حوارات وتبادل أحاديث بأصوات مرتفعة، صداقات وتعارف بين الطلاب، تناول الأطعمة والمشروبات، خدمة إنترنت ودراسة أيضاً، كلها تجتمع في مكان واحد هو مقاهي الجامعات.

مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 15 تشرين الثاني 2014، لتسط الضوء على دور "المقهى الجامعي" في حياة الطلاب، والتقت "محمود طريف" (طالب طب بشري، سنة خامسة) ويقول: «كثيراً ما ننتظر أن تنتهي المحاضرة حتى نجتمع ونتبادل الأحاديث في المقهى الجامعي، فبدلاً من تناقل الأحاديث في المحاضرة وإثارة الضجيج نقصده لنقضي فيه الوقت المتبقي حتى موعد المحاضرة التالية، ونلبي فيه حاجتنا من طعام وشراب، كما يعد ملتقى الأصدقاء نتسامر فيه ونتحدث عن همومنا ومشكلاتنا المعيشة ونتبادل فيه الآراء، وأجمل الذكريات الجامعية قضاها الطلاب في المقهى وخاصة في السنوات الأولى، حيث يكون كل شيء جديداً وجميلاً».

إن عدد المشاريع المستثمرة لهذا العام بلغ 33 مشروعاً بقيمة تتجاوز 121 مليون ليرة سورية، ويدخل ريع هذه الاستثمارات في الموارد الذاتية لجامعة "دمشق"

الطالبة "هبة مناف" من كلية "البتروكيميا"، تقول: «عادة ما يدور الحديث بيننا في مقهى الكلية حول الامتحان وكيف قضت كل واحدة منا إجازتها، إضافة إلى أحاديثنا المعتادة حول الموضة والأزياء، فهو الموضوع الأكثر إثارة بين الفتيات، ورغم الضجيج والأصوات العالية في المقهى نشاهد طلاباً وطالبات يدرسون هناك، ولعل السبب في ذلك اعتيادهم ارتياد المقهى باستمرار؛ الأمر الذي يجعلهم يتأقلمون مع الجو العام الصاخب دون أن يشعروا بأي ضيق أو عدم تركيز، وهناك طلاب يأتون إلى المقصف للاستماع إلى هذه الموسيقا أو شرب الشاي أو القهوة مع الاستماع إلى موسيقاهم الخاصة من خلال استخدام السماعات الخاصة بالهواتف المحمولة».

مقهى المدينة الجامعية

أما مدرس اللغة العربية "محمد الحمود" فيقول: «يقصد الطلاب المقهى بين المحاضرة والأخرى، وأحياناً يسرقهم الوقت فتطول الجلسة على حساب التحصيل الدراسي، ففيه يتم التعارف وتبدأ علاقات الزمالة، وتتوطد علاقات الصداقة، حيث يتوزع الأصدقاء في أرجاء المقهى وتروى القصص والحكايات وتتداول شؤون الجامعة الأساتذة والدكاترة والناس والحياة والكون، فالحوار مفتوح والشاي والقهوة والمشروبات الغازية و"الساندويتشات" جاهزة لتكون في متناول الجميع، وهناك من وضع خدمة الإنترنت في المقاصف ليتمكن الطلاب من تصفح الإنترنت وتبادل الحديث عبر الدردشة، إضافة إلى تحميل الأغاني الجديدة، لأن خدمة الإنترنت في المقاهي عادة سريعة وتلبي ما يرغبه الطلاب في أقل وقت ممكن».

"طارق بدري" (طالب حقوق سنة ثانية)، يقول: «بعد انتهاء المحاضرة يصبح هم الطالب الوحيد أخذ استراحة بسيطة يعيد شحذ همته لإكمال يوم كامل في تلقي الدروس، رغم أن ربع ساعة من الوقت لا تكفي لكنها قد تجدي نفعاً، ولا سيما أن ملتقى الأصدقاء قد يفتح حواراً حول المشكلات المشتركة التي يعاني منها الشباب الجامعيون والتي بينت خلال الأزمة أن تفكيرنا واحد تجاه ما يصب في مصلحة "سورية" الأم، إضافة إلى الأحاديث المتنوعة والثقافية التي تلعب دوراً في إنشاء جيل جامعي واع مثقف، فالشباب السوريون قدموا نتاجاتهم للعالم مخترعين وفلاسفة وكتاباً وشعراء؛ لذا علينا ألا نستهين بتلك الاستراحة التي قد تكون وسيلة للتعبير عن الشخصية والمعرفة الحقيقية في كل ما يجري».

مقهى كلية الهندسة المدنية

الباحثة الاجتماعية "علا العبودي" تقول: «طالب اليوم مختلف عن طالب الأمس الذي كان مهتماً بالدراسة والبحث والاجتهاد وكذلك تحليه بروح المنافسة العالية، كما أنه كان يقضي أوقات فراغه بين رفوف المكتبات والمراجع، أما طالب اليوم فهو يهتم بهندامه وزملائه وترفيهه أكثر من دراسته، ولا يجتهد إلا عند الامتحانات ويكتفي بالمرور فقط على مواده؛ لأنه يفتقد روح المنافسة».

وتضيف: «يبني كثيرون من الطلاب في الدراسة الجامعية أحلامهم يرسمون فيها مشاريع تخرجهم ويضعون خططاً لتنفيذها، ولجلسات المقاصف الجامعية حكاية تكمل تلك الأحلام؛ فيها يجدون حلولاً لمشكلاتهم العاطفية والاجتماعية المفرحة والمؤلمة؛ لتكون حاضنة لهم يتبادلون فيها آراءهم ويتشاركون جميع حالاتهم فيما بينهم، تؤدي المقاصف الجامعية دوراً حيوياً يجعل منها أحد الشرايين الرئيسة التي لا تستقيم حياة الطالب الجامعي من دونها، لذلك إنها مؤسسة خدماتية موكل إليها تأمين متطلبات أساسية وضرورية للطالب ضمن الحرم الجامعي حتى يستطيع الالتزام ومتابعة محاضراته في يومه الطويل، وهي الملاذ الذي يلجأ إليه للراحة والترويح عن النفس مع أصدقائه؛ لهذا يمكن أن تعد منتدى ثقافياً وعلمياً واجتماعياً، وأجمل تلك الأوقات تستذكرها بعد أن تتخرج في الجامعة».

أما الطالب "طه غسان" فيقول: «أنا أهرب من البرد القارس أو الحر الشديد إلى المقهى، كما أنني ألجأ إليه عندما يكون لدي وقت فراغ بين المحاضرات فلا أتمكن من العودة إلى البيت؛ بسبب صعوبة المواصلات وبعد منزلي عن الجامعة، فيمثل المقهى محطة هروب لكثيرين من الطلاب الذين تبدأ محاضراتهم من الساعة الثامنة صباحاً وحتى الرابعة مساءً فدوامهم طويل؛ وهو ما يجعل الطالب في حالة تعب وشعور بالصداع طوال النهار وخاصة أن مدة المحاضرة ساعتان وتحتاج إلى تركيز الطالب وانتباهه كله وهذا يؤدي إلى الإرهاق، وإن وقت الراحة بين المحاضرات لا يكفي لإزالة هذا الإرهاق».‏

المهندسة "خولة البشارة" رئيسة دائرة المقاصف في جامعة "دمشق" تقول: «إن عدد المشاريع المستثمرة لهذا العام بلغ 33 مشروعاً بقيمة تتجاوز 121 مليون ليرة سورية، ويدخل ريع هذه الاستثمارات في الموارد الذاتية لجامعة "دمشق"».