تمكّن طلاب من قسم الهندسة الطبية بجامعة "دمشق" من تطوير هيكل روبوتي خارجي مقاد بالعضلات الهوائية، عن طريق أمر من الدماغ يؤمن مرونة الحركة لمن يعانون الشلل بالطرف العلوي أو يحتاجون إلى دعم، ليعدّ مشروعهم نواة لأول جهاز عصبي لطرف صناعي في العالم.

مدونة وطن "eSyria" تواصلت بتاريخ 5 تشرين الثاني 2018، مع "سارة هشام معتوق" المشاركة بتنفيذ المشروع، فحدثتنا قائلة: «بما أن دراستنا في الكلية توجهها إنساني لدعم الأطراف، اخترنا تصميم طرف صناعي مقاد بالتفكير عن طريق إشارات الدماغ. على التوازي، قمنا بتصميم كفّ يؤمن القبض والبسط لليد، والقدرة على مسك الأشياء. التحكم بهذا الكفّ كان من خلال خيوط موضوعة على أصابع الكفّ يتم شدها بواسطة محرك، فيتم تنفيذ القبض، أما تنفيذ البسط، فكان من خلال مطاط مبسّط يوضع على سطح الكفّ، لإرجاع اليد. في البداية كان هناك الكثير من الصعوبات التي كانت محض تأخير في الإنجاز، ومنها عدم توفر القطع الإلكترونية وغلاء ثمنها والحاجة إلى طلبها من خارج القطر، إضافة إلى الحاجة إلى تعلّم لغة برمجة جديدة للتعامل مع دارة المعالجة وغيرها من الصعوبات الكثيرة، لكن الثقة والتصميم على الوصول كانا الدافع الأقوى للإنجاز، ومساعدة أساتذة القسم الذين لم يبخلوا في تقديم أي معلومة؛ وهو ما جعل المشروع ناجحاً ومتكاملاً».

اجتمعت أنا وزملائي وقمنا بتقسيم العمل ووضع الأولويات للوصول إلى الهدف. تسلمت القسم الإلكتروني من انتقاء العناصر الإلكترونية والمعالج اللازم، إضافة إلى تصميم الدارات الإلكترونية اللازمة لاقتباس إشارة الدماغ ودارات الربط بين الوحدات الوظيفية ودارات تكييف الإشارة التحكمية والحسّاس الزاوي

بدوره المهندس "نبراس أبو الذهب" المشارك بالمشروع حدثنا عن فكرة المشروع وآلية العمل، فقال: «ولدت الفكرة انطلاقاً من الحاجة إلى استعادة حركة الإنسان أو دعمها، ولأن الأطراف الصناعية المتوفرة محدودة وصعبة التحكم، وخصوصاً للمرضى الذين يعانون من إصابة بليغة في النخاع الشوكي. فإن مشروعنا يقدّم الحل الأمثل؛ من خلال دمج تقنيات واجهة الدماغ والحاسوب والأطراف الصناعية الذكيّة والعضلات الصناعيّة؛ بهدف دفع الأطراف الصناعيّة نحو جيل جديد ومتطور. يتم اقتباس إشارة الدماغ بواسطة إلكترودات، ثم معالجة هذه الإشارة بواسطة دارة خاصة وإدخالها إلى خوارزمية ذكاء صنعي لتقوم باستخلاص خواص هذه الإشارة، ثم تصنيفها، كانت دقة التصنيف 80%، وتعدّ دقة جيدة جداً. تنقل هذه الإشارة إلى صمام هوائي تناسبي، ثم إلى العضلات الصناعية التي تحرك الطرف الصناعي. مشروعنا يعتمد دمج تقنيات واجهة الدماغ والحاسوب والأطراف الصناعية الذكيّة والعضلات الهوائيّة الصناعيّة معاً لتكوين نواة لأول جهاز عصبي لطرف صناعي في العالم».

تكريمهم بمسابقة الاختراع لحصولهم على المركز الأول

المشارك بالمشروع المهندس "محمد شفيق النحاس" المهتم بتطوير أنظمة التشخيص المحوسب والرعاية والدعم الطبي الآلي والذكاء الصنعي بوجه عام، قال: «القسم الذي عملت فيه هو قسم الذكاء الصنعي وواجهة التخاطب بين الدماغ والحاسوب واقتباس إشارة الدماغ، إضافة إلى المشاركة وإبداء الرأي والتعاون بكل أجزاء المشروع. احتجنا إلى اقتباس إشارة الدماغ وبناء قاعدة بيانات من عدد من الاقتباسات لإشارة الدماغ، ثم المعالجة الإلكترونية والبرمجية الأولية لإشارات الدماغ الكهربائي لتنقيتها من الضجيج. ثم مرحلة الذكاء الصنعي التي تتألف من شقّين: الأول: استخلاص خصائص زمنية وترددية من الإشارات تعبّر عن مضمون الإشارة (الفكرة) بطريقة عددية. ثانياً: تدريب نموذج رياضي قادر على ترجمة إشارات الدماغ اعتماداً على الخصائص المستخلصة. وبذلك فأسلوب التحكم بالطرف الصناعي مشابه لأسلوب التحكم بالطرف الطبيعي».

