طموح "عقبة الصفدي" الكبير، كان سبباً في حصوله على المركز الأول بين طلاب دفعته في كلية الإعلام جامعة "دمشق"، ورغبته بإيصال صوته ورؤيته من خلال الكلمة، إضافة إلى حسّه الشعري، جعلاه يستحضر الماضي ليربطه بالواقع بفيلمه "ليست أثيناك"، ويقدمه كمشروع تخرج، وينال علامة 95%.

مدونة وطن "eSyria"، التقت الطالب "عقبة الصفدي" بتاريخ 20 آذار 2017، وحول اختياره لدراسة الإعلام، يقول: «في بداية المرحلة الثانوية كنت أمرّ بمرحلة ضبابية، ولم يكن هناك وضوح للهدف، لكنني كنت دائم البحث عن طريقة لإيصال صوتي؛ بدأت كتابة الشعر والنثر، ولطالما كانتا وسيلتي المفضلة للتعبير عما يجول بخاطري، لكن بعد الحصول على الشهادة الثانوية، بدأت الرؤية تتوضح، خاصة بعد الأحداث المتسارعة التي يمرّ بها البلد، ورغبتي بإيصال صوتي، ورفضي لما يجري؛ وهذا جعلني أختار دراسة الإعلام؛ لأنه المجال الأنسب، ومنذ السنة الأولى، دخلت بزخم العمل الإعلامي؛ فقد أجريت تحقيقاً صحفياً لصحيفة "السويداء" المحلية، ولاقى صدى كبيراً، لتتوالى بعدها محاولات عدة؛ ففي السنة الثانية تمكنت من إنجاز فيلم مدته عشر دقائق حول صراع الحضارات، وآخر بعنوان: "انتهى العرض"؛ أتناول به الوسط الاجتماعي».

عندما غادر "ميلاغر" إلى "أثينا" ليشاهد السلام والازدهار أطلق على "سورية" "أثينا" الصغرى، ليشير إلى أن "سورية" كانت تضاهي "أثينا" في ذلك الوقت، وعند استنهاضه في الفيلم ليطمئن ماذا حصل بـ"أثينا" الصغرى، وكيف وجدها على غير ما يحلم وينتظر، قال: هذه ليست أثينا التي حلمت بها؛ ومن هنا أتت تسمية الفيلم بأن "سورية" التي رآها اليوم هي ليست تلك التي تغنى بها منذ آلاف السنين

وحول فيلمه "ليست أثيناك" الذي قدمه كمشروع تخرج، ونال المرتبة الأولى على دفعته، يتابع قائلاً: «بعد زيادة خبرتي، أردت أن يكون مشروع تخرجي في الجامعة بصمة وبداية حقيقية في مجال الإعلام، فكانت فكرة فيلم "ليست أثيناك"؛ وهو فيلم وثائقي اعتمد استخدام "الديكو دراما"؛ لم يكن أكثر من إعادة قراءة للتاريخ، وإسقاطه على الواقع من خلال استحضار شخصية الشاعر "ميلاغر" الذي عاش في "سورية" منذ 150 عاماً قبل الميلاد، وارتبط اسمه بالسلام والحب ورفضه للحرب والقتل، كما مثَّل إرثاً حضارياً لـ"سورية"، والإسقاط هنا أتى للربط بين الماضي والحاضر عبر "ميلاغر"».

