في إطار السعي إلى خلق جيل متوازن نفسياً وسلوكياً، أطلقت "بنان عيد" مع فريق عمل مكوّن من ستة أشخاص، أول برنامج عربي متكامل لتعديل سلوك الأطفال، عبر شخصيتي "هرهور" و"زينو" الكرتونيتين، اللتين تعايشان ظروف حياة الطفل، وتعالجان مشكلاته السلوكية بطريقة غير مباشرة.

مدونة وطن "eSyria" التقت "بنان عيد" شريك مؤسس للمشروع بتاريخ 20 تموز 2017، التي تحدثت عن الفكرة بالقول: «بدأ تطبيق الفكرة في الشهر الأول من عام 2015، على شكل مجموعة من القصص، ثم تطورت إلى برنامج متكامل، وبدأ التنفيذ الفعلي في شهر نيسان عام 2016، وهدفنا الأسمى كفريق عمل هو تقديم محتوى أفضل للأطفال من عمر خمس إلى عشر سنوات، في سعي مستمر لإيصالهم إلى التوازن النفسي والسلوكي. ركزنا على ثلاثة محاور متكاملة، وهي: "الأطفال، المربّون، والمدرّبون"، حيث يلتحق المدرّبون بدورة تدريبية تتضمن إرشادات تربوية للتعامل مع الأطفال، وشرحاً مفصّلاً عن بعض المشاعر والسلوكيات وتدريبهم على تعديلها، لضمان تحقيق توازن الطفل، وعدم تشتته ضمن البيئات المحيطة به، التي يجب أن تفهم مشاعر الطفل، وتدرك سبب سلوكياته، وتتكامل في تعديلها، ونستخدم أدوات متنوعة؛ مرئية، ومسموعة، وحسية تؤثر في مدركات الطفل الحسية، والبصرية، مثل: قصة، مسرح، تمثيل بالدمى، تمرينات ذكية تعريفية، وإدراكية، رسم تفريغي. ويتم تطبيق البرنامج في عدة مراكز تدريبية بمدينة "دمشق"».

أكبر المشكلات التي كان يعانيها طفلي هي الخجل، وحاولت المدربات التركيز على هذا السلوك بالتحديد، وتعاملهن كان لطيفاً ويشجع الطفل على التفاعل معهن، وبعد مدة أصبح أقل خجلاً في التعامل مع المحيط، كأن يرفع صوته ليكون مسموعاً عندما يتكلم مع الآخرين، والمهم في طريقتهن التواصل المحقق مع الأهل، من خلال إعلامنا بمدى تجاوب الطفل في كل مرة مع تعديل السلوك، وما الذي يجب علينا كأهل القيام به في المنزل لتعزيز الفكرة

وعن المشكلات السلوكية وتوظيف الشخصيات الكرتونية في تعديل السلوك، تقول: «الغيرة، والكلام البذيء، والغش، والخجل، والشجار من السلوكيات التي نحاول تعديلها لدى الأطفال في جو من المرح واللعب والتسلية، حيث يشاهد الطفل الكرتون، ويمثّل على المسرح، ويسجل ملاحظاته عنها من دون أن يشعر بتعديل سلوكه من خلال هذه الأنشطة، حيث تعيش الشخصيتان الكرتونية "هرهور" و"زينو" الواقع، وتمران بظروف كثيرة تعايش ظروف الحياة اليومية للطفل. لا يوجد صالح وشرير، والشخصيتان تخطئان وتصيبان، والطفل الجيد هو من يقرر تحويل السلوك الأقل إيجابية إلى الإيجابي، وهنا يشعر الطفل بأن هناك من يشبهه، وأنه يستطيع تصحيح الأمور إن أخطأ، بعيداً عن المثاليات وإطلاق الأحكام. كل ذلك ضمن سلسلة "puppets" القصصية، التي تهدف إلى مساعدة الطفل على التعبير عن نفسه ومشاعره، ورفع مستوى اللغة العربية لديه، وتنمية مهارات المحاكاة، والمحاكمة العقلية، وإعداده نفسياً وعاطفياً لأداء مهمته في الحياة، ونشر الوعي لدى الأهل والمربين بنشر ثقافة تقبل مشاعر الطفل، وآلية التعامل مع سلوكياته الناجمة عنها».

