موهبتُها في التصميم الغرافيكي، وقدرتُها على تعزيز الدراسة الأكاديميّة بالجانب العمليّ، جعلاها تؤمنُ بتكاملِ العمل الفنيّ، وأن تقدمَ تصاميمَ معجونةً بروحِها، تسعى من خلالها لإيصالِ رسائلَ مجتمعيّة تطوّرت بالعمل التطوّعي.

مدوّنةُ وطن "eSyria" تواصلت مع المصممة الغرافيكية "فرح الفاخوري" بتاريخ 26 أيلول 2019 لتتحدث عن موهبتها فقالت: «بدأت موهبتي الفنية مع دراستي في مركز "أدهم اسماعيل" للفنون التشكيلية عام 2011، كنت حينها في الصف الأول الثانوي، وبعد حصولي على الثانوية العامة، انتسبت لكلية الفنون الجميلة، اختصاص التصميم الغرافيكي، وفي عام 2015 عندما كنت في السنة الدراسية الثانية بدأت بممارسة هذا المجال بشكل عملي، واخترته لأنه واسع الأفق، وفيه حرية مطلقة، ولسنا محدودين بمساحة معينة مثل الديكور، ولدينا دوماً مجالٌ مفتوحٌ لنبدع ما نشاء، إضافةً إلى ميلي لمجال (الأنيميشن تو دي). كما أقتدي في هذا العمل بالمحاضرين الجامعيين في الكلية "ميشيل سلوم"، و"عبد الناصر ونوس"».

هي من الشباب الطموح المثابر، صاحبة رؤية خلاقة، ومتجددة في مجال التصميم الغرافيكي، وينعكس ذلك على نتاج العمل المنجز، أهم ما يميزها الشغف، الحرفية، والدقة، وقد قدمت للعملاء أعمالاً متكاملة من خلال دراسة جميع أنواع الأفكار المراد تنفيذها معتمدةً على لغة بصرية وعقلية لإيصال الرسالة

وعن مراحل العمل تقول: «بعد طلب ملف تعريفي بالجهة التي تطلب التصميم، تبدأ مرحلة الفكرة والأساسات؛ ولمن هي موجهة، وما هو النمط والألوان التي سأستخدمها، وما النوع المستخدم؟ هل هو رسم توضيحي، أو تصميم ثنائي، أو ثلاثي الأبعاد، وما استخداماته، هل هي شخصية، أم لجهة معينة؟، ثم نضع عدّة أساليب أو احتمالات ممكن استخدامها كـ(فوتو) مونتاج، أو شعار، أو صورة، ثمّ نضع القياسات المناسبة، ويتم تعديلها ليخرج التصميم كما نريد، الفكرة مهما كانت بسيطة يمكن أن تكون قابلةً لأن تقدمَ بشكل جذاب جداً، وبعيدة عن الأفكار المعتادة، والمستخدمة أو التجارية، ليس انتقاصاً مما يعرض في السوق بل لأنّني لا أحبّ أن تشبه تصاميمي ما هو معروض، وأفضل أن أضع في التصميم شيئاً من روحي، من ذاتي، ليشبهني ويشبه ما أحبه، والفكرة التي أريد أن تصل للآخرين».

من أحد الفعاليات التطوعية المشاركة بها

وفيما يتعلق بمشروع تخرجها تقول: «فكرة "البعبع"؛ وهو فيلم قصير عن التنمر، حيث تتمحور حول الوهم أو الفعل والكلمة السيئة التي نوجهها للآخر، والتي تجعلنا نتحول بالنسبة له إلى "البعبع"، وقد تكون الكلمة عادية بالنسبة لنا، ومن باب المزاح، دون أن ندرك مدى تأثيرها السلبي عليه، بحيث يمكن أن تعيش معه وتهدده لأيام، وهنا قد يقول البعض إذن كلنا "بعبع"!، لكن في الحقيقة لابد أن تتحقق ثلاثة شروط ليكون الفعل أو اللفظ تنمراً وهي: أن يكون متكرراً، متعمداً، وأن يكون هناك انعدام للقوى والتوازن بين الشخصين، اخترت هذا الموضوع لأنّني شخصياً تعرضت له، وفي بداية العام تمّت استضافتي ببرنامج "المختار" مع الإعلامي "باسل محرز" للحديث عن الموضوع، والفيلم هو جزء من حملة توعوية أعدها تتمحور رسالتها حول نشر الوعي عن مشكلة التنمر الذي يمارس علينا ونمارسه كل يوم، ولا أحد يعيره انتباهاً بينما هو حقيقة أمر مؤذي».

