صممت الطالبتان "شيراز شوباصي" و"أمينة بني المرجة" في كلية "الهمك" بجامعة "دمشق" طابعة ثلاثية الأبعاد لطباعة الأطراف الصناعية ومنتجات مختلفة بأفضل شكل وبأقل تكلفة، ليعدّ مشروعاً ريادياً تبنته حاضنة تقانة المعلومات.

نتيجة التقدم السريع في مجالات الصناعة، وإدخال الحاسوب الذي يتميز بالدقة والسهولة في العمل، أصبح من غير المجدي استخدام الطرائق التقليدية؛ هذا ما قالته المهندسة "شيراز شوباصي" اختصاص تصميم ميكانيكي وإنتاج في كلية "الهمك" بجامعة "دمشق"، حيث قالت لمدونة وطن "eSyria" بتاريخ 3 أيار 2016، عن هذا المشروع: «لم أكن أرضى إلا بمشروع يلبي طموحي، قررت في السنة الرابعة أن أقوم بتصميم وتصنيع طابعة ثلاثية الأبعاد؛ التي تعد ثورة في عالم التصنيع، حيث إن ميزة الطابعات الثلاثية الأبعاد أنها تعتمد تكنولوجيا الطباعة المكتبية، وهي أرخص ثمناً من آلات النمذجة السريعة وأقل ضجيجاً، وتناسب عدداً لا بأس به من التطبيقات التي تحتاج إلى قطع ذات أبعاد صغيرة نسبياً، وبخطوات مدروسة من الناحية الميكانيكية والكهربائية والبرمجية، وبمساعدة من المشرف على المشروع المهندس "سامر حسام الدين" صممت طابعة ثلاثية الأبعاد، ولجأت إلى تصنيع عدد من القطع غير المتوفرة في السوق من قبل ورشات متخصصة. عانيت عدة مشكلات تتعلق بدقة التصنيع، وحصلت حينها على علامة المشروع 98 من 100، ولأنني رغبت لمشروعي أن يرى النور أكملت العمل على الفكرة في السنة الخامسة، حيث بدأت مع زميلتي "أمينة بني المرجة"، وضع تصور أولي وجديد عن الطابعة؛ التي تتيح اختبار المنتجات وتوفير التكلفة قبل البدء بعملية التصنيع بالمجالات الصناعية والطبية بوجه خاص، ونتيجة الظروف التي يمر بها البلد اتجهنا نحو الجانب الطبي، وهو طباعة الأطراف الاصطناعية لمساعدة الأشخاص الذين فقدوا أطرافهم، وذلك لتقديم الفائدة لأكبر عدد ممكن من الناس».

يتم رسم النموذج المراد طباعته على أحد برامج الرسم الهندسي بمساعدة الحاسوب، ثم تحويل التصميم إلى صيغة مناسبة تتعامل معها الطابعة، ثم يتم تقطيع النموذج إلى طبقات، وإعطاء أمر لبدء طباعة النموذج طبقة تلو أخرى

وتتابع عن آلية عمل المشروع: «يتم رسم النموذج المراد طباعته على أحد برامج الرسم الهندسي بمساعدة الحاسوب، ثم تحويل التصميم إلى صيغة مناسبة تتعامل معها الطابعة، ثم يتم تقطيع النموذج إلى طبقات، وإعطاء أمر لبدء طباعة النموذج طبقة تلو أخرى».

الطابعة مع منتج تم طباعته

أما عن نشاطاتها العلمية، فقالت: «التحقت بدورة تدريب مدربين في "الجمعية العلمية السورية للمعلوماتية" سنة 2011، وحينها كنت أصغر مدربة، كما أنني دربت عدة فرق في مسابقات "الروبوتيك"، وقد حققت مواقع متقدمة، إضافة إلى ذلك دُعيت لأكون حكماً رئيسً في البطولة العالمية لمسابقات الروبوتيك التي أقيمت في مدينة "سوتشي" الروسية عام 2014».

المشاركة بالمشروع المهندسة "أمينة بني المرجة" قالت: «كانت رغبتي بدراسة هندسة التصميم الميكانيكي نابعةً من حبي للرسم والتصميم بمساعدة الحاسوب، ومن هذا الحب كان شغفي في تنفيذ مشروع تخرجي الذي يقوم بتجسيد أي تصميمٍ أقوم به على الحاسوب، فكانت الطابعة ثلاثية الأبعاد هي تلك الأداة التي تقوم بتحويل حلم كل مهندس بعد الانتهاء من تصميم مشروعه الافتراضي على الحاسوب إلى نموذج عملي مادي وملموس أمام عينيه قبل البدء بتنفيذه على أرض الواقع».

الطالبة شيراز و المشرف على المشروع المهندس سامر حسام الدين

وعن آلية تصميم الطابعة قالت: «قمنا بتصميم رأس حراري "باثق" للبلاستيك، وهو رأس التسخين الذي يقوم بتسخين المادة البلاستيكية التي تكون على هيئة خيوط، و"بثقها" خلال بناء طبقات النموذج، فيثبت بهيكل ذي ثلاثة محاور يمثل الجزء الميكانيكي الخاص بالمشروع، ويوجد جزء كهربائي ممثلاً بالمحركات الخطوية؛ أي (هو محرك كهربائي يستخدم في الآلات الصغيرة التي تحتاج إلى دقة في تحكم بمحركاتها مثل الطابعة)، ودارات القيادة الخاصة بها وحساسات نهاية الشوط والحرارة، إضافة إلى الجزء البرمجي، كما تم تصميم النموذج ليعمل على البطارية بسبب الانقطاع المتكرر للتيار الكهربائي لكي نتمكن من العمل، والميزة الأساسية لهذا المشروع هو اعتماد التقنية مبدأ الإضافة، التي تقوم على بناء التصميم المطلوب طبقة فوق طبقة حتى نهايته من دون هدر؛ حيث إنه في طرائق التصنيع التقليدية التي تعتمد مبدأ الطرح، يتم الحصول على التصميم المطلوب من خلال إزالة أجزاء من الخامة المعدنية.

كما أنه كان ببصمة "سوريّة"، حيث تم بناء كافة أجزائه محلياً من الناحية الميكانيكية والإلكترونية والكهربائية، إلى أن اكتمل المشروع على الرغم من الظروف التي نمر بها؛ حيث واجهتنا العديد من الصعوبات، منها عدم توفر المواد الأولية؛ وهو ما دفعنا إلى استيراد عدد من القطع بتكلفة عالية. واستفدنا من وجود عدد من الأفكار المفتوحة المصدر التي تتعلق بمشروع الطابعات الثلاثية الأبعاد، والاستعانة بخبرات مختلفة من الاختصاصيين الموجودين هنا، والمهتمين بهذا المجال».

لعبة تمت طباعتها وقابلة للتركيب

وعن التطبيقات الطبية تابعت "شوباصي" حديثها بالقول: «يمكن طباعة الأعضاء من الخلايا الجذعية، ومن الممكن تصوير الشخص بواسطة الأشعة المقطعية (الطبقي محوري)، وتحويل الصور إلى صيغة مناسبة لطابعتنا، وطباعة الطرف المفقود انطلاقاً من الطرف السليم الذي تم تصويره للشخص نفسه، وطباعته بمقياس 1/1 ليتناسب مع شكل المريض، وقد قمنا بتطبيقها على فقرة لطفل صغير ضمن إصبعه، وحصلنا على شكل صناعي مناظر تماماً وبتكلفة قليلة».

ومن الناحية الصناعية أكدت "بني المرجة": «استعمالاتها متعددة، فهي تستخدم في مجال بناء المباني وألعاب الأطفال القابلة للفك والتركيب، وفي مجال الفضاء، وصناعة السيارة، ومجالات الصناعات الميكانيكية لتصنيع مسننات مختلفة الأسنان والأحجام، وقد قمنا بطباعة لعبة قابلة للفك والتركيب. وما يميز الطابعة قدرتها على العمل حسب المادة المستخدمة بلاستيك أو بودرة حديد».

المهندس "سامر حسام الدين" المشرف على المشروع، قال: «تكمن ميزة المشروع الذي حصل خلال مناقشته أمام اللجنة على 99 علامة من أصل 100 علامة، في تكامله وإنتاجيته لعدد من القطع، وبإنتاج فردي من قبل فريق العمل، لقد طبقنا الجانب الصناعي والطبي، ويمكن أن يطبق في مجالات مختلفة أيضاً.

قمنا بوضع تصميم لطابعة، حيث تم العمل على تجميعها وتركيبها ومعايرتها بأداء عمل عالٍ مع الحرص على استخدام أكثر من برنامج تحكم مفتوح المصدر، كما تم وضع خطة عمل لرفع إمكانيات ومهارات فريق العمل في عدة مجالات، منها مجال التصميم على البرامج الهندسية الحاسوبية. لقد استغرق العمل 1000 ساعة عمل حتى توصلنا إلى تصنيع طابعة ثلاثية الأبعاد وبدقة عالية، وتم دفع التكاليف من قبل الفريق، حيث قمنا باستيراد عدد من القطع غير المتوفرة في السوق لضمان الدقة في العمل، وسبب نجاح المشروع أنه لم يكن لأحد منا دور خاص بعينه، بل كان عملنا مشتركاً تسوده روح التعاون حتى تمكنا من الحصول على هذه النتيجة».

يذكر أن المشروع تحت إشراف الدكتور "محمد بسام أبو حرب" والمهندس "سامر حسام الدين"، وتم تبنيه من قبل حاضنة تقانة المعلومات. والمشاركات بالمشروع "أمينة محمد جمال بني المرجة" من مواليد "دمشق" عام 1990، و"شيراز الشوباصي" من مواليد "دمشق" 1992.