جاءت مبادرة المربية "بسمة كيلاني" حول القراءة من واقع ملاحظاتها اليومية على طلابها في المدرسة، وبعد اكتشافها ابتعادهم عن قراءة الكتب وتركها موضوعة على الرفوف، فحملت مبادرتها عنوان: "يداً بيد لنقرأ"؛ لتشجيعهم على القراءة حتى بعد انقطاعهم عن الدراسة.

الملخص: جاءت مبادرة المربية "بسمة كيلاني" حول القراءة من واقع ملاحظاتها اليومية على طلابها في المدرسة، وبعد اكتشافها ابتعادهم عن قراءة الكتب وتركها موضوعة على الرفوف، فحملت مبادرتها عنوان: "يداً بيد لنقرأ"؛ لتشجيعهم على القراءة حتى بعد انقطاعهم عن الدراسة.

مشاركة الطلاب في هذه المبادرة ساعدت على خلق جوّ من التعاون بينهم لتحقيق هدفٍ نبيلٍ، ولفتت نظرهم إلى أهمية الكتاب في الحياة

مدونة وطن "eSyria" التقت المربية "بسمة كيلاني" مدرّسة اللغة العربية بتاريخ 10 تموز 2016، للتعرف أكثر إلى المبادرة وتطوّرها، فقالت: «بدأت مباردة "يداً بيد لنقرأ" في شهر نيسان 2016 عندما وجدت أن المسافة تزداد بين الطلاب والكتاب، ولاحظت أن الكثيرين من الطلاب والمدرّسين لديهم الكثير من الكتب التي تم وضعها جانباً من دون مشاركتها مع الآخرين، فاقترحت على إدارة المدرسة فكرة مشاركة الكتب؛ حيث يستطيع كلّ طالب لديه كتاب أو قصة سبق أن قرأها إحضارها إلى المدرسة ليتم تنسيقها في فئات وترتيبها ثم إعارتها لمن يرغب، وسرعان ما وافقت إدارة المدرسة على الفكرة، وخصّصت قاعة فارغة في المدرسة، وتم التنسيق مع أهالي الطلاب لإرسال الكتب باللغات المعتمدة في المدرسة، وهي: الفرنسية، العربية، الإنكليزية، الإسبانية، الألمانية، تتضمن مختلف الموضوعات عدا الدينية والسياسية، وبالفعل استطعنا الحصول على 530 كتاباً وقصة بعد الإعلان عن المبادرة بمدّة قصيرة، ولم نكن نتوقّع هذا العدد الكبير من الكتب، والمشاركة الفاعلة من الأهالي والطلاب».

فريق التنظيم

وعن آلية العمل ومراحل تنفيذ المبادرة، تضيف "كيلاني": «قمت بتقسيم طلاب الصف الثامن الذين يبلغ عددهم 22 طالباً وطالبة إلى أربع مجموعات؛ حيث تقوم كل مجموعة بمهمة؛ فالفريق الأول هو المسؤول عن تنظيم الكتب وترتيبها حسب عناوينها وموضوعاتها ولغتها، وغير ذلك. والفريق الثاني مسؤول عن التكنولوجيا الخاصة بإدخال بيانات الكتب ببرنامج خاص إلى الحاسوب ليسهل عملنا في المكتبة لاحقاً، إضافة إلى تصميم شعار خاص بالمبادرة؛ الذي اعتمدناه في صفحتنا الخاصة على مواقع التواصل الاجتماعي. والفريق الثالث مهمته ترجمة كل الإعلانات والطلبات إلى الأهل والإدارة باللغات الثلاث الأساسية. أما الفريق الرابع صاحب المهمة الأصعب، فحمل مهمة تحويل قاعة فارغة بجدران بيضاء إلى مكتبة مميزة تجذب جميع الطلاب في المدرسة لزيارتها، حيث أحضرت جميع المجلات والقصص والصحف القديمة التي تنوي المدرسة إتلافها للاستفادة منها عن طريق قصّها وتلوينها واستخدامها لتزيين الجدران، وتمت الاستعانة برسومات الطلاب ذوي الموهبة الفنية لعرضها على ما تبقى من جدران القاعة؛ وهو ما سمح لنا باكتشاف مواهب مدفونة لدى الكثيرين من الطلاب».

وعن الوقت الذي استغرقه الطلاب لتنفيذ المبادرة، تكمل "كيلاني": «تم إنجاز العمل بالكامل خلال شهرين تقريباً؛ حيث افتتحنا المكتبة في الثاني من حزيران 2016، وتضمّن الافتتاح لوحة فنية قدّمها بعض الطلاب بالعزف على آلاتهم الموسيقية، ومعرضاً لرسومات الطلاب.

