المنتدى الاجتماعي في "الطلياني" شهد توقيع الكاتب "أسامة الحويج العمر" مجموعته القصصية التي حملت عنوان (جميع الحقوق... غير محفوظة)، وهي تحمل السرد الحكائي بلوحة واقعية فنية، مقحماً بكثرة الجمل التكثيفية بلغة شاعرية ذات إيقاع مختلف بين الفينة والأخرى، مستخدماً أسلوب الحكاية والابتعاد إلى حد كبير عن لغة الحوار.

الدكتور "ماجد أبو ماضي" أستاذ الأدب في جامعة "دمشق" قال: تنتمي القصة القصيرة إلى مجموعة الأجناس الأدبية التي تحمل في مضمونها الهم العام والواقع الأليم لكثير من الأحداث والوقائع، لأنها الطريق الأقصر والأقرب إلى عاطفة الإنسان، خاصة وأنه يمتشق سيف العنفوان في زمن الركود الفكري والثقافي، ولهذا تبقى حقوق الذات في خزينة مغلقة لا يستطيع أحد معرفتها سوى من يخوض تجربة الإبداع، لأنه (الإبداع) الوسيلة الحقيقية للإفصاح عما يختلج في فؤاد الإنسان المعذب، إذ تراه يتمايل بجدولة الأيام متناسياً الصيغة الآنية بصورة تحمل معاصرة الشجن، لكن المعاناة ولدت لديه إبداع القصة القصيرة جداً من نوع خاص، تحمل الإبداع بمقام جملة فنية مكثفة، ولهذا فهو قاص يستهل مقدمته بمفاجأة ويختم القصة بمفاجأة ولكن ليس في أغلبيتها مفاجئة بل نتيجة للهموم الثقافية والاجتماعية، ولأنها أصبحت غير مفاجئة لدى المتلقي صار لزوماً على الكاتب أن يجد أسلوباً معاكساً كأسلوب الصورة الخاطفة في عصر الفضائيات.

وهنا يذكرنا الكاتب بالماضي عندما أقام المناضل الكبير فخري البارودي مشروعاً وطنياً ليقف في وجه الاستعمار الفرنسي آنذاك، وسمي "مشروع الفرنك" لما للفرنك من قيمة وطنية وأدبية، وقد يكون الكاتب وضع مشروعاً أدبياً سماه "الليرة" ليقف في وجه استعمار جديد ألا وهو العولمة، وقصصه تتمحور بين الخيال والواقع والفنتازيا، حاملة بين سطورها العظة الحسنة والإرشاد الذاتي بطريقة المخاطبة الوجدانية الفلسفية للذات، كما يكثر في بعضها صيغة الخبر الشيق.

أسامة يوقع كتابه

وبحضور جميل للأصدقاء والمهتمين بأدب القصة، وقبل أن يقرأ الكاتب باقة من قصصه قدم الدكتور أبو ماضي للمجموعة مشيراً إلى أن القاص "أسامة الحويج العمر" هو واحد من القصاصين الشباب الذين يتميزون بأدب القصص السردي والحكاية السردية إذ تراه ينتقي عناوينه منسجم بعضها مع بعض، ليجد منها قصة للمتلقي كأن يضع على سبيل المثال في الصفحة عنوان: "البحيرة" وفي الصفحة المقابلة عنوان: "ماء الروح" أو "الكرة الملتهبة" مقابل "مشهد مثير" أو "عربي أصيل" مقابل "نخوة الماضي" لعمري إنه أسلوب جميل وجيد في عملية استقطاب القارئ بطريقة التفكير الآني بالكلمة، بالإضافة إلى أسلوبه الفني ومعالجته للزمان والمكان والشخصيات التي يختارها في قصصه.

وأكد " د. أبو ماضي" بأن المجموعة بعضها يحمل الخيال الفنتازي وبعضها واقعي لطيف وفيها أيضاً بين الخيال والواقع، بالإضافة إلى الطرافة، والحكمة، والفلسفة، كقصته "المستنقع والجدول" فإنك تستخلص منها حكمة فلسفية.

باسم عبدو والمراسل

ومن بين الحضور الأديب "باسم عبدو" الذي قال لموقع eSyria: إن القاص "أسامة الحويج العمر" قاصٌ يعتمد على الحكاية في القصة والسرد الحكائي الجميل بلغة شعرية تنهض على مرتكزات المفارقة والمغايرة والصورة المتعاكسة، وهذا ما يؤدي إلى المتعة عند القارئ الذي يفاجأ في نهاية القصة، ومن صفات هذا القاص أيضاً التكثيف في الجمل وعدم الاستطراد والتوصيف المجاني، لذلك هو من القصاصين الشباب أنتج حوالي ثلاث مجموعات قصصية، وفي الوقت نفسه هو شاعر ولكنه نجح أكثر في كتابة القصة، وللقاص مستقبل في الساحة الثقافية والإبداعية السورية.

فقد تعمق القاص في عالم الرمزية ليربط الماضي بالحاضر كقصته مغامرات الليرة الذي يؤكد فيها على معاناة الليرة بطريقة التشويق الهادئ واضعاً فيها حالات الطفولة البريئة، مشجع تاجر الليرة،ومجسداً بطريقة الفنتازيا من الليرة حوارية جميلة مع الحياة الوجودية حينما وضعت في الدرج المظلم لتنتعش عبر حصالة النقود في حجرة الهاتف لتسمع صوت رجل يستنجد بالإسعاف لإنقاذ أمه التي عاودتها النوبة القلبية، لينتهي بالسعادة والفرح التي تغمر الليرة التي أحست بقيمتها وشعورها بأنه لا يمكن لأحد أن يستغني عنها وعودتها لممارسة واجباتها وهي تقفز فرحة بمعونة زملائها وزميلاتها من مختلف الفئات النقدية.

صورة المجموعة

وعلى هامش حفل التوقيع سأل موقع eSyria الكاتب عن مجموعته القصصية فأوجز باختصار وكثافة بقوله: بعد سنواتٍ من النزيف المتواصل المغلف بعشرات علامات الاستفهام، أكتشف أني مُتكئ على الزاوية الحادة للحياة.

وأشار قائلاً: استوحيت العنوان من واقع الإنسان العربي، والإنسان بشكل عام، إذ بتنا نشعر أن الحقوق تفتقد أكثر يوماً بعد يوم، بالإضافة إلى صراع الإنسان مع نفسه ومع الآخر الأكثر احتداماً، ولهذا قدمت مجموعتي التي تحمل العناوين الدالة على المعنى.

أخيراً يمكن القول إن مجموعة "جميع الحقوق... غير محفوظة" هي واحدة من الأعمال الأدبية التي تقرأ لأنها تتميز بسهولة الأسلوب السردي وهي ملأى بالتشويق الإبداعي والصور الواقعية الإنسانية والاجتماعية، فهي سوف تسد فراغاً في المكتبة العربية الثقافية.

تقع المجموعة في /220/ صفحة من قطع الوسط وضع فيها ما يقارب 136 قصة قصيرة وقصيرة جداً.