امتلكا القدرة، وصمّما على اختيار الفرع الدراسي الذي يلبي طموحهما، لرغبة منهما برؤية أفكارهما مطبقة على أرض الواقع، آملين بتقديم المنفعة لغيرهما؛ فاختارا مشروع "اليد الهجينة" الذي حقق الفضية في معرض "الباسل للإبداع والاختراع".

مجال الإبداع واسع؛ هذا ما اخبرتنا "خريستينا سمير فياض" (طالبة هندسة في قسم الميكاترونيك في جامعة "تشرين")، حيث التقتها مدونة وطن "eSyria" في مكتبة الأسد أثناء حفل توزيع الجوائز للفائزين في معرض "الباسل للإبداع والاختراع" السابع عشر، بتاريخ 3 كانون الأول 2015، وتقول: «اخترت دراسة هذا قسم لأضمن أن مشروعي سيتحول لمنتج يقدم الفائدة لمن يحتاج إليها، فهو يربط بين الميكانيك والإلكترون والبرمجة؛ وبالتالي فإن مجال الإبداع فيه واسع، وانطلاقاً من الواقع الراهن وحاجة المجتمع المحلي للأطراف الصناعية.

المشروع بشكله الراهن غير مكلف لأننا اعتمدنا بتصنيعه قطعاً وأجهزة الكترونية قديمة أو معطلة، لكن لتطوير المشروع لا بد من أن تكون التكلفة أكبر، لكن مقارنة مع الخيارات الموجودة بالسوق وخاصة القطع المستوردة فالتكلفة مقبولة

انطلقت فكرة المشروع التي فرضت نفسها علينا والتي أخذت عاماً دراسياً كاملاً، أما التنفيذ على أرض الواقع فأخذ 3 أشهر من العمل؛ وهي عبارة عن يد آلية تقوم بحركات اليد البشرية، وسميت "اليد الهجينة"؛ ومكونة من خمسة أصابع كل إصبع يحوي مفصلين أي درجتي حرية، ما عدا الإبهام فيحوي ثلاث درجات حرية وذلك لتأمين الحركة الدورانية، وهنا كان التميز بالمشروع؛ كما تم العمل لتبسيط مخططات دورات التحكم حتى تصبح قابلة للتنفيذ يدوياً، والطرف الاصطناعي مصمم يدوياً وبدقة جيدة، ولقد استخدمنا مواد متاحة ورخيصة الثمن، فالمحركات المستخدمة هي محركات خطوية للمفصل الأول ومحركات تيار مستمر للمفصل الثاني، وهي متوافرة في المسجلات والطابعات القديمة».

أثناء حفل التكريم على مدرج مكتبة الأسد

وفي لقاء مع "جرجي نخلة تاطرس" المشارك بالمشروع؛ الذي تحدث عن التصميم الميكانيكي، ويقول: «هو عبارة عن صفائح من "البلكسي" (أي بلاستيك)، مصنوعة يدوياً بأبعاد متطابقة مع أبعاد يد الإنسان الطبيعي، كما تم استخدام ثلاث آليات لنقل الحركة بين المفاصل، بواسطة بكرة مع حبل للتحكم بالمفصل الأول، ومسننين موصولين على محور المحرك للتحكم بالمفصل الثاني، ومسنن من أجل تأمين الحركة الدورانية للإبهام، ونهايات الأصابع عبارة عن "سيليكون" بارد لها شكل إسطوانة، وقاعدتها نصف كرة، من أجل أن يكون لدينا نقطة تماس واحدة مع الأجسام المراد أن تمسكها اليد».

وبالعودة إلى "خريستينا فياض"؛ تقول عن آلية العمل: «لدينا كاميرا تقوم بالتقاط صورة للشكل المتوضع ضمن مساحة العمل الخاصة باليد، حيث يقوم البرنامج بتحديد مركز ثقل الجسم وأبعاده، وذلك لتحديد ثلاث نقاط تماس تشكل مثلثاً متساوي الأضلاع، ثم ترسل هذه القيم إلى المتحكم (الأردوينو).

الدكتور إياد حاتم

قمنا بدراسة هندسية للنموذج المباشر والعكسي الخاص بكل إصبع، حيث تنتج لدينا معادلة رياضية واحدة توصف الإصبع وتعوض هذه القيم بالمعادلات، فنحصل على الزاوية المراد تحريك الإصبع بها، حيث تحول هذه الزوايا إلى مسافة بمعرفة أقطار المسننات، هذه المسافة ترسل إلى المحركات فتحدد مدة تشغيل كل محرك ليتم التقاط الجسم».

