بعدَ رحلةٍ طويلةٍ من البحثِ المتواصل، حققَ المخترعُ السوريُّ "إياد زهران" فتحاً مهماً في آخر ابتكاراته مع الطاقة البديلة، بإنجازِ جهازٍ يولّدُ الطاقةَ المعتمدةَ بواسطة الهيدروجين النقي المستخلصِ من الماء، ليصنعَ الخليّةَ الهيدروجينية كحلٍّ نهائيٍّ لأزمةِ الوقودِ الأحفوري.

"زهران" الذي عملَ سنواتٍ على ابتكاره، واستهلكَ الكثيرَ من الجهد والوقتَ والمال، تحدّث لمدوّنةِ وطن "eSyria" بتاريخ 10 أيلول 2019، قائلاً: «انطلاقاً من حاجتنا الماسة في حياتنا اليومية للمحروقات المولّدة للطاقة بشكلٍ عام، والحربِ الاقتصادية التي شنّت على الشعب السوري وحاولت النيل من صموده، قمتُ بالبحث عن بديل للطاقة الأحفورية، وتركز العمل على إنتاج طاقة بديلة من طاقة متجددة، ووجدت أنّ طاقة الهيدروجين المولّدة من الماء هي الحلّ الأجدى والأفضل للخروج من الأزمة الاقتصادية.

الميّزة الأساسية لهذه المنظومة هي صداقتها للبيئة، حيث لا يوجد أي انبعاثات كربونية جراء احتراق الهيدروجين، وإنّما تشكل بخار الماء، بالإضافة لأمانها وعدم الحاجة لتخزين الوقود بكميات كبيرة، وبأسعار باهظة وتكاليف (قاصمة للظهر)، حيث إنّنا لم نعد بحاجة إلا لتخزين ما نستهلكه خلال ثلاثة أيام فقط، لأنّ هذه المنظومة تقوم بتوليد الوقود الهيدروجيني عند كل إشراقة شمس يوم جديد

ولكن كان هناك مشكلةٌ في توليد هذا النوع من الوقود، وهو عدم إمكانية تخزينه وضغطه بسبب وجود الأوكسجين الذي يسمح لهذا الغاز بالانفجار في حال وجود أيّ حرارة أو تشكّلِ شرارةٍ مهما كانت بسيطةً وضعيفةً، فبحثت عن طريقةٍ فعالةٍ لفصل الهيدروجين عن الأوكسجين بنقاوة تامة، لأنّها السبيلُ الوحيدُ لإنهاء الخطورة والوصول إلى عملية التخزين، وبالتالي الضغط للهيدروجين، فقمت بتشكيل وتصنيع الخلية الهيدروجينية النقية بتصميمها الحالي الذي يجمع الخزان الرئيسي للماء؛ مع خلية الفصل التي تولّد الهيدروجين والأوكسجين بمخرجين منفصلين، وبنقاوة بنسبة 99.9 لكل غاز عن الآخر، وباتت إمكانية تخزين الهيدروجين والضغط آمنة 100%».

أثناء التجربة في معرض دمشق الدولي

وتابع: «باتت لدينا مشكلة الطاقة الكهربائية التي يستجرها المولّد الهيدروجيني لفصل الماء، وكان علينا البحث عن مصدر للطاقة الكهربائية بشكل مجاني، فتمّ العمل على إدخال وربط الألواح الشمسية والعنفات الريحية لتوليد الطاقة الكهربائية على منظومة توليد وتخزين وضغط الهيدروجين لإلغاء قيمة استجرار الطاقة؛ وجعلها مجانيةً من خلال الطاقات المتجددة، أي أصبحت المنظومةُ متكاملةً من حيث مجانية عملها، وتوليدها للوقود الهيدروجيني، حيث استمدت الطاقة الكهربائية من الطاقات المتجددة (الشمسية - الريحية)، ومن ثمّ توليد الهيدروجين من الماء».