"هناء الجلاد" مع الأطفال

وعن تجاوب المجتمع مع فكرة البرنامج، تقول: «نحتاج إلى وعي كبير في المجتمع لفكرة تعديل السلوك الوقائي، لأن الأهالي الذين لا يعانون مشكلات كبيرة مع أطفالهم نادراً ما يرغبون بالاستفادة من أدواتنا السلوكية على الرغم من أن جهودنا موجهة إليهم أيضاً، لكي يدركوا مشاعر وحاجات أطفالهم، قبل أن تترجم إلى أفعال، ومعظم المهتمين هم الذين فقدوا الأمل بالتعامل مع الأطفال، كما يظن بعضهم أننا نملك عصاً سحرية لتغيير الطفل تغييراً جذرياً، وأن كل ما زرع فيه خلال ست أو سبع سنوات نستطيع تعديله فوراً، لكن في الحقيقة النتائج تلمس على المدى البعيد، لأنها بناء في شخصية الطفل ومحاكمته العقلية، مع بعض النتائج القريبة لدى الطفل، كتحسين قدرته على تمييز السلوك الإيجابي، من الأقل إيجابية، وأن يفكر بعواقب أفعاله، فنحن لا نريد طفلاً مثالياً لا يخطىء، لكن نريده أن يفكر ليكون قادراً على معالجة الأمور في عقله».

والدة الطفل "تيم سكاف" تقول عن استفادة ابنها من أدوات تعديل السلوك: «أكبر المشكلات التي كان يعانيها طفلي هي الخجل، وحاولت المدربات التركيز على هذا السلوك بالتحديد، وتعاملهن كان لطيفاً ويشجع الطفل على التفاعل معهن، وبعد مدة أصبح أقل خجلاً في التعامل مع المحيط، كأن يرفع صوته ليكون مسموعاً عندما يتكلم مع الآخرين، والمهم في طريقتهن التواصل المحقق مع الأهل، من خلال إعلامنا بمدى تجاوب الطفل في كل مرة مع تعديل السلوك، وما الذي يجب علينا كأهل القيام به في المنزل لتعزيز الفكرة».

أحد الأطفال مع شخصية "هرهور" ضمن مسرح الدمى

من جهتها "هناء الجلاد" معدة المحتوى النفسي للبرنامج، تقول: «تم إعداد المحتوى النفسي انطلاقاً من الحاجات النفسية للأطفال أو الفسيولوجية، حيث إن سلوكيات الأطفال تكون مدفوعة لتلبية حاجات معينة، كالحاجة إلى الأمان والمكانة وتقدير وإثبات الذات؛ إذ إن الطفل لا يستطيع التعبير عنها بطريقة مفهومة لدى الأهل، بل بسلوكيات مزعجة؛ لذا نعمل على مساعدته على التعبير عن هذه الاحتياجات بطرائق مناسبة لشخصيته وإدراكاته ومحاكمته العقلية، بأساليب غير مباشرة، مثل: القصة، والمسرح، والرسم الكرتوني، لأنها محببة لديه ويتفاعل معها بسهولة، ونقوم بإيصال المفهوم المطلوب عن طريق اللعب، وهو أنجع وسيلة في النعامل مع الطفل، حيث يقوم بإسقاط حالته على الشخصيات الكرتونية، أو يعبر من خلالها فيشعر بالأمان من تقييم الآخرين له، ومن خلال الرسم يقوم بالتفريغ الانفعالي لمشاعر التوتر والقلق والخوف والغيرة، وغيرها من المشاعر المزعجة بالنسبة له، والتعامل معها بطريقة متوازنة. فتعديل السلوك الوقائي يعطي الطفل خيارات كثيرة لتلبية احتياجاته بطريقة جيدة، من دون حصره بطريقة واحدة تشعره بالضغط، أو التقييد».

الجدير بالذكر، أن فريق العمل مكوّن من: "بنان عيد" من مواليد "دمشق" عام 1990، و"هناء الجلاد"، و"شذى الميداني"، و"أنس الجناني"، و"زياد الخليلي"، و"باسل الرفاعي"، و"فراس المهدي".

شخصيتا "هرهور"، و"زينو" مندمجتان