لبّى رغبته ووضع التفوق هدفاً فبلغه؛ لطالما عرف المهندس "غدير الميكائيل" خريج المعهد "العالي للعلوم التطبيقية والتكنولوجيا" بأنه بعد خمس سنوات من الجد والمثابرة والتعب سيحصد التفوق بجدارة؛ فكان الأول على دفعته بمعدل 89.5%.

مدونة وطن "eSyria" تواصلت بتاريخ 5 كانون الأول 2017 مع المهندس "غدير الميكائيل"، الذي اختار دراسة "الميكاترونكس" بقرار شخصي، على الرغم من ضغط المحيطين به لاختيار فرع طبي، إلا أنه كان واثقاً من أن الفرع الذي سيدرسه هو الفرع الذي يستهويه منذ الطفولة ويلبي طموحه، وعن بدايات طريقه الهندسي قال: «منذ أن تقدمت للدراسة بمركز المتميزين كنت أدرك أن ميولي هندسية، وأن هذا المكان سيعزز من إمكاناتي العلمية كطالب في المرحلة الثانوية، وبعد أن حصلت على الشهادة الثانوية -نحن كخريجي مركز المتميزين- أتيحت لنا العديد من الاختصاصات الجامعية التي تتناسب مع ما تلقيناه من علم ومعرفة، منها دارسة العلوم الطبية الحيوية، أو علوم تقانة الليزر في جامعة "دمشق"، أو هندسة الميكانيك في جامعة "تشرين"، إضافة إلى الاختصاصات الموجودة في المعهد "العالي للعلوم التطبيقية والتكنولوجيا". وبما أنني أهوى هندسة "الميكاترونيكس"؛ لأنه اختصاص يدرس الآلات من عدة نواحٍ؛ الميكانيك، والدارات الكهربائية والإلكترونية، والبرمجة، والهدف أن تصبح الآلة ذاتية القيادة ضمن بيئة وشروط محددة، وأنا شغوف بهذه المجالات، اخترت الدراسة بالمعهد العالي الذي يعد بيئة علمية مناسبة للتعلم، علماً أن المحيطين بي حاولوا ثنيي عن هذه الرغبة لقناعتهم بأفضلية المجال الطبي، لكنني تعلمت أن أفضل مجال للإنسان ليبدع هو المجال الذي يحبه ويلبي طموحه».

التفوق حافز للمتابعة والتقدم بالحياة، فإضافة إلى شغفي بهندسة "الميكاترونيكس"، لدي قناعة بأن السنوات الخمس من الدراسة والجد ستمثّل حجر الأساس بمسيرتي المهنية

وتابع قائلاً: «وظّفت حبي للبرمجة وشغفي بالميكانيك والتعامل مع الآلات بطريقة إيجابية ومبتكرة من خلال المشاركة بمسابقات أولمبياد الروبوت العالمي والمسابقة البرمجية، فهي تخلق جواً من التحدي الإيجابي؛ وهذا عامل مفيد؛ إذ يدفعك لتخرج من إطار التفكير العادي، وتذهب لإيجاد حلول إبداعية للمشكلات التي تواجهك ضمن وقت زمني محدد وشروط معينة، وتدعم معلوماتك النظرية بتطبيقات على أرض الواقع، إضافة إلى إمكانية العمل كفريق، وفي الوقت نفسه هناك جانب ترفيهي. لقد شاركت بمسابقات البرمجة وتأهلت على مستوى "سورية"، لكن لم أستطع المتابعة؛ لأنه كان علي الاختيار بينها وبين مسابقة الروبوت حتى لا تتأثر دراستي بالمعهد، واخترت مسابقات الروبوت؛ لأنها تساعدني بدراستي النظرية؛ إذ تشمل الميكانيك والإلكترونيات والبرمجة، وحصدت الذهب أنا وأعضاء الفريق بالمسابقات الوطنية، وتأهلنا إلى العالمية أكثر من مرة».

