استطاعت "ليندا عتابا" من خلال حسّها الإنساني الذي تتمتع به؛ دمج الخبرة العملية التي اكتسبتها من عملها التطوعي مع معلوماتها الأكاديمية؛ فتمكنت من إعداد فيلم تسجيلي بأدوات متواضعة، موضحة حجم المعاناة التي تعرّض لها الأطفال في ظلّ سنوات الأزمة.

الفيلم الذي حمل عنوان: "خبّيني عندك"، يتحدث عن شريحة اجتماعية تعرّضت للتهجير وتَرَك صغارها مدارسهم نتيجة الحرب على "سورية"، وعنهم تحدثت "ليندا عتابا" خريجة كلية الإعلام، جامعة "دمشق" لمدونة وطن"eSyria" بتاريخ 8 كانون الأول 2016، بالقول: «فكرة المشروع بدأت خلال سنوات الدراسة ونتيجة الظروف الحالية التي يمرّ بها بلدنا، وخلال عملي ضمن فرق تطوعية وتعاملي مع الأطفال ضمن النشاطات التي شاركت فيها؛ لفتت نظري هذه الشريحة؛ وخصوصاً أنه كان واضحاً في عيونهم وسلوكهم ما خلفته الحرب على حياتهم، فشعرت بالمسؤولية حيالهم والرغبة في إيصال صوتهم ومشاعرهم، وخصوصاً أن مهمة الصحفي تسليط الضوء على جوانب المجتمع المختلفة.

تحمّست للفكرة التي طرحتها "ليندا" لكونها تحمل في طياتها رسالة إنسانية واجتماعية؛ فبدأنا التحضير للفيلم، وقد زودتني بالصور واللقطات التي جمعتها؛ وكانت منتقاة بعناية ومأخوذة من الواقع، وتم اختيار الموسيقا التصويرية التي تتناسب مع الفكرة المطروحة لتعكس الواقع بما يخدم الحالة الإنسانية، وخصوصاً أن للصورة التأثير الأكبر في المتلقي

ولإيماني بأن للإعلام دوراً أساسياً ومهماً في معالجة قضايا المجتمع الإنسانية والاجتماعية؛ فضّلت أن أصنع فيلماً تسجيلياً قائماً على المجال التوثيقي تبعاً لمهاراتي مستفيدة مما تعلمته خلال دراستي، إضافة إلى جهودي الشخصية ومساعدة "المونتير" "محمد الأسعد" في المونتاج، حيث قام باختيار اللقطات والصور التي التقطتها وترتيبها بطريقة مناسبة مكنتني من توظيف الموسيقا مع اللقطات التي تخدم فكرة الفيلم، الذي تدور أحداثه حول الأطفال الأميين الذين اضطروا إلى ترك مدارسهم والعمل بسبب ظروف النزوح نتيجة الحرب التي تعرضت لها مناطقهم، وتسليط الضوء على مخاوفهم ومشاعرهم وأحلامهم في سنوات الأزمة، بهدف توجيه رسالة مفادها ضرورة دعم هؤلاء الأطفال نفسياً وتعليمياً بتأمين مستلزماتهم الحياتية والتعليمية للحدّ من عمالتهم، وتوجيههم التوجيه الأمثل لبناء الوطن باعتبارهم حاضره ومستقبله».

الملصق الإعلاني للفيلم

وتضيف: «تكمن أهمية مشروعي بطرحه لفكرة جديدة لامست المجتمع السوري بكل أبعاده الإنسانية والاجتماعية، وعلى الرغم من بساطته وعفويته، إلا أنه يحمل في طياته معاني إنسانية تعبر عن معاناة شريحة واسعة من الأطفال، حيث زرت عدداً من مراكز الإيواء وأجريت عدة مقابلات مع عينات مختلفة الأعمار من الأطفال، وطرحت عليهم العديد من الأسئلة التي وضحت أسباب عدم ذهابهم إلى المدارس، واعتمدت إجاباتهم لشرح فكرة الفيلم، إضافة إلى بحث تعريفي يوضح المشكلات النفسية والصحية التي ستتجلى كأمراض اجتماعية ستحكم مستقبل الأجيال التي تخلفها الحروب، وقد استغرق مني المشروع عدة أشهر من العمل المتواصل، وحصلت على درجة 95%؛ وهي علامة ممتازة ضمن مشاريع التخرج».