وفيما يتعلق بالفعاليات التطوّعية التي شاركت بها، ونظرة المجتمع للتصميم الغرافيكي تقول: «شاركت مع صندوق الأمم المتحدة للسكان في فعالية "16 يوم لمناهضة العنف القائم على النوع الاجتماعي"، وقمت بتصميم الهوية البصرية للحملة، وفي "tedx youth"، بفعالية "tedx women"، وشاركت مع مبادرة "صناع التغيير"، وكنت متطوعة لفترة في فريق "الباحثون السوريون"، و"خليها فن"، و"I think" كمصممة فيها، وغيرها الكثير، وأجد أنّ هناك أهميةً كبيرةً لفنّ التصميم الغرافيكي في العصر الحالي، فكل ما حولنا من أجهزة يتدخل في صنعه فنانٌ أو مصممٌ غرافيكيٌّ، أو اختصاصيٌّ بالرسوم التوضيحية، وغير ذلك، فهذا الكلّ فيه فنٌّ بشكل ما، ونحن معرضون له و نتفاعل معه مهما كانت الشريحة العمرية، أو الخلفية التعليمية أو المجتمعية التي ننتمي لها، ومؤخراً ازداد الوعي حول كيفية تقديم الشركة أو المنتج أو كيف نقدم ذاتنا للآخر، ودوماً علينا الاستعانة بهذا المصمم ليحسن الصورة ويقدمها بطريقة أجمل، أو أكثر وضوحاً بلمساته لتكتمل الصورة المركبة ككل.

أثناء عرض مشروع تخرجها "البعبع"

ومن الصعوبات التي تواجهني عدم انتشار الثقافة الفنية في المجتمع بشكل عام، وعدم معرفة طبيعة عمل المصمم الغرافيكي، وبالتالي يستسهل ما يقوم به المصمم، خاصةً أثناء التعامل مع الزبائن الذين يجب أن يدركوا الغرض من التصميم والجمهور المستهدف، وأيّ نقص في المعلومات الخاصة بالتصميم ستضعف العمل».

من جهتها "نادين الهبل" مؤسسة شركة "ليموو تري ميديا ارتس" إحدى الزبائن المتعاونين مع "فرح" تقول: «هي من الشباب الطموح المثابر، صاحبة رؤية خلاقة، ومتجددة في مجال التصميم الغرافيكي، وينعكس ذلك على نتاج العمل المنجز، أهم ما يميزها الشغف، الحرفية، والدقة، وقد قدمت للعملاء أعمالاً متكاملة من خلال دراسة جميع أنواع الأفكار المراد تنفيذها معتمدةً على لغة بصرية وعقلية لإيصال الرسالة».

أحد تصاميمها

بدوره "ميشيل سلوم" محاضر جامعي في قسم الاتصالات البصرية في كلية الفنون الجميلة يقول: «التقيت "فرح فاخوري" في كلية الفنون الجميلة منذ حوالي عام، حيث كانت إحدى طلابي في السنة الرابعة في قسم الاتصالات البصرية، هي صاحبة شخصية ذات حضور لا يمكن تجاهله، تمتلك من الثقة والتركيز ما لا يملكه عادة طلاب في أولى مراحل حياتهم الفنية، لكن ما يميزها بشكل خاص هو أعمالها الغرافيكية خلال العام الدراسي، تمتلك عيناً غرافيكية، أعمالها تحمل وزناً بصرياً وتوازناً لونياً، والأهم قدرتها المستمرة على استخدام التايبوغرافيا كعناصر تزيد بشكل فوري من قيمة العمل البصرية».

وعن تميز مشروعها يقول: «هي إحدى الطلبة القلّة الذين كنت أترقب مشاريع تخرجهم، وكنت واثقاً أنّه لن يكون مشروعاً عابراً، ولم يأتِ مشروعها مخيّباً، وهو فيلم قصير يطرح مشكلة اجتماعية ذات صلة خاصة بها، وتمّ تنفيذه بجودة إنتاج عالية جداً، وهو ما لا يمكن قوله عادةً عن مشروع تخرج طلابي، وأعني بجودة الإنتاج: احترافية التصوير، الإضاءة، الإخراج وإيقاع العمل، ويضاف لذلك مقاطع "الأنميشين" التي تتداخل مع المشاهد في لحظات مدروسة لتزيد من ثقل الرسالة التي يحملها العمل، كلّ ذلك ساهم بالثقل العاطفي الذي يتلقاه المشاهد، وهذا الثقل يؤكد على فكرة المشروع الجوهرية، أنّ للكلمات ثقل، وتأثير عميق قد لا نشعر به خلال ساعات يومنا الطبيعية، وقد ندرك أنّنا أنفسنا كنا جزءاً من المشكلة التي يطرحها الفيلم، ونشعر للمرة الأولى بتأثير كلماتنا الخفي في الآخرين، هذه المراجعة الذاتية هي الهدف الأول من وراء "البعبع"، وقد نجحت بالوصول إليه بشكل باهر».

يذكر أنّ "فرح الفاخوري" من مواليد "دمشق" عام 1996، تخرجت مؤخراً من كلية الفنون الجميلة بجامعة "دمشق".