تعد الفترة الجامعية التي تأتي بعد الدراسة الثانوية من أهم المراحل التعليمية رغم التغيرات والتقلبات فيها من ناحية العلاقات الاجتماعية ومن الناحية النفسية والتعليمية والتدريسية. كما تعتبر السنة الجامعية الأولى هي الحاجز الأول لكل التغيرات والعوائق، ودليل لمدى قدرة الطالب على التأقلم مع هذا النظام التعليمي الجديد المختلف اختلافا جذريا عن السنوات الدراسية السابقة.

اللقاءات المختلفة التي قامت بها (eSyria) على طلاب الجامعة من السنة الأولى لتسألهم عن اختلاف الحياة بعد المرحلة الثانوية وتغيراتها، تشابهت أجوبتها درجة التطابق:

يقول محمد خطاب طالب اقتصاد سنة أولى في جامعة دمشق: "كنا ندرس كتابا مطبوعا بالألوان مكون من عناصر وفقرات محددة، مع مساعدة من مدرس الثانوية والمدرس الخاص، أما الان الأمر مختلف تماما". فيما قال منصور اليافي طالب حقوق سنة أولى في جامعة دمشق موضحا الفرق بين الدراسة في كلا المرحلتين: "الدراسة الثانوية تعتمد على حفظ المعلومات واستظهارها فيما بعد، أما في الجامعة فالصورة مختلفة، فقد يكون المتوفر مرجعا أو كتاباً مختلفاً في تنسيقه أو طريقة عرضة عن الكتب التي اعتاد عليها، وقد يكون الطريق هو الكتابة من وراء الأستاذ في المحاضرة، أو تصوير الأوراق من بعض المراجع ذات الصلة بالموضوع أو من الزملاء الذين قاموا بالكتابة".

المرشد الاجتماعي والنفسي عبد الله مارديني

أما وجهات نظر الطلاب القدامى فقد كانت قريبة جدا من الطلاب المستجدين ولكنها تتصاعد مع التطورات الفكرية والتعليمية تقول سمر حاج قاسم طالبة علم اجتماع سنة رابعة في جامعة دمشق: "لقد كان الشاب في السنة الأولى، يعيش مرحلة المراهقة، همه الفريق الرياضي وانتصاره، أو مشاهدة مسلسل تليفزيوني، أو متابعة أخبار مطرب أو مطربة معينة. أما في السنة الأخيرة يتحول هذا الاهتمام الى تفكير جاد في المستقبل حينما يبدأ التفكير في الكلية والوظيفة بل وفي سائر ما يتعلق بالمستقبل".

إذا يعيش الشاب في السنة الاخيرة من الجامعة، مرحلة خصبة في تفكيره العقلي، تعتبر من أخصب مراحل العمر، وهي فترة تمتاز بالعمق والقدرة على الاستيعاب أكثر من غيرها، على عكس السنة الأولى التي ترى فيها الدكتورة أميمية معراوي (جامعة التعليم المفتوح) طلابها أنهم ما يزالون يعيشون بعقلية طالب المرحلة الثانوية وتفكيره، الأمر الذي يفرض عليها اسلوب خاص للتعامل معهم، قائلة: "حسب شخصية كل طالب وتأقلمه مع حياته الجديدة فبعض الطلاب يجدون صعوبات في التأقلم مع برامج وأساليب التعليم لذلك أضطر للتعامل معهم بأسلوب مختلف عن بقية الطلاب". وتضيف أن طالب الجامعة يأتي إلى هذه المرحلة وقد اجتاز مرحلة المراهقة بكل ما تحمله من مشكلات. فالشاب المراهق كانت تسيره حماسة وعاطفة جياشة وأحلام يقظة بها الكثير من المؤثرات التي تؤثر على المراهق تأثيراً شديداً. وها هو الآن يدخل إلى مرحلة جديدة سوف ترسم مستقبله وتحدد معالم حياته بالكامل. فلا ينبغي له أن يتعامل مع حياته على ضوء تلك المعطيات السابقة التي عاشها في مرحلة المراهقة، ولا يجوز أيضاً أن نخاطبه ونعامله معاملة المراهقين.

ويعد التأقلم النفسي قدرة للطالب على الصمود ضمن مجال التحديات النفسية، والضغوطات الخاصة التي يتعرض لها الطالب في السنة الأولى من الجامعة، وعن هذا بين لنا المرشد الاجتماعي والنفسي عبد الله مارديني أن صعوبة هذا التأقلم تبرز لدى الطلاب الذين يغيرون مكان سكنهم حيث يواجهون صعوبات تأقلم لبيئة جديدة، وأسلوب حياة مختلف يلزمهم به استقلالهم عن عائلاتهم. ففي الظروف الجديدة هم مضطرون لاتخاذ قراراتهم بأنفسهم، والاهتمام بتوفير حاجاتهم الأساسية من طعام ولباس وغيره بشكل مستقل. فالطالب ملزم بالقيام بوظائف جديدة اعتاد دوما أن يقوم بها أشخاص آخرون من أجله، قائلا: "ذكرت أبحاث عديدة أن التأقلم النفسي متأثر لحد ما من الصفات الشخصية، التجارب الشخصية والدعم الاجتماعي الذي يحصل عليه الفرد. وهذا يقودنا إلى أهمية منح الدعم النفسي الكامل للطالب الجامعي في بداية طريقه على الأقل لنساعده بذلك على التأقلم السريع للدراسة الجامعية".

هذا وتعد المرحلة الدراسية السابقة معتمدة على بقاء الطالب في مدينته وسط أسرته، ولكن قدر الحياة الجامعية تتطلب الانتقال إلى مكان آخر، وأن يتحمل مسئوليته تحملاً كاملاً. بعد أن كانت الأسرة هي المسؤولة عن ذلك.