حبّه للعلم جعله يسعى لنيل العديد من الشهادات العلمية، ليأتي وقت إثبات قدرته على نقل المعرفة إلى غيره عبر الأولمبياد السوري العلمي.

مدوّنةُ وطن "eSyria" تواصلت مع المهندس "زكريا الغزالي" بتاريخ 17 حزيران 2020، ليحدثنا عن نفسه، حيث قال: «أول انجاز لي كان في طفولتي في مادة الرياضيات حيث كنت رائداً على مستوى القطر عام 1991 عندما أحرزت المركز الأول في مسابقة "رواد الطلائع"، وكنت حينها طالباً في الصف الرابع، فمنذ الصغر عشقت الهندسة وعلم الجبر وعلوم الفيزياء والكيمياء، وكان نهمي للعلم والتعلم يكبر معي يوماً بعد يوم، حصلت على الشهادة الثانوية عام 2000، وكان معدلي يؤهلني لدخول جميع فروع الهندسة، فدرست هندسة البترول في جامعة "البعث" التي كانت في الكثير من مقرراتها عبارة عن دراسة نظرية بعيدة كل البعد عن علوم الطبيعة والأرقام والحسابات والتفكير والتحليل الذهني، فبدأت أشعر بغربة بيني وبين العلم، وبعد تخرجي من كلية الهندسة البترولية وتعييني في حقول شركة "الفرات" للنفط في محافظة "دير الزور" وزواجي، بدأت عندها رحلتي الثانية في بحور الدراسة الجامعية، حيث قمت بالتسجيل في جامعة "دمشق " قسم الفيزياء، كما سجلت أيضاً بالتوازي مع الفيزياء في كلية الآداب في جامعة "دمشق" قسم التعليم المفتوح في اختصاص ترجمة اللغة الإنكليزية، وبت أدور في فُلكٍ من أربع محافظات هي "درعا" لزيارة أهلي، "دمشق" للدراسة، "دير الزور" مكان إقامتي وعملي، و"حمص" لزيارة أهل زوجتي، وكانت عبارة عن سنوات فيها الكثير من التعب والكد والسفر والنجاح، وأعترف أن صبر زوجتي وتفهمها لرغبتي بالدراسة مرة ثانية، ودفعها ودعمها لي كان عاملاً مساعداً في تخرجي وتحقيق هدفي».

رغم قدومه من وزارة النفط، وبعده عن التربية، إلا أنّه حقق إنجازاً مميزاً على مستوى الجمهورية بنيله المستوى الثاني في الأولمبياد السوري، وكان لعمله التطوعي بالغ الأثر في تحقيق تقدم علمي على مستوى المحافظة، وترك تأثيراً واضحاً في مجتمعه من خلال دفعه طلابه للمراتب المتقدمة في العلوم

أما عن تحوله للتعليم فقال: «عام 2013 أغلقت شركة "الفرات" للنفط مقرها في "دير الزور" نتيجة الأوضاع الأمنية، وعدت إلى قريتي، وبقيت لعدة أشهر بلا عمل ريثما تتم إعادة فرزي لمكان جديد، وأصبح لدي وقت فراغ كبير ملأته بين القراءة وعزف العود والأورغ، لتأتيني فرصة غير متوقعة، حيث طلب مني أخي أن أقوم بتدريس مادة الفيزياء في مدرسة القرية نتيجة لنقص عدد من المدرسين، فأخذت موافقة من وزارة التربية ووزارة النفط واستلمت 8 ساعات في مدرسة الشهيد "مناور الغزالي"، ويمكنني القول أن شعرت بفرح كبير لعملي في التدريس ولعودتي للمدرسة، وبدأت رحلتي في التعليم كانت ساعات ممتعة ومميزة، وقررت المشاركة في أولمبياد المدرسين، وهو يمر بمرحلتين على مستوى المحافظات، ومستوى الجمهورية، ونلت فيه المرتبة الثانية على مستوى الجمهورية، وكرمت مرتين مرة من قبل السيدة "أسماء الأسد"، ومرة من قبل وزارة التربية».

