرتها.

قصدت "رزان أياسو" العاصمة البريطانية "لندن" بعد تخرجها من جامعة "دمشق" قسم اللغة الانكليزية مع زوجها وبقيت فيها، لكن الغربة لم تنل من همتها الأدبية في الشعر بل قوّتها، esyria تلتقي في 8/8/2009 الأديبة "أياسو" أثناء إجازتها السنوية التي تقضيها في" دمشق" لتقتطف بعضاً من سيرتها وقصّتها مع الأدب ممثلاً في الشعر والفن اللذين صقلا شخصيتها منذ الطفولة.

هي من مواليد مدينة "دمشق" تعلمت فيها وتخرجت من جامعتها من كلية الآداب قسم اللغة الانكليزية، بعد التخرج سافرت إلى "بريطانيا " مع زوجها، تسترجع "اياسو" تلك المرحلة بحنين وشوق بدا واضحين عليها كون تلك المرحلة شهدت أولى كتاباتها وعن ذلك تقول:

رزان اياسو

بعد إنهاء دراستي سافرت إلى "لندن" مع زوجي ولقد شهدت هذه المرحلة تطوراً كبيرا في كتاباتي أكثر من أي فترة سابقة وكانت الكتابة وسيلتي المفضلة للتعبير عن ما يدور بداخلي من مشاعر وأحاسيس خلقتها الغربة بداخلي من شوق وحنين وحزن وألم على فراق الأهل في فترة لم تكن وسائل الاتصال الحالية موجودة، وزوجي من ألهمني وامسكني رأس الخيط منذ البداية وطلب مني أن اعرض كتاباتي على ذوي الخبرة والاختصاص لإبداء الرأي فعرضتها على الأستاذ المتخصص في اللغة العربية "احمد المفتي" بعد أن أوصلني به صديق مشترك بيننا، ففاجأني باجاببته ورده على تلك الكتابات التي قال فيها بأنني امتلك روح الشاعرة وروح الشعر فضلاً عن الشاعرية بالكلمة والرهافة والموهبة، الأستاذ دفعني للأمام وحثني على المتابعة بعد أن كانت كتاباتي محدودة من قبلي ولم أتخيل أن تخرج لتنال إعجاب أصحاب الخبرة.

بعد هذه الشهادة القيمة التي حظيت بها "اياسو" وأعطتها دفعا معنويا إلى الأمام حثت خطاها سريعا وبدأت العمل أكثر على قصائدها بإغمائها بمفردات جديدة وتضمينها مشاعر وأحاسيس جيّاشة، فكان منها إصدارها الديوان الأول بعنوان "همسات جريئة" وحول ذلك تضيف:

من اصداراتها

الأستاذ "احمد المفتي" أعطاني الشرارة الأولى بالبدء والاستمرار وهو من عمل على إصدار ديواني الأول وبحكم التجارب البدائية لكل الأدباء فان الديوان لم يخلو من الأخطاء لكنني كنت معذورة كونها أول تجربة لي وكنت وقتها في العقد الثالث من عمري، بعد إصدار الديوان الأول كانت ردات الفعل جيدة وايجابية وبدأت بالندوات والأمسيات الشعرية في "سورية" و"بريطانيا " وأوجدت معجبين لكتابتي وهذا ما تم من خلال الحضور في تلك الأمسيات وهؤلاء من دفعني لإصدار الديوان الثاني عام 2004 في فترة عامان بين الديوان والأخر وهي فترة ليست طويلة ومناسبة وخلقت عندي شوق للكتابة أكثر .

تجمع "اياسو" في كتاباتها بين المشاعر التي تختلج روح الإنسان من حزن إلى غضب وردة فعل وفرح وشوق وحنين تعبر عن هذه المشاعر بكلمات تخطها على سطور مراعية تفاوت المعرفة والثقافة بين الجمهور وهذا ما تأخذه في كتاباتها على حد قولها :

إنني اخذ بعين الاعتبار بساطة اللغة وسهولة اللفظ وهذين العاملين من أهم العوامل التي تحكم كتاباتي، ولدي طموح بان أكون متميزة بنفسي دون أن أشبه احد وان أتميز بإحساسي المعبر عن تجربة شخصية أوصلها للآخرين واضعهم في الجو نفسه كأنهم هم من كتب هذه المادة، وانأ اكتب بإحساس واعتبر أن القراءة شيء مهم تزيد معرفتي وتصقل تجربتي وتطلعني على أفاق وعوالم أخرى.

