صنعَ المخترعُ "فادي معقالي" عالمه الواسع، مستنداً إلى إرث كبير من العلم والثقة، فاكتسب خلال فترة طفولته الأولى الخبرة في مجال إطفاء الحرائق، وطوّرها لاحقاً ليكوّن شركته الكبرى التي أغناها بما جاد به عقله لحماية الممتلكات من الأذى.

من بيئة حاضنة للمبتكرين، خرج "معقالي"، كما تحدث لمدونةِ وطن "eSyria" بتاريخ 6 تموز 2019، وقال: «نشأتُ بين "دمشق"، و"النبك"، ودخلتُ فرعَ الميكانيك في ثانوية "يبرود" الصناعية. وأتابع دراستي بعد توقف خمسة وعشرين عاماً، حيث تقدمت للثانوية العامة، ودخلت كلية الحقوق، امتهنت مهنة والدي في أجهزة إطفاء الحريق ومعداتها وموادها، فهي مهنة الأب عن الجد، ومنذ الطفولة وأنا أقضي العطلة الصيفية في الشركة، ومع الورشة، فتعلمت المهنة منذ الصغر، وخلال مرافقتي والدي في أسفاره إلى الدول الأوربية اكتسبت كثيراً من الخبرات، وخلال معايشتي لأخطار الحريق وما نراه يومياً من كوارث حريق، بدأت أفكر في جهاز يختصر الوقت والخسائر المادية والبشرية، واستهلكت مني التجارب مدة 3 سنوات».

السوري دائما أقوى من أي حرب، والأزمات تصقلنا وتزيد إصرارنا على التقدم، ونسعى جاهدين للنهوض بالمخترع السوري، وأن يصبح له صفة اعتبارية، وربطه مع المستثمرين، وتشجيعه على المضي قدماً في اختراعاته، نحن نحتاج لكل إنسان وطنيّ وشريف في "سورية"، لنصل إلى نهضة علمية وفكرية كبيرة على مستوى العالم من خلال إيجاد البيئة المناسبة والحافز الحقيقي للمخترعين والمبدعين، فلن يستطيع أيّ شخص أن يحجب ضوء الشمس بإصبعه

وعما توصل إليه خلال مسيرته مع أجهزة الحرائق، أضاف: «بدأت بإنتاج أجهزة إطفاء الحريق الأتوماتيك الحراري، واليدوي، والمتحرك بجميع أشكاله وأحجامه، وبعد دراسة وتجارب طويلة؛ توصلت لاختراعي الأهم وهو جهاز إطفاء الحريق الأتوماتيكي مع الإنذار الصوتي والمرئي والاتصال الهاتفي اللاسلكي، وهو جهاز متطور جداً، ويحمي الأملاك الخاصة من الأذى، ويحتاجه كل منزل، فجميعنا معرضون لذلك، وقد حصلت على براءة اختراع من خلاله، وعلى عدد كبير من شهادات التقدير، وعلى كأس كريستال، وشهادة من "الجمعية العالمية للمخترعين"، وحالياً أعمل على تسجيل ثلاث اختراعات جديدة».

ناشر ثقافة منع الحرائق

وعن دوره في دعم المخترعين الشباب، وسد احتياجاتهم، وتوظيفهم، قال: «شكّلنا لجنة لدعم المخترعين في اتحاد المصدرين، وتم انتخابي رئيساً للجنة من قبل الإخوة المخترعين، وبدأنا بالعمل، واجتمعنا مع وزير الصناعة قبل السابق، وطلبت منه أن يمنح كل مخترع يحصل على براءة اختراع سجلاً صناعياً؛ دون الإجراءات والمستندات المطلوبة كون المخترع لا يستطيع إنشاء معمل لإنتاج اختراعه، ووافق الوزير مشكوراً، لكنّ المشروعَ مجمدٌ حتى اللحظة، في شركتي ثلاثة عشر موظفاً وموظفة، يعملون بطاقة جميلة للمحافظة على الشركة واستمرارها، وحالياً نقوم بتأسيس شيء جديد ومهم على مستوى القطر لدعم المخترعين، ولن نفصح عنه حتى لا يتعرض للتشويش».

وعن أعماله مع زملائه لجعل "سورية" تستعيد عافيتها بعد الحرب، ختم بالقول: «السوري دائما أقوى من أي حرب، والأزمات تصقلنا وتزيد إصرارنا على التقدم، ونسعى جاهدين للنهوض بالمخترع السوري، وأن يصبح له صفة اعتبارية، وربطه مع المستثمرين، وتشجيعه على المضي قدماً في اختراعاته، نحن نحتاج لكل إنسان وطنيّ وشريف في "سورية"، لنصل إلى نهضة علمية وفكرية كبيرة على مستوى العالم من خلال إيجاد البيئة المناسبة والحافز الحقيقي للمخترعين والمبدعين، فلن يستطيع أيّ شخص أن يحجب ضوء الشمس بإصبعه».

الوالد المؤسس

وتحدث المخترع السوري المعروف "سلمان الأحمد" عن "معقالي"، والبيئة التي نشأ بها؛ قائلاً: «هو الشاب الطموح المجتهد المتابع للتكنولوجيا الحديثة في العالم، اكتسب خبرته الأولى من والده رجل الأعمال "عبد العزيز معقالي" الذي يعدّ من المؤسسين الأوائل لمهنة مكافحة الحرائق في "سورية"، وقد أسس شركة تجهيزات لإطفاء الحريق منذ ستينيات القرن الماضي، وكان لديه شركة في "ألمانيا"، ويصطحب "فادي" معه منذ الصغر إلى كثير من دول العالم، فكسب خبرة والده وصقلها وطوّرها من خلال السفر إلى الدول الأوروبية والعربية، وباجتهاده الكبير وصل إلى أول اخترع له. وقد أبدى استعداده للحكومة السورية لإطفاء حرائق آبار النفط والغاز بـ"سورية" من خلال تصنيعه لتجهيزات ومعدات قادرة على إطفاء حريق البئر خلال أقل من دقيقة. والآن لديه اختراع جديد على مستوى عالٍ جداً، ولكنّه مترددٌ في تسجيله لعدم وجود حوافز ودعم وتشجيع للمخترعين في "سورية"، ولقد تلقى عدة دعوات لتسجيل اختراعه في الخارج، وقد أسس مؤسسة لإطفاء الحريق في عام 1999، ولديه عدد من الفروع في المحافظات السورية، وقد حصل على الكثير من شهادات التقدير، هو مثال رائع عن المبدعين والمخترعين السوريين الذين لديهم إمكانات هائلة وعظيمة لحلّ مشاكل كبيرة ومتعددة يتعرض لها بلدنا في ظل الحصار الجائر علينا، وهذا الإبداع الفكري هو ثروة وطنية كبيرة تحتاج إلى شخصيات قيادية ومسؤولة تقدر أهميتها في الاعتماد على الذات وتطوير الاقتصاد الوطني وتأمين فرص عمل لعدد كبير من الأسر السورية».

يذكر أنّ المخترع "فادي معقالي" من مواليد مدينة "النبك" في "ريف دمشق" عام 1973.

المخترع سلمان الأحمد