بشغف كبير لعالم التصميم الغرافيكي، استطاعت "كريستين جبران" أن تعززَ موهبتها بالدراسة الأكاديمية، والدورات التدريبية التي جعلتها تتمتع بنظرة فنية خاصة، وأن تخلقَ لنفسها أسلوباً مختلفاً تعبر من خلاله عما يدور حولها، وتقدم للمتلقي رسائل إنسانية عن الطفولة والسلام من خلال الفن.

مدونةُ وطن"eSyria" تواصلت مع "كريستين جبران" بتاريخ 13 تموز 2019، لتتحدث عن موهبتها واختيارها لهذا المجال، فقالت: «لمست ميلي للفن في سن مبكرة جداً، وقبل دخولي المدرسة كنت أحاول أن أرسم كل ما أراه حولي، لفت ذلك انتباه عائلتي التي شجعتني على الدخول في هذا المجال فيما بعد، منذ ذلك الحين بدأت أستمر في الرسم و تطوير أسلوبي عاماً بعد عام، فأحببت جميع أنماط الفن، وقبل دخولي الجامعة بدأت أميل إلى التصميم الغرافيكي وبدأت بممارسته منذ عام 2013، وكان الانتساب إلى كلية الفنون الجميلة هو حلمي الذي انتمي إليه، وفي السنة الأولى درست جميع الأقسام، لكن قررت أن أكمل كمصممة، بسبب ارتباط هذا القسم بالأقسام الفنية الأخرى، ولأنّه عالمٌ واسعٌ وغير محدود من التقنيات والأفكار، ويمكن للتصميم أن يكونَ همزةَ وصل ولغةً بسيطةً للتواصل مع المجتمع، كما شعرت أنّه باستطاعتي أن أقدمَ ما هو متميزٌ وفعالٌ في هذا المجال، وهناك الكثير من المصممين العالميين الذين اعدّهم قدوة ومرجعاً لما وضعوه من ضوابط وأساسيات في التصميم مثل "بول راند"، "باهاوس سكول"، وغيرهم».

أعرفها منذ ثلاث سنوات، بدأنا العمل معاً في إحدى المبادرات، تتميز بالذوق والصبر في التعامل مع الزبائن، وقامت بتنفيذ أكثر من تصميم خاص بي، لديها لمسة خاصة، كما تتميز بنظرة فنية مختلفة للتفاصيل الفنية التي تخلق من خلالها مزيجاً يجمع بين النمطين الشرقي والغربي

وفيما يتعلق بمراحل عمل تصميم معين، تتابع قائلة: «مهما كانت طبيعة التصميم سواء كانت محتوىً بصرياً، أو مطبوعات، أم إعلانات فجميعها تحتاج إلى ما يسمى قواعد أساسية لتحقيق الهدف الأساسي من التصميم، قبل البدء فعلياً بالعمل نحتاج إلى خارطة ذهنية، إذ يساعد وضع الخرائط الذهنية على ترتيب الأفكار ووضوحها، لأنها تحتوي على فكرة التصميم ومفهومها، والغرض من التصميم، ولمن يوجه، والألوان المحتملة ودلالتها، ورسم أولي لتصميم (سكيتش)، ثمّ علينا التركيز على المحاذاة أي وضع العناصر على مستوى واحد، وهي عنصر أساسي في التصميم، لأنها تساعد على خلق مظهر مرتب من خلال ضمان اتصال العناصر ببعضها، كما تعمل على إزالة الفوضى والهشاشة من التصميم، ثم علينا التركيز على التسلسل الهرمي للعناصر حيث يمكننا من خلاله إعطاء وزن مرئي لأهم رسالة فيه، ويساعد التباين أيضاً في توجيه عيون المشاهد إلى أهم العناصر، ولا تقل أهميه التوازن في التصميم عما سبق لأنه بالتوازن يصبح أكثر بساطة واحترافية، أما بالنسبة لاختيار الألوان فمن الضروري الاطلاع على دلالاتها، وتأثيرها في المتلقي، واختيار الأنسب لفكرة التصميم وكذلك أيضاً بالنسبة للخطوط».

شهادة تكريم من الإسكوا

وتتابع قائلةً: «هناك عدة معايير في اختيار فكرة التصميم، تعتمد بالدرجة الأولى على تأثيرها على المتلقي، والحاجة إلى طرحها، كاختياري لمواضيع إنسانية في المعرض الأخير، لأنني أؤمن بأنّ هدف الفن بالمقام الأول إيصال رسالة معينة للمجتمع والاتصال معه، كما تتنوع رسوماتي بين التعبيرية، الواقعية، والغرافيك».

