بإصرار كبير وقدرة على تطوير الذات في عدة مجالات، استطاع "محمد سمير طحان" أن يكوِّن شخصيته الإعلامية الحاضرة في مجال الإعلام الثقافي، ويسير بخطوات طموحة وراء شغفه في كتابة السيناريو والإخراج، ليحقق تكامل العملين الإعلامي والإخراجي معاً.

مدونة وطن "eSyria" تواصلت معه عبر مواقع التواصل الاجتماعي بتاريخ 11 أيار 2019، وعن ميله إلى الفنون يقول: «منذ عمر مبكر كنت ميالاً إلى الفنون بأنواعها، من رسم وغناء ورقص، إلى جانب تفوقي في الدراسة بجميع المواد، مع خصوصية مادة التعبير لدي، وجاءت قدرتي على تكوين صداقات قوية مع زملائي، ومعلماتي اللواتي كان أغلبهن ينصبونني عريفاً للصف، لما كنت أتمتع به من قدرة على القيادة، هذا التنوع خلق لدي أحلاماً كثيرة وطموحات في المستقبل، وفي المرحلة الثانوية كنت في فرقة الفنون الشعبية لفرع "دمشق" لمنظمة "شبيبة الثورة"، ونلت الريادة على مستوى القطر في هذا المجال، لتتبلور اختياراتي أكثر بعد حصولي على الشهادة الثانوية الفرع العلمي عام 1999، ورغبتي بدخول كلية الفنون الجميلة، أو المعهