تميّزت الدكتورة "ابتسام ديوب" بطموحها الفكري المتجسد في دراستها المعمقة للتاريخ القديم، ونشاطها في مجال البحث عن الآثار، بحيث أصبحت من اللواتي أثّرن فعلياً بميدان العمل الأثري في "سورية".

مدوّنةُ وطن "eSyria" تواصلت مع الدكتورة الآثارية "ابتسام ديوب" اختصاص آثار الشرق القديم بتاريخ 30 نيسان 2020 لتتحدث عن أهمية دراستها للتاريخ وارتباطه بعلم الآثار قائلةً: «بدأ الاهتمام عندي بدارسة التاريخ بشكل أكبر على مقاعد جامعة "تشرين"، حين أدركت مدى أهمية الحاضر الذي نعيشه لأنه سيصبح لاحقاً تاريخاً للأجيال القادمة، ولأن المكان والزمان عنصران مهمان في حياتنا أجد أن دراسة نتاج المجتمعات البشرية سابقاً وبلورتها أعطاني بعداً آخر في فهم الحوادث التاريخية لارتباطها ارتباطاً وثيقاً بعلم الآثار.

هي أكثر شخصية مؤثرة بين الطلاب والأقرب للطالب ونعدّها بمنزلة الأخت لنا والمنبع للعلم، نتشارك معها أفكارها وتسعى دائماً لتطوير العملية التعليمية باتباع وسائل جديدة وتفاعلية منها حلقات البحث الجامعية التي ننفذها، كما نصنع معها منحوتات وأعمالاً يدويةً كنماذج مصغرة عن الآثار، هي قائدة معسكرات ميدانية هادفة تهمها مصلحة الطلاب جميعهم وتكون معنا في كل لحظة أثناء الدراسة والاستراحات والرحلات التعليمية

إنّ الدراسات التاريخية والأثرية معاً شكلتا لدي بناءً هاماً ونموذجاً تفسيرياً شيقاً لفهم الماضي واستقراء الحاضر بكل جوانبه، وشجعني هذا بكل ثقة لإنجاز رسالة دكتوراه اختصاص (آثار الشرق القديم) بكلية الآثار جامعة "القاهرة" عام 2008 لمعرفة أسس مسيرة الإنسان الحضارية عبر الكشف والمتابعة عن كل البقايا واللقى الأثرية المستخرجة وبهدف تفسيرها وتحديد وظيفتها تاريخياً، كرست فيما بعد دراسة هذه العلاقة الوطيدة بين العلمين لدراسة الإرث الثقافي الأثري في "سورية"، وعليه لا بدّ من إنشاء قاعدة بيانات وطنية للملكات الثقافية نظراً لأهميتها البالغة فهي ثروة استراتيجية تجب حمايتها والحفاظ عليها».

في المتحف الوطني بدمشق

وتضيف: «من هذا المنطلق أعمل مع الطلاب في قسم الآثار جامعة "دمشق" على توظيف دارسة التاريخ والآثار ودمجهما بالحياة العملية عبر تدريبهم على تقنيات البحث العلمي التي تخولهم التعامل مع البيبلوغرافيا خارج جدران الجامعة، لتمكينهم من الأبحاث بصورة عملية أكثر كالاطلاع على علم النقوش، المسوكات، علم الكائنات القديمة وغيرها، وعلى الرغم من أنه لا يمكن الفصل بين الدراسة النظرية وتطبيقها، إلا أنّ طلابي يستكشفون بشكل عفوي مع استمرارهم الدائم بالبحث المبرمج وتقنياته، إن الغاية المرجوة من كل الزيارات الاستكشافية الميدانية للطلاب هي التعرف على منهج التنقيب الصحيح وفق أسس مدروسة وسليمة مع طرح عدة إشكاليات حول الموقع ضمن إطاره التاريخي والثقافي والطبيعي للإجابة على كل ما يجول في ذهن الطالب بتحقيق تفاعلية هامة ما بين الطلاب كفريق من جهة ومع المادة العلمية من جهة أخرى».