بدورها المشاركة في المشروع "رهام ضايع" حدثتنا عن دورها فقالت: «عملت على جزء التصميم الميكانيكي. بدأنا بدراسة واقع الأطراف الصناعيّة والتكنولوجيا التي تعتمدها، ثم تحديد النقاط التي علينا تعلّمها لنكون قادرين على بدء تنفيذ المشروع. في السنة التي تلتها بدأ العمل الفعلي وقمنا بتنفيذ نموذج اختبار للتحكم بالعضلات الهوائيّة الصناعية، وكانت هذه التجربة الأولى في استخدام العضلات الهوائيّة الصناعيّة في "سورية". تمّ تصميم الطرف والعضلات الهوائية الصناعية التي تتميز بتشابهها مع العضلة الطبيعية في خواصها الديناميكية وآلية التقلّص، إضافة إلى خفّة وزنها، وتعدّ مثاليّة للاستخدام في تحريك الأطراف الصناعيّة. تنتقل حركة العضلة الصناعيّة الخطيّة إلى حركة دورانيّة في مفصل المستخدم من خلال آلية المزدوجة العضليّة المتضادّة. يؤمن الطرف الصناعي حركة سلسة ومرنة لراحة المريض؛ وذلك بتحريك الطرف المشلول والمحتاج إلى الدعم. تمّ تصميم الطرف الصناعي اعتماداً على علم القياس البشري وعلم الميكانيك الحيوي وعلم دراسة القوى والممانعة الميكانيكيّة.

هيكل روبوتي خارجي مقاد بإشارات الدماغ لمرضى شلل الطرف العلوي

يتميز هذا المشروع عن غيره لكونه يعمل بالاعتماد على إشارة الدماغ وتكامل مجالات متعددة من العلم».

المشارك بالمشروع "علي كنجو العرجه" حدثنا عن عمله وقال: «اجتمعت أنا وزملائي وقمنا بتقسيم العمل ووضع الأولويات للوصول إلى الهدف. تسلمت القسم الإلكتروني من انتقاء العناصر الإلكترونية والمعالج اللازم، إضافة إلى تصميم الدارات الإلكترونية اللازمة لاقتباس إشارة الدماغ ودارات الربط بين الوحدات الوظيفية ودارات تكييف الإشارة التحكمية والحسّاس الزاوي».

مشاركتهم بمعرض الصيدلة

الأستاذ المساعد في قسم الهندسة الطبية في كلية الهندسة الميكانيكية والكهربائية المشرف على المشروع الدكتور "زهير مرمر"، يقول: «المشروع عبارة عن تطوير آلية روبوتية تساعد في تحسين أداء الطرف العلوي لدى المشلولين، ويمكن تطوير هذه الآلية للتحكم بالطرف الصناعي العلوي لدى المبتورين، يكمن المبدأ في استحصال إشارة الدماغ الكهربائية، ثم معالجتها واستخدامها في التحكم بالذراع عن طريق الحاسوب والعضلات الصناعية الهوائية المصنعة محلياً. أهمية المشروع تكمن في العدد الكبير من المرضى الذين سيستفيدون منه، وإن تطوير وإنتاج هذه التقنية محلياً سوف يجعلها متاحة لكل من يحتاج إليها وبتكلفة مناسبة جداً، وواجهنا صعوبات في تأمين بعض العناصر الأساسية.

أظهر الطلاب تميزاً عالياً عند تنفيذ المشروع، وذلك من خلال العمل الدؤوب والتعاون الكبير والفكر العلمي المتفتح، وهنا تجدر الإشارة إلى تميز الطالب "نبراس أبو الذهب"، الذي استطاع أن ينسق بين أفراد المجموعة من خلال خبرته وأسلوبه الهادئ وأخلاقه العالية، والمهندس "حسان الإمام" الذي قدم لنا خبرته في أكثر من مرحلة من مراحل العمل».

يشار إلى أن إنجازات فريق العمل هي مشاركته في سباق المشاريع التقنية Wikilogia Hackathon برعاية "الجمعية العلمية السوريّة للمعلوماتية"، واستطاع الفريق الفوز بالجائزة الأولى في مسار الذكاء الصنعي متفوقاً على منافسيه من طلاب كلية الهندسة المعلوماتية المختصين في مجال الذكاء الصنعي. وشارك في المؤتمر الصيدلاني الأول للإبداع والاختراع تحت عنوان: "أبدع"، بالتزامن مع اليوم العالمي للملكية الفكرية في جامعة "دمشق"، كلية الصيدلة.

شارك أيضاً في مسابقة الاختراع Bright Inventors برعاية "الجامعة السورية الخاصة"، واستطاع الفريق الفوز بالجائزة الأولى متفوقاً على أكثر من 500 فكرة واختراع، إضافة إلى حصوله على المركز الأول في معرض "الباسل" للإبداع والاختراع لهذا العام بدورته الـ60.

يذكر أن الطلاب خريجو الهندسة الطبية والحيوية، المهندس "نبراس أبو الذهب" من مواليد "الرياض" عام 1995، المهندس "حسان الإمام" من مواليد مدينة "دمشق" عام 1987، حاصل عل درجة الماجستير في هندسة التصميم الميكانيكي عام 2016، المهندس "محمد شفيق أحمد زكي النحاس" من مواليد "الرياض" عام 1994، المهندسة "رهام نضال ضايع" من مواليد "دمشق" عام 1995، المهندس "علي كنجو العرجه" من مواليد "دمشق" عام 1995، المهندسة "سارة هشام معتوق" من مواليد "دمشق" عام 1996.