اختارت "ماري جزارة" بحثها الخاص لنيل شهادة الماجستير ضمن اختصاص (البيولوجيا الجزيئية)، تحت عنوان: "التأثير الحيوي لبعض المستخلصات الطحلبية على الخط الخلوي لسرطان الثدي MDA-MB-231"، ووصلت إلى نتائج ملموسة تشيد بالأثر الحيوي لمستخلصات الطحالب البحرية في قتل الخلايا السرطانية وفق آلية الموت الخلوي المبرمج.

البحث الذي تمّ إنجازه في مخابر هيئة الطاقة الذرية السورية بإشراف الدكتور "حسام مراد" والدكتور "شادي سكرية"، بالتعاون العلمي مع الدكتور "أحمد غنام"، شارك كنشرة تعريفية "بوستر" علمي في مؤتمر نقابة صيادلة "دمشق"، وحصل على المركز الأول مع عملين آخرين لطلاب كلية الصيدلة، كما نتج عن البحث ورقتين علميتين، نشرت الأولى في المجلة العربية للعلوم الصيدلية، والثانية في المجلة الإيرانية "Iranian Journal of Cancer Prevention"، وعند تحكيم المشروع كرسالة ماجستير حصلت "ماري" على تقدير امتياز بدرجة 94.66%.

البحث مستمر وفق منهجية بحثية علمية قوية وبتوظيف أهم التقنيات المتاحة وأقوى وأكفأ الخبرات والأدمغة السورية، وإن كنت تؤمن بالشباب، فأنت على حق، أما إن كنت تؤمن بالشباب السوري، فأنت على يقين

مدونة وطن "eSyria" التقت "ماري جزارة" بتاريخ 3 كانون الثاني 2017، التي تحدثت عن اختيارها لهذا العنوان بالقول: «مهّدت العديد من الدراسات السابقة للأهمية الحيوية الكامنة في الطحالب البحرية ومستخلصاتها؛ لذلك توجّهت في هذا البحث إلى دراسة التأثير الحيوي المضاد للسرطان لمركبات "الكاراجينان" المعزولة من الطحالب البحرية، وتمت دراسة تأثير تلك المركبات في حيوية خلايا سرطان الثدي المزروعة في الزجاج».

"البوستر" العلمي المشارك في مؤتمر نقابة صيادلة دمشق

وحول تفاصيل الدراسة والتطبيق، تضيف: «أظهرت النتائج فعالية مهمة لأحد مركبات "الكاراجينان"؛ وهو مركب "لامدا كاراجينان" في قتل خلايا سرطان الثدي MDA-MB-231، وفق آلية الموت الخلوي المبرمج الذي تم توصيفه شكلياً ونووياً بواسطة مجهر الفلورة، وجهاز قياس الخلايا في التدفق، الذي تمثل بالتشدف النووي وتكثف الـDNA، كما تم تأكيده من الناحية الجزيئية بدراسة تغير التعبير المورثي لأهم المورثات المنظمة للموت الخلوي المبرمج؛ وذلك بواسطة تقانة التفاعل السلسلي للبوليميراز في الزمن الحقيقي RT-PCR؛ وهو ما يؤدي إلى دخول الخلايا السرطانية المعالجة بالمركب "لامدا كاراجينان" في مسارات موت خلوي مبرمج لا رجعة عنه.

ويعدّ الموت الخلوي المبرمج المحرض في الخلايا نتيجةً مهمةً للمعالجة الخلوية، ويسمى الموت النظيف؛ حيث يتفعل وفق مسارات خلوية جزيئية منظمة وينتهي بتشكل جسيمات الموت الخلوي المبرمج، التي يتخلص منها جهاز المناعة من دون إثارة استجابات مناعية التهابية».

الدكتور "شادي سكرية"

وتتابع: «تعدّ النتائج التي تم التوصل إليها في هذه الدراسة مؤشراً مهماً لفعالية المركب تجاه الخلايا السرطانية؛ لذلك تسير التوجهات في المستقبل نحو تطوير المركب من الناحية الكيميائية بهدف زيادة فعاليته الحيوية، إضافة إلى ربط المركب بجسيمات نانوية بهدف استهداف الخلايا السرطانية بشكل نوعي».

وفي لقاء الدكتور "شادي سكرية" الأستاذ المساعد في كلية العلوم، جامعة "دمشق"، والمشرف على المشروع، يقول: «يعالج بحث الماجستير الذي أعدّته الطالبة "ماري جزارة" أحد جوانب مشكلة علمية مهمة؛ وهي إمكانية التوصل إلى عقاقير جديدة لعلاج الأورام البشرية، مستخلصة من أنواع النباتات التي ما زالت غير مدروسة؛ إذ اهتمت الدراسة بالأثر الحيوي لمستخلصات محضّرة من الطحالب البحرية لأنواع منتشرة في الساحل السوري ومركبات منقاة منها بطرائق الكيمياء الحيوية في الخلايا السرطانية.

"ماري جزارة" مع لجنة التحكيم

وتعود أهمية هذه الدراسة إلى امتلاك "سورية" ثروة كبيرة وفريدة من الطحالب البحرية التي تنتشر بكثرة وتتنوع بشدة على طول الشاطئ السوري، التي لا تزال غير مدروسة بطريقة جيدة، ولكون الأبحاث العالمية التي تهتم بالآثار العلاجية لمستخلصات الطحالب البحرية قد توصلت إلى نتائج مهمة جداً؛ إذ تُكتشف كل يوم أدوار جديدة لهذه المستخلصات في معالجة العديد من الأمراض».

ويضيف: «توصّلت الطالبة في نهاية هذا البحث إلى استخلاص عدد من المركبات الحيوية من أحد أنواع طحالب الشاطئ السوري وتحديد أثره الحيوي في الحدّ من تكاثر الخلايا السرطانية، وفي تحريض موت خلوي مبرمج في هذه الخلايا، والنتائج التي توصلت إليها واعدة جداً في تحضير عقاقير جديد لمعالجة السرطان من نباتات البيئة السورية، وذلك بفضل الجهد الكبير الذي بذلته لإنجاز هذا البحث، والمهارات العلمية العالية التي تتمتع بها».

أما الدكتور "حسام مراد" الباحث الرئيس في قسم البيولوجيا الجزيئية والتقانة الحيوية، هيئة الطاقة الذرية السورية، والمشرف أيضاً على المشروع، فيقول: «أثبتنا بداية من خلال هذا البحث الفعالية الكامنة في المركبات حيوية المنشأ تجاه الخلايا السرطانية؛ وهذا ما تهدف إليه أهم المخابر حول العالم، كما أثبتنا قدرتنا كطلاب وباحثين سوريين وخصوصاً في هذه الأزمة على المضي في أبحاث مهمة من الناحيتين البحثية والتطبيقية».

ويضيف: «البحث مستمر وفق منهجية بحثية علمية قوية وبتوظيف أهم التقنيات المتاحة وأقوى وأكفأ الخبرات والأدمغة السورية، وإن كنت تؤمن بالشباب، فأنت على حق، أما إن كنت تؤمن بالشباب السوري، فأنت على يقين».

يذكر أنّ الطالبة "ماري جزارة" من مواليد "دمشق" عام 1988، خريجة كلية العلوم، جامعة "دمشق" عام 2011، وأنجزت بحث الماجستير في هيئة الطاقة الذرية السورية، وتحضّر حالياً لبحث الدكتوراة.