وعن المعسكرات الميدانية والدورات العلمية التي قدمتها د. "ابتسام" في ميدان علم الآثار ودور الاستكشافات التي قامت بها للمواقع الأثرية في فترة الحرب على "سورية" خاصةً، تابعت حديثها بالقول: «يتبادر إلى الذهن عدة تساؤلات حول دور الجامعة وما يمكن أن تقدمه في ظل تحدٍ مستمر للظروف الراهنة تشجيعاً منها للطلاب على التمسك بالرسالة الثقافية السورية ونقل هذه الأمانة للجمهور والمجتمع ككل، لذلك كانت هناك عدة مبادرات لمجموعة من الأنشطة العلمية والتدريبية منذ عام 2015 حتى اليوم، شاركت بها بالتعاون بين الكادر التدريسي الجامعي والمديرية العامة للآثار والمتاحف، أهمها المعسكرات الإنتاجية للطلبة والمشاركة بندوات علمية في الجامعة وحضوري لعدة فعاليات حول أهمية التراث الأثري وكيفية الحفاظ عليه في موقع مديرية الآثار والمتاحف بـ "دمشق"، إضافةً لتقديم دورات توثيقية في متحف "دمشق" الوطني، كما شاركت بعض الطلاب في توثيق الأضرار التي لحقت بمدينة "تدمر" الأثرية خلال فترة الحرب، بالإضافة إلى زيارة موقع "بصرى" الأثري عام 2019، وزيارات متنوعة للمواقع الأثرية في كل من محافظات "السويداء"، "اللاذقية" و"طرطوس" بالأخص موقع "عمريت" عام 2018، بالإضافة لقيامي بعدة جولات أثرية في مدينة "دمشق القديمة" وآخر النشاطات التي قدمتها على صعيد البحث والحفاظ على الآثار حضوري المؤتمر العلمي في "لبنان" 2020».

خلال إحدى المعسكرات الميدانية مع الطلاب والزملاء

الدكتورة "رحاب إسماعيل" اختصاص آثار رومانية تحدثت عن الصداقة التي تربطها مع د. "ابتسام" منذ أيام دراستها في "مصر" حيث قالت: «أعرفها منذ عام 2008 تقريباً عندما كانت تحضر لنيل شهادة الدكتوراه من جامعة "القاهرة" وكنت المشرفة عليها أثناء دراستها للدكتوراه وقتها، هي إنسانة مجتهدة جداً وصادقة في عملها وتعاملها مع من حولها ومخلصة اجتهدت كثيراً لشدة حبها وتعلقها بعلم الآثار، وهي من خيرة الأساتذة الموجودين حالياً، تتميز بمتابعة كل فعالياتها دون توقف في كل المعسكرات والتدريبات مع طلابها، خصوصاً في ظل الأزمة، وبالتأكيد حبها للعلم ولإعطاء المعلومة كان أقوى سلاح في درب الحضارة الذي كانت وما زالت تسير عليه».

"شذا علي" من طلاب كلية الآثار تحدثت عن الخبرة والثقافة التي اكتسبتها من د. "ابتسام" بالقول: «هي أكثر شخصية مؤثرة بين الطلاب والأقرب للطالب ونعدّها بمنزلة الأخت لنا والمنبع للعلم، نتشارك معها أفكارها وتسعى دائماً لتطوير العملية التعليمية باتباع وسائل جديدة وتفاعلية منها حلقات البحث الجامعية التي ننفذها، كما نصنع معها منحوتات وأعمالاً يدويةً كنماذج مصغرة عن الآثار، هي قائدة معسكرات ميدانية هادفة تهمها مصلحة الطلاب جميعهم وتكون معنا في كل لحظة أثناء الدراسة والاستراحات والرحلات التعليمية».

يذكر أنّ الدكتورة "ابتسام ديوب" من مواليد محافظة "اللاذقية" عام 1976 مجازة في قسم التاريخ جامعة "تشرين" تخرج 1998، وتدرّس حالياً في كلية الآثار جامعة "دمشق".