وعن مشاركاتها وتفاعل المجتمع مع تصاميمها تقول: «شاركت بعدة معارض كانت اللوحات فيها مصنوعة بتقنية الكولاج، وهي تقنية مرتبطة بالتصميم الغرافيكي، ومنها معرض "بدايات" في "دمشق" عام 2015، ومعرض "سكيتش لأجل سورية" الذي حصلت فيه على تكريم من منظمة "الإسكوا"، والذي أقيم في "إيطاليا"، جامعة "الفنون" عام 2016، وأقمت معرضاً فردياً في "المركز الوطني للفنون البصرية" عام 2018، وشاركت بمعرض في "مانشستر" عام 2019، وأجد تفاعلاً مجتمعياً مع هذا المجال، لأن التصميم مرتبط بكل المجالات، وكل فرد منا يصادف يومياً تصميماً ما، يتلقى من خلاله فكرة معينة، ونشهد اليوم تطوراً كبير بتقنيات العرض، الطباعة وبالأفكار المقدمة، هناك حاجة إلى الغرافيك ديزاين لأهميته في التسويق الرقمي، إضافة إلى أهميته اقتصادياً ومجتمعياً، نحن كبشر نشكل آراء أولية في غضون ثواني، لذلك هدف التصميم أن نشكل آراء إيجابية حول ما نتلقاه».

من معرضها الفردي

وعن الصعوبات التي تواجهها في العمل تتابع قائلةً: «هناك مصاعب عديدة يواجهها أغلب المصممين، وأكثرها شيوعاً هي تصميم ما يطلبه العميل، كما يتصوره هو حتى لو كان غير مطابق للمعايير المعتمدة، وأيضاً تلقي عدة آراء في التصميم الواحد ما يجعل التصميم بعيداً عن أسسه الصحيحة، وهناك مشكلة تتعلق بما أصبح عليه المصممون الآن من عمل تصاميم تلائم تجار السوق، وميزانيتهم، بغض النظر إن كانت صحيحة من الناحية البصرية والفنية أم لا».

بدوره "عبد الرحمن فخري" أحد الزبائن المطلعين على فن "كريستين"، قال: «أعرفها منذ ثلاث سنوات، بدأنا العمل معاً في إحدى المبادرات، تتميز بالذوق والصبر في التعامل مع الزبائن، وقامت بتنفيذ أكثر من تصميم خاص بي، لديها لمسة خاصة، كما تتميز بنظرة فنية مختلفة للتفاصيل الفنية التي تخلق من خلالها مزيجاً يجمع بين النمطين الشرقي والغربي».

من أعمالها

من جهتها "فرح الفاخوري" مصممة غرافيكية تقول: «أعرف "كريستين" منذ أربع سنوات تقريباً، تتميز تصاميمها سواء أكانت "لوغو"، أو "بوستر"، بأنها تروي قصة معينة، تحمل شيئاً من روحها، وتعبر عن ذلك بالألوان التي تستخدمها، ويمكن للمتابع أن يرى شخصيتها منعكسة في تصاميمها، لا تخاف من الخوض في التجارب الجديدة، وتحاول أن تقدم ما هو جديد بأسلوب مبتكر، وتواكب كل ما هو حديث بهذا المجال من الناحيتين الفنية والتقنية، وتجد الجمال بأبسط الأشياء، وقسم كبير من لوحاتها في الكولاج يحمل رسائل هادفة عن الطفولة والإنسانية، تستوحي أفكارها مما يدور حولنا في المجتمع، وتلامس بأعمالها مشاعر المتلقي».

يذكر أن "كريستين جبران" من مواليد "دمشق" عام 1996، حاصلة على عدة شهادات في مجال الفن منها شهادة إنجاز وتكريم في مبادرة "سكيتش لأجل سورية" من جامعة "إيطاليا" للفنون، وشهادة في تاريخ التصميم الغرافيكي، وأخرى في الفن الحديث والأفكار، وشهادة في العلاج عن طريق الفن، وشهادات تدريبية أخرى، تعمل على مشروع تخرجها من قسم الاتصالات البصرية في كلية الفنون الجميلة أيلول القادم.