وعن الصعوبات التي واجهت إتمام المشروع، حدثتنا "ليندا" بالقول: «واجهتني صعوبات عدة تواجه أي طالب جامعي عند إعداد مشروعه، وخصوصاً المادية، إضافة إلى الموافقات للتصوير في مراكز الإيواء، وصعوبة التعامل مع الأطفال وخوفهم وخجلهم من الكاميرا، لكن المثابرة والاجتهاد والرغبة في تسليط الضوء على هذه الشريحة المهمة في بناء مجتمعنا، وتقديم الحلول لمساعدتهم للالتحاق بالمدارس؛ كانت دافعي الأول، وعلى الرغم من إمكانيات الفيلم البسيطة، إلا أنه قائم على النوع التوثيقي. وفي النهاية، فإن اختيار فكرة المشروع هي نتاج دراسة أكاديمية، وخصوصاً مع تنامي الدور المهم لوسائل الإعلام خلال سنوات الحرب، وهذه المشاريع ليست لمجرد العرض، وإنما تهدف إلى إيجاد حلول للصعوبات التي تعترض المجتمع بكافة فئاته».

المشرف العلمي على المشروع د. ريم عبود

وحدثنا "المونتير" "محمد الأسعد" عن إعجابه بالفكرة قائلاً: «تحمّست للفكرة التي طرحتها "ليندا" لكونها تحمل في طياتها رسالة إنسانية واجتماعية؛ فبدأنا التحضير للفيلم، وقد زودتني بالصور واللقطات التي جمعتها؛ وكانت منتقاة بعناية ومأخوذة من الواقع، وتم اختيار الموسيقا التصويرية التي تتناسب مع الفكرة المطروحة لتعكس الواقع بما يخدم الحالة الإنسانية، وخصوصاً أن للصورة التأثير الأكبر في المتلقي».

وفي لقاء مع الدكتورة "ريم عبود" رئيس قسم الإذاعة والتلفزيون بكلية الإعلام، والمشرفة على المشروع، تحدثت عن رأيها بالفيلم قائلة: «المشروع عبارة عن فيلم تسجيلي حول شريحة اجتماعية لامست الواقع بكل تفاصيله، حمل عنوان: "خبيني عندك"؛ تدور فكرته حول الأطفال المتسربين من المدارس نتيجة ظروف الحرب التي تعرّض لها البلد، وأهمية إيجاد الحلول لإعادة دمجهم بالمجتمع من جديد، وعندما عرضت "ليندا" الفكرة نالت الإعجاب لكونها مهمة وتعكس ما هو موجود في الواقع، فنحن نشجع الطلاب على ملاحقة القضايا الإنسانية والاجتماعية، والدور الأكبر بإنجاز المشروع يقوم به الطالب باعتباره ثمرة اجتهاده ومعارفه التي اكتسبها خلال سنوات دراسته، ويبقى دورنا الإشراف والتوجيه لتنفيذه من ناحية المونتاج واختيار اللقطات والحبكة المناسبة للفيلم، حتى نصل إلى تحقيق الهدف منه، إضافة إلى اسم الفيلم الذي يعطي بعداً إنسانياً له تأثير كبير في الجمهور؛ لأننا نعتبر هذه الأفلام موجهة إلى الجمهور وليست مجرد مشاريع تخرج للطلبة، أضف إلى أن "ليندا" من الطالبات المواظبات والمجتهدات بين زملائها، وما يميزها حسّها الإنساني الذي اتصفت به، وهذا الجانب لمسناه من خلال طرحها فكرة المشروع، وإصرارها على إعداد هذا الفيلم الإنساني».

يذكر أن الطالبة "ليندا عتابا" من مواليد "دمشق"، عام 1993.