تضع "أياسو" نفسها في موقع المرحب بالنقد الذي تتعرض له كتاباتها من أهل الاختصاص وفي ذلك تقول:

إنا مع النقد وهو لايزعجني لان كل شي في الحياة نسبي يحمل وجهان الصح والخطأ، السلب والإيجاب ،والناس لم يتفقوا على شيء واحد وهذا مايخلق التنوع في الحياة والاختلاف في الأذواق والنقد عامل بناء في الحياة وما يوجه إليً من نقد من مراقبين حول سلبيات معينة أحاول أن أتداركه في المستقبل، ومن يكتب عني اقدره لأنه يمنحني من وقته وكما يقال رحم الله امرءاً أهدى لي عيوبي، والى الآن أحاول التغير في كلمات كتاباتي لأنه لايوجد رضا كامل عن ذلك، ومن الخطأ أن يعتبر الشخص نفسه فوق التقييم لأنه لايوجد إنسان كامل، وأذكر في معرض الحديث بعض أنواع النقد الموجهة إلي كالابتعاد عن الشعر المقفى الالتزام بالشعر الحر الذي لا يقيدني بسطور وضوابط محددة.

"رزان اياسو" الأديبة والأم والزوجة وربة البيت هذه المهام كلها دفعتنا لسؤالها عن كيفية تنظيمها وقتها وخاصة أن الكتابة الأدبية بطبيعة الحال تحتاج إلى وقت مخصص والى صفاء الذهن ونقاء الفكر فتقول:

بصعوبة أوفق بين زوجي وأولادي وبيتي واسرق الوقت لأكتب ولايوجد عندي وقت محدد للكتابة ولاحتى طقوس حقيقية للكتابة كالغرفة الخاصة والمكتب، و الكتابة تبدأ عندما تأتي الفكرة التي تخلق من الخيال المحض أحيانا ومن الواقع أحيانا أخرى ومن الشخصيات التي حولي ولها تأثير علي، وأحيانا تأتي الأفكار من الحنين أو ردة فعل أو غضب، وبعض النصوص التي أكتبها تأخذ جهد مضني كون الفكرة لم تنضج في ذهني بعد أي أن الفكرة موجودة وكلمات التعبير غائبة والإحساس طاغي أكثر عندها أحاول إيجاد وسيلة التعبير المناسبة والمعبرة.

تقضي" اياسو" وقت إجازتها في دمشق بالتجوال وزيارة المراكز الثقافية للاطلاع على كل جديد في مجال الكتابة والشعر مع عقد الأمسيات في تلك المراكز، وكذلك الأمر في لندن فهي تعقد الأمسيات الشعرية بحضور الجالية السورية شخصيات من الجاليات العربية اللذين تتم دعوتهم عن طريق السفارة السورية والجمعية السورية في "لندن"، وهذا مايتيح للعرب الاطلاع على كتاباتها وشعرها وبالتالي الدخول في بوتقة الشهرة التي لاتسعى لها اياسو من مفهومها العريض بل من وجهة نظرها المتمثلة في التفرد والتميز وعدم تشابهها مع احد أدبيا.

تضفي "اياسو" على الحديث حنينا وتذكارا عندما تحكي قصة ولادة الشعر فيها وعندما تسرد الحدث الذي خلق الكتابة عندها منذ الطفولة حين كانت على مقاعد الدراسة التي شهدت طليعة تجاربها الأولى في مواضيع الإنشاء أو مايسمى اليوم مادة التعبير فتقول:

أنا بطبعي لست حركية وهادئة وغالبا ما أبقى في البيت وهذا ماحرك بداخلي الكتابة وان الهوايات الأخرى لم تستهويني فكتبت دون وعي لأنها طريقة تعبير المفضلة بيني وبين نفسي تعبيرا عن حزن شديد أو خيبة أمل أو حب جديد تحرك بداخلي، هذه العوامل مجتمعة تهز شخصيتك وتساعد على تكوين هويتك وأنا كتبت انطلاقا من هذا، ومواضيع التعبير كنت اخذ عليها درجة شبه كاملة وهذا ما اذكره عن كتابات تلك المرحلة والمعلمات دفعوني على الكتابة وسلطو الضوء علي لكن لم يكن ببالي أن اكتب أكثر وبما أنها هواية أمنة شجعتني عليها أسرتي واشتروا لي الكتب وخاصة والدتي التي لها فضل كبير في ذلك.

من إصدارات الكاتبة همسات جريئة 2004 وامرأة فوق الوهم 2006 وصوت في المدى 2008 والديوان الأخير الذي لم يختر له اسم بعد قيد الانجاز.