مشروع التخرج "ليست أثيناك"

وعن أحداث الفيلم، يضيف قائلاً: «الفيلم هو رؤية للواقع، لكن بأسلوب درامي استخدمت به المجاز والرمز؛ يبدأ عرضه برؤية "ميلاغر" في ساحة "الأمويين" مع وجود الحمام وحركة الناس وأصوات الأذان كمجاز للسلام، وبعد قليل يتغير كل ذلك بسماع صوت انفجار، هنا يندثر السلام، وبطريقة "فلاش باك" أدخل بعدها في عين "ميلاغر" لأتعرّف إلى "سورية" كيف أصبحت، وتبدأ جولته من "شهبا" في "السويداء" ليقف ويبحث عن "فيليب العربي"، لينتقل بعدها إلى "قنوات"، ثم إلى "دمشق"، وبالتحديد منطقة "باب شرقي"، حيث يستذكر مرور "بطرس الرسول" كرمز للسلام، ليصل أخيراً إلى قلعة "صلاح الدين" ويستذكر التاريخ، ثم يعود بعدها إلى الحاضر ليرى الموت والدمار، وكيف أصبح حال "سورية"، فيغادر منكسراً من حيث أتى».

وعن المؤثرات التي استخدمها في فيلمه، يتابع: «استغرق عرض الفيلم مدة خمس عشرة دقيقة، وقد أديت فيه دور شخصية "ميلاغر"؛ فكنت المعلق والشاعر والفنان والمصور، واستخدمت مؤثرات موسيقية كموسيقا "نينوى"، مع تعليق صوتي على الفيلم، والظهور في أماكن التصوير لإضفاء الواقعية على أحداثه. كل ذلك جرى بإمكانيات وأدوات بسيطة، فمعظم التصوير كان بكاميرا غير احترافية، وأحياناً بكاميرا الهاتف النقال، وبظروف تصوير صعبة نتيجة الأوضاع السائدة، لكن خيار النجاح كان الوحيد، وكان ما أردته».

الدكتور عربي مصري

وعن فكرة العنوان: "ليست أثيناك"، يقول موضحاً: «عندما غادر "ميلاغر" إلى "أثينا" ليشاهد السلام والازدهار أطلق على "سورية" "أثينا" الصغرى، ليشير إلى أن "سورية" كانت تضاهي "أثينا" في ذلك الوقت، وعند استنهاضه في الفيلم ليطمئن ماذا حصل بـ"أثينا" الصغرى، وكيف وجدها على غير ما يحلم وينتظر، قال: هذه ليست أثينا التي حلمت بها؛ ومن هنا أتت تسمية الفيلم بأن "سورية" التي رآها اليوم هي ليست تلك التي تغنى بها منذ آلاف السنين».

بدوره الدكتور "عربي مصري" دكتور في كلية الإعلام، والمشرف على مشروع التخرج، يقول: «"عقبة الصفدي" من الطلاب المجدين؛ فمنذ السنة الأولى، استطاع أن ينال درجة عالية في المواد التي تكشف الحسّ الصحفي الحقيقي. اجتهاده ومتابعته جعلاه الأول على كلية الإعلام، ونحن ننتظره ضمن سلك التعليم.

وعن فيلمه "ليست أثيناك"، أقول إن الفكرة التي طرحها عن الشاعر "ميلاغر" هي فكرة جميلة، وكيف كان يشبه "سورية" آنذاك بـ"أثينا" الصغرى، لكونها كانت محور العالم آنذاك، وأن يعيد الشاعر إلى الحياة في هذه الأيام ليرى ماذا حصل بالبلد من دمار وخراب؛ فكرة براقة فيها إبداعية ولمسة جديدة. الجيد في فكرته أنه أخذ رمزاً من بيئته "جبل العرب"، وعمل على إنتاج العمل هناك؛ وهذه ميزه إضافية، وعلى الرغم من قلة الإمكانيات، أقول إن "عقبة" نجح ضمن الإمكانيات المتاحة؛ فهو ليس ممثلاً ولا مصوراً محترفاً، إلا أنه نجح، والفيلم يمكن مشاهدته، والاستمتاع به، والخروج بالعبرة التي أراد إيصالها».

يذكر أنّ "عقبة الصفدي" من مواليد "السويداء" عام 1994، يكمل اليوم دراسة الماجستير، إضافة إلى عمله كصحفي في أكثر من وسيلة إعلامية.