أثناء لقاء مع المهندس زكريا على شاشة التلفزيون

أما حول دفعه لأبناء محافظة "درعا" لتحقيق نتائج مميزة في الأولمبياد فقال: «كانت مشاركات محافظة "درعا" في الأولمبياد العلمي السوري بالنسبة للطلاب خجولة ومتواضعة على مدار أكثر من ستة سنوات، وكانت عبارة عن طالب أو طالبين لم يحققوا أي نتائج على مستوى الجمهورية، في حين كنت وأخوتي قد حققنا نتائج مميزة على مستوى الجمهورية في الأولمبياد العلمي للمدرسين، فأخي "أحمد الغزالي" نال المركز الأول بالفيزياء في الموسم الثالث للمسابقة، وفي الموسم الرابع عام 2018 أحرزت المركز الثاني في الفيزياء، وأخي "محمد الغزالي" حقق المركز الرابع بالرياضيات، وكلنا على مستوى الجمهورية، واعترف أنني شعرت أثناء وجودي في حفل تكريم الطلاب الأوائل على مستوى الجمهورية في العام نفسه أن علي أن أساهم في رفع المستوى العلمي لأبناء منطقتي ومحافظتي، خصوصاً أن عدد المتأهلين من الطلاب كان حينها طالب واحد فقط من محافظة "درعا" ولم يحقق أي نتائج تذكر على مستوى الجمهورية، وهنا قمت بنشر منشور على صفحتي الخاصة على الفيسبوك عن رغبتي بإيصال طلاب محافظة "درعا" إلى مستوى مميز في الأولمبياد العلمي سواءً في الفيزياء أو في الاختصاصات الأربعة الأخرى، وأني جاهز لأي عمل تطوعي أكلف به بشكل واضح، وأتاني الرد من رئيسة هيئة التميز والإبداع المهندسة "هلا الدقاق" التي طلبت مني خطة عمل واضحة وموثقة، فعملت وبمشاركة أخوي "محمد"، و"أحمد" على إعداد خطة عمل وبرنامج تدريبي ضمن جدول زمني محدد، وقدمت هذه الخطة إلى كل من مديرية الأولمبياد العلمي التابعة لهيئة "التميز والإبداع"، ولمديرية التربية، ولاقت الخطة استحسان وموافقة الجهتين، فأخذنا موافقة لإعطاء الدروس وتقديم الدعم وإجراء الاختبارات، وتأهل نتيجة لهذه الجهود في السنة الثانية عشرة طلاب من محافظة "درعا"، ووصل منهم اثنان إلى فريق الأولمبياد الوطني، وكانت هذه أول مرة يصل فيها طالب من "درعا" إلى الفريق الوطني منذ تسع سنوات، وما زلت على دأبي وعملي بين وزارتي النفط والتربية».

رئيسة هيئة التميز والإبداع المهندسة "هلا الدقاق" حدثتنا عن المهندس "زكريا الغزالي" بالقول: «رغم قدومه من وزارة النفط، وبعده عن التربية، إلا أنّه حقق إنجازاً مميزاً على مستوى الجمهورية بنيله المستوى الثاني في الأولمبياد السوري، وكان لعمله التطوعي بالغ الأثر في تحقيق تقدم علمي على مستوى المحافظة، وترك تأثيراً واضحاً في مجتمعه من خلال دفعه طلابه للمراتب المتقدمة في العلوم».

وأضافت: «المدرس "زكريا" شخصية محببة للطلاب، ويأتي من بيئة سباقة للعلم والمعرفة حيث أنّ لديه أخوان شاركا في الأولمبياد العلمي للمدرسين، وحققا نتائج مميزة أيضاً، ويمتلك إيماناً حقيقياً بضرورة تقديم كل ما يستطيع لأبناء مجتمعه للتقدم في طلب العلم والمعرفة، ودائماً ما لاحظت أنّ طريقة تعامله مع طلابه قائمة على الاحترام المتبادل وتقديم الكثير من الجهد والدفع والوعي، بالتزامن مع عزفه الرائع على العود الذي خلق بيئة تعليمة مميزة وقادرة على تنمية قدرات الطلاب، ودفعهم نحو تحقيق نجاحات مميزة».

بقي أنّ نذكر أنّ المهندس" زكريا الغزالي" من مواليد عام 1981 في قرية "قرفا" التابعة لمنطقة "إزرع" في محافظة "درعا"، ويقيم في "مشروع دمر".