من حفل التخرج

وعن طريق النجاح والتفوق، تابع: «التفوق حافز للمتابعة والتقدم بالحياة، فإضافة إلى شغفي بهندسة "الميكاترونيكس"، لدي قناعة بأن السنوات الخمس من الدراسة والجد ستمثّل حجر الأساس بمسيرتي المهنية».

وعن الدراسة والطريقة التي اتبعها، قال: «المناخ العلمي الذي يوفره القائمون على المعهد من أساتذة وإداريين يشعرك بأن الواجب الوحيد المطلوب منك هو الدراسة، وكان لا بد من المتابعة اليومية؛ فالضغط الدراسي كبير، وهناك ثلاثة فصول دراسية موزعة على مدى سنة كاملة بمعدل 8 مقررات دراسية في الفصل الواحد، إضافة إلى القسم العملي؛ أي نحو 24 مقرراً في العام، وهذا الكمّ يعطى لطلاب الجامعات خلال سنتين. فأيام العطل كانت معدودة، وأطول عطلة كانت لمدة أسبوع بين فصلين دراسين، إضافة إلى العطلة الصيفية مدة شهرين. وجدت وقتاً للمشاركة بمسابقات الروبوت والمسابقات البرمجية التي كنت أعدّها نزهة علمية ترفيهية؛ فهي باب من أبواب النجاح؛ إذ تفسح المجال لابتكار حلول للمشكلات المطلوبة لتحقيق نتائج معينة، وتعزز الجانب العملي للطالب».

أولمبياد الروبوت العالمي

بدوره الدكتور "أحمد المالح" معاون رئيس قسم النظم الإلكترونية والميكانيكية في المعهد "العالي للعلوم التطبيقية والتكنولوجيا"، الذي رافق "الميكائيل" طوال السنوات الخمس، قال: «لدى "غدير" إمكانيات علمية متقدمة، فهو يمتلك مواصفات المهندس التقني الناجح، والباحث العلمي لأحدث الأدوات التي تمكنه من إيجاد الحلول ووضع سياسة واضحة لجدول العمل للمهمة التي تناط به. وقد صمّم يداً روبوتية كمشروع أولي، وطائرة ذات مواصفات عملياتية متقدمة بنجاح مميز وضمن الزمن المحدد للمشروع. تميز بالمسابقة الخاصة بأولمبياد الروبوت العالمي، وشارك بمنافسات وطنية نال منها ميداليات ذهبية ومنافسات عالمية عدة. لا بد من التعريج على الأخلاق النبيلة العالية والقدرة المتميزة على التواصل الاجتماعي المصبوغ ببعد إنساني رائع. يعدّه أصدقاؤه مثالاً يحتذى به وشخصية يمكن أن يعتمد عليها؛ فهو الذي يربح كل تحدّ علمي يتنافس عليه».

يذكر أن الطالب "غدير الميكائيل" من مواليد "دمشق" عام 1994، وهو الأول باختبارات القبول بالمركز الوطني للمتميزين، والأول على دفعته في المعهد العالي، اختصاص ميكاترونيكس. وكان معدله في السنة الأخيرة 93.84%، ولم يقل معدله في أي سنة دراسية عن 85%. تأهل إلى مسابقة الروبوت العالمية في "قطر" عام 2015، ولم يستطع المشاركة نظراً لعدم حصول أي فريق سوري على "الفيزا"، وشارك في مسابقة الروبوت في "الهند" عام 2016، كما أنه قام بتدريب عدة فرق روبوتيك، وحقق المراكز الأولى على مستوى القطر، كما أنه شارك في المسابقات البرمجية على مستوى القطر لعدة سنوات. وحالياً سافر "غدير" إلى "روسيا" لمتابعة دراسته بمنحة من المعهد "العالي للعلوم التطبيقية والتكنولوجيا".

مشاركته في معرض الباسل والاختراع