تعتز الأديبة سهام ترجمان بدمشقيتها وحبها لدمشق في كافة إصداراتها ومحاضرتها، وقد عبرت عن هذا العشق المستديم من خلال حبها لعبق الياسمين الدمشقي الذي ينمو على التربة الخصبة المروية من نهر بردى.

و في مجلدها(يا مال الشام)، قالت: "أنا من دمشق، بيتي دمشقي، فأين تسكن دمشق، نقرت على الأبواب، أسال، هل تسكن مدينتي هنا، وفتحت بيوت الشعر في دمشق وجبال لبنان والقاهرة وبغداد، وأذهلتني القصور الفخمة التي تعيش فيها مدينتي المدللة وفتنتني الأكواخ الهادئة المريحة التي تصيف فيها أثيرتي الحبيبة تحت عرائش الياسمين والورد البلدي والبنفسج والليلك تظللها الزهرة العطرة ومن وهج الشمس وترش عليها الكلمة الخالدة أكسير الحياة والديمومة، نقرت على الأبواب برفق أسال، أنا أحب مدينتي، فمن يحب معي مدينتي".

وفي محاضرتها الأخيرة الحاملة عنوان (الشام واللانهاية) التي ألقتها على مدرج جمعية خريج المعاهد التجارية في اتوستراد المزة، والتي أعلنت من خلالها على أنها المرة الأخيرة التي ستقف فيها محاضرة كونها ستتفرغ للتأليف والكتابة.

بينت الأديبة أن الشام ككل المدن ذات بداية ونهاية مؤكدة هذا العنوان بدليل وبرهان مستعرضة محورين هامين:

المحور الأول: دور ساحة المرجة في انطلاقة جيلها الوطني والفكري في النصف الأول من القرن العشرين عن طريق التحرر، ودور ساحة المرجة في حياة الوطن العربي وفي حياتها، قائلة: "إذا كان المركز هو قلب الدائرة وإذا كان خط الدائرة خط المسافر أبدا إلى اللانهاية فان دمشق هي قلب سورية اللانهاية، وإن كانت دمشق قلب سورية فان قلب دمشق هو ساحة المرجة التي يمر فيها شريان الحياة الأحمر وتحت المرجة يكمن العمق المائي لدمشق، وسوف تكون المرجة الحجر الأول في أساس العمارة الثقافية التي وصلت بها إلى الطابق الثامن والرقم ثمانية بعد الألفين في احتفالية دمشق عاصمة للثقافة العربية".

أما المحور الثاني فهو عن دور الفلسفة في يقظة فكرها وطرح الأسئلة الوجودية. فقد تركز على دورها كطفلة فيلسوفه منتقلة من مرحلة الطفولة إلى مرحلة الشباب إلى المستقبل.

استعرضت ترجمان تاريخ بداية دمشق في محاضرتها عن طريق كتاب (نزهة الإمام في محاسن الشام) لعالم القرن التاسع الهجري أبي البقاء عبد الله البدري. حيث أن الذي بنى دمشق هو غلام اسكندر المقدوني دمشقش الذي بلغ الشام وصعد على عتبة دمر ونظر إلى المكان الذي تقوم فيه دمشق فوجده واديا يخرج منه نهر وغيظة أرز.

كما أضافت قائلة: "من يبحث في تاريخ دمشق يجد أنها قد عرفت قبل عصر الاسكندر بكثير في سورية (333 قبل الميلاد)، فدمشق موجودة منذ الألف الثاني في زمن الفراعنة، وفي زمن المماليك الآرامية في الألف الأول قبل الميلاد".

وعن ورود اسم دمشق عبر التاريخ أشارت بأنها وردت في الحروف الهيروغليفية على جدار معبد الكرنك بين عامي (1167-1198) قبل الميلاد في حولية رمسيس الثالث، كما ورد الاسم في رسائل العمارنة في عصر الفرعون اخناتون وكنت تعرف باسم دومشكا، ثم ديمشكا، ثم تيمشكا، وفسر اسمها بالحروف الهيروغليفية بالأرض المزهرة، كما ورد الاسم أيضا في كتابات الرافدين بالحروف المسمارية وقد عرفت درمسق أو درماسوق أي الدار المسقية كما عرفت باسم دوماسكس أي المسك المضاعف لكثرة الزهور والعطور.

الأديبة الدمشقية سهام ترجمان ولدت في حي العمارة في دمشق عام 1932. خريجة جامعة دمشق كلية الآداب، قسم الفلسفة (1954- 1955).

عملت في الصحافة، وقدمت برنامجاً ثقافياً من إذاعة دمشق لفترة طويلة كان سبب شهرتها في الأوساط الأدبية في سورية وخارجها، وهي عضو جمعية النقد الأدبي.

ترجم كتابها الأول يا مال الشام إلى الانكليزية من قبل المستشرقة الأمريكية البرفسورة الدكتورة أندريارو " استاذ علم الانتربولوجي والسوسيولوجي في جامعة سيراكيوز نيويورك، ويذكر أن الكتاب يقع في ثلاث مجلدات. كما صدر لها كتاب آخر عن (المعتزلة) يتحدث عن دورهم ودور العقل في الفلسفة الإسلامية. وقد نالت على كتابها هذا شهادة الدكتوراه في الإبداع الفكري.‏‏