وعن مميزات الاختراع المتعددة، قال: «الميّزة الأساسية لهذه المنظومة هي صداقتها للبيئة، حيث لا يوجد أي انبعاثات كربونية جراء احتراق الهيدروجين، وإنّما تشكل بخار الماء، بالإضافة لأمانها وعدم الحاجة لتخزين الوقود بكميات كبيرة، وبأسعار باهظة وتكاليف (قاصمة للظهر)، حيث إنّنا لم نعد بحاجة إلا لتخزين ما نستهلكه خلال ثلاثة أيام فقط، لأنّ هذه المنظومة تقوم بتوليد الوقود الهيدروجيني عند كل إشراقة شمس يوم جديد».

نموذج لجهاز المستقبل

وعن سيرته الذاتية قبل أن يصل إلى هذه المرحلة، قال: «ولدت في "دمشق" العام 1974، ودرست في مدارسها، وكانت هوايتي إصلاح الأدوات الإلكترونية، فمنها ما كان يعود للحياة، ومنها ما كان يدفن في المقبرة الجماعية مع سابقاتها، لكن منذ صغري وأنا أهوى الإبداع وحلّ المشاكل المستعصية في أي مجال،

بعد إنهائي المرحلة الثانوية لم تخولني علاماتي دخول المرحلة الجامعية، فدرست التصميم الإعلاني على نفقتي الخاصة في بيروت سنة 1993، وعدت إلى "دمشق"، وامتهنت صناعة الإعلان، وخلال ممارستي هذه المهنة الإبداعية كنت أبحث عن بديل للطاقة يحقق التجدد والمجانية، وقرأت عن المخترع "ستانلي ماير"، وعن إنجازاته في تشغيل السيارة على الماء، وتحريت عن خصائص هذه الطاقة، وشدني فيها حجم أدائها وميزاتها وخاصة أنّها تتولد من فصل ذرات الماء، وعند دخول الوطن في أزمته الطويلة توقف عملي في الإعلان، وبدأت رحلتي في التّبحر والتجارب في إطلاق هذه الطاقة وتفجيرها لتظهر إلى العلن.

شاركت في معرض "الباسل" للإبداع والاختراع الذي كان المنبر الأساس والوضاء لإطلاق هذه المنظومة المجانية من ألفها إلى ما بعد يائها، وإطلاع السوق والناس عليها، وهي المنظومة الأولى على مستوى المنطقة العربية، والتي ستحقق توليد الطاقة ووقود المستقبل عن طريق الطاقات المتجددة دون أيّ عبءٍ ماديٍّ أو تحت أيّ ظرفٍ من ظروف الحصار الاقتصادي».

الدكتور "محمود حسين" مدير مركز بحوث الطاقات المتجددة في جامعة "حلب" قال: «وجدت في شخصية "زهران" الطاقة والحياة والشغف الذي يصنع إبداعاً يفيد به مجتمعه ووطنه، وعندما عرض عليّ ابتكاره لجهاز المستقبل اكتشفت أنّه متكاملٌ بعد التجربة العملية التي أدت لفصل الهيدروجين عن الأوكسجين بنقاوة تكاد تكون كاملةً، والأهم أنّها طاقة مجانية تماماً وصديقة للبيئة ولا يستطيع كائن أن يوقفها أو يتحكم بها أو يمنع أدواتها الأولية، فهي كالشمس التي تشرق على الجميع ولا يستطيع عدو منع أشعتها من السقوط على الأرض، هذه الطاقة التي عرفها الغرب واستخدمها قابلة للحياة عندنا بصورة طبيعية، وما علينا سوى أن ندعمها، ونطلقها للعمل من أجل توفير طاقة متجددة ونظيفة ومجانية.

إنّ عمل "إياد زهران" المبتكر على مستوى المنطقة يوفر الكثير من المال والجهد والوقت، ويوقف - مع الطاقات المتجددة التي نعمل عليها - الحرب على الشعب السوري، ويحقق استقلالية قراره مهما كانت الضغوطات والأزمات، فالطاقة نوع من أنواع الحياة كالماء».