إحدى اللوحات

وسرعان ما حصدنا نتائج مرضية نتيجة العمل الجماعي وروح التعاون اللذين سادا خلال العمل، وذلك بإقبال الطلاب على استعارة الكتب قبل العطلة الصيفية؛ وهذا ما دفعني إلى تنظيم مسابقة شرطها قراءة 6 كتب خلال العطلة الصيفية، من طلاب الصف السابع إلى الصف العاشر، حيث يقرأ كتابين لكل لغة من اللغات الثلاث العربية، والإنكليزية، والفرنسية، ويتم اختيار الكتب من قبل أساتذة اللغات في المدرسة، ومع بداية العام الدراسي القادم سنجري امتحاناً للطلاب المشاركين بهذه المسابقة لتتويج لقب "ملك القراءة"، و"أمير القراءة"، كما ستقوم إدارة المدرسة بتوزيع شهادات وجوائز تقديرية للفائزين».

وتضيف: «مبادرة "يداً بيد لنقرأ" ليست مرحلية، بل مستمرة من خلال المكتبة الموجودة في المدرسة؛ التي تتيح لجميع الطلاب إمكانية استعارة الكتب، وأسعى مستقبلاً إلى تحويل قاعة المكتبة إلى قاعة للتبادل الثقافي، لكن تفاصيل هذا المشروع غير واضحة المعالم حتى الآن».

الطلاب المشاركون في المسابقة

لمعرفة أصداء المبادرة لدى أهالي الطلاب تواصلنا مع "نويل إيلي العبسي"؛ والدة أحد طلاب الصف الثامن المشاركين في المبادرة، حيث قالت: «وسائل التكنولوجيا جعلت الطلاب بعزلة تامة عن الكتاب، وأبعدتهم عن القراءة، ولكن عندما أعلنت المعلمة "بسمة كيلاني" عن مبادرة "يداً بيد لنقرأ" شعرت كواحدة من الأهالي بالحماسة، ففكرتها الهادفة إلى تشجيع القراءة لدى الطلاب، وإعادة العلاقة بينهم وبين الكتاب من جديد، وأظهرت المبادرة للطلاب قيمة الكتاب، وأتاحت لهم الفرصة ليتشاركوا آراءهم حول الأفكار المحتواة بين دفتيه عن طريق إبداء رأيهم بها وتلخيصها، كما عزّزت أهمية اللغة والحفاظ عليها، وساهمت باكتشاف المواهب لدى كل طالب؛ كالحسّ الفني والتنظيمي لدى بعضهم، وموهبة التقديم والموسيقا لدى بعضهم الآخر؛ وهذا ما لاحظناه في حفل افتتاح المكتبة».

وتضيف "العبسي": «مشاركة الطلاب في هذه المبادرة ساعدت على خلق جوّ من التعاون بينهم لتحقيق هدفٍ نبيلٍ، ولفتت نظرهم إلى أهمية الكتاب في الحياة».

أما الطالبة "أنجيلا فرح" من المشاركات في المبادرة، فتقول: «تجربتي في هذه المبادرة كانت فريدة من نوعها؛ حيث وطدّت علاقتي بمعلمتي وأصدقائي، وعلمتني قيمة العمل الجماعي ومدى أهميته في الحياة العملية، ومنذ البداية شعرت بأن فكرتها رائعة، فهي تحثّنا على القراءة بدل إضاعة الوقت في أشياء غير مفيدة، وكطالبة شجعتني على القراءة والمطالعة، ومعرفة المزيد مما يحيط بنا».

وتضيف: «من خلال عملي في تنظيم الكتب وفرزها وتنسيقها أصبح لدي فضول لقراءة بعضها، فلفتني في بعض الأحيان غلاف جميل أو عنوان أو اسم الكاتب، ورحت أنتظر يوم الافتتاح حتى أتمكن من استعارتها، وفي الحقيقة لم يكن لدي هذا الفضول للقراءة سابقاً، فاشتركت في المسابقة وبدأت المطالعة، وأنهيت حتى الآن كتابين من أصل ستة عليّ قراءتهم قبل بداية العام الدراسي الجديد».

يذكر أن "بسمة كيلاني" من مواليد "دمشق"، عام 1980، حاصلة على إجازة في اللغة العربية من جامعة "دمشق" عام 2000، ولديها خبرة في تدريس اللغة العربية لستة عشر عاماً.