أما "تاطرس" فيضيف: «المشروع بشكله الراهن غير مكلف لأننا اعتمدنا بتصنيعه قطعاً وأجهزة الكترونية قديمة أو معطلة، لكن لتطوير المشروع لا بد من أن تكون التكلفة أكبر، لكن مقارنة مع الخيارات الموجودة بالسوق وخاصة القطع المستوردة فالتكلفة مقبولة».

صورة للحضور

واستكملت "فياض" بالقول: «لم يطغَ جانب واحد على المشروع؛ فهو متكامل متساوي القوة ميكانيكياً وكهربائياً وبرمجياً، على الرغم من الصعوبات التي واجهتنا لكننا صمّمنا على تطبيق المشروع بالإمكانيات المتاحة وبأفضل طرائق ممكنة، حيث أعددنا دراسة هندسية كاملة للمشروع ليس فقط من ناحية التصميم الميكانيكي بل دراسة حركة اليد (الروبوت) في الفراغ أيضاً، وإيجاد المعادلات التي تعبر عن حركة كل إصبع، كما أننا واجهنا بعض الصعوبات في ملاءمة حركة المحركات في آن واحد للتحكم بأكثر من مفصل، وأوجدنا البديل باستخدام دارات بديلة قمنا بتصميمها لتغنينا عن استخدام الدارات المدمجة الخاصة للتحكم بالمحركات، لعدم توافرها بالمميزات التي نحتاج إليها».

تتابع: «برمجياً كان الموضوع أسهل قليلاً، لأنه تطلب منا أن نترجم الدراسة الهندسية الرياضية إلى "كود" برمجي يمكنه أن يعالج المعطيات والبيانات التي تأتيه عن طريق كاميرا، لالتقاط جسم ما، أو عن طريق قفاز يحوي مجموعة من الحساسات؛ حيث تقوم الذراع بتقليد حركة اليد التي ترتدي القفاز، وفي المستقبل يمكن العمل على تطويره حيث تتم إضافة درجة حرية لكل إصبع واستخدام محركات أكثر دقة وأخذ الإشارة من حساسات (EMG) مجسات قياس الإجهادات العضلية».

الدكتور المشرف على المشروع "إياد حاتم" المختص في الهندسة الحيوية يقول عنه: «هو عبارة عن تصميم ليد إنسان آلي يتم التحكم بها عن طريق الحاسوب، الفكرة بدأت منذ عام ومرت بعدة نسخ حتى وصلت إلى هذا الشكل، حيث عمل الطالبان على تقديم الحلول لكثير من المشكلات التي يمكن أن تعترض هذا النوع من المشاريع، سواء من الناحية الميكانيكية أم من ناحية التحكم الآلي، وقد اكتسب الطالبان العديد من المهارات من خلال عملهما في هذا المشروع، وأظهرا حرفية في تطبيقه ومعرفة جيدة بالتقنيات المتعلقة بهذا النوع من المشاريع».

ولدى سؤالنا عن التميز بالمشروع أجاب: «لرغبتهما بالقيام بعمل متكامل فقد استعانا بالدكتور "نائل داوود" المختص في مجال "الروبوت"؛ الذي قدم العديد من الاستشارات لهما وساعد في الإشراف على مراحل تطوير المشروع حتى إنهائه، وتكمن أهمية المشروع بإمكانية استخدامه كبادرة تصميمية ليد لذوي الإعاقة أو المصابين كطرف اصطناعي؛ حيث يتم توظيفه لتأدية حركات تساعد الشخص المصاب على القيام بمهام خاصة باليد، أو التطبيقات الصناعية في المعامل، ويمكن الاعتماد على هذا التصميم وتطويره للوصول إلى منتج حقيقي، يمكن الاستفادة منه وتوفيره كمنتج وطني ينافس بالتكلفة المنتجات المستوردة من الخارج».

يذكر أن المشروع "اليد الهجينة" قد نال الجائزة الفضية في معرض الباسل للإبداع والاختراع السابع عشر، وقد حصلا على علامة 95 من 100 عنه كمشروع تخرج للعام الدراسي 2014-2015، والطالبان "خريستينا فياض" و"جرجي تاطرس" من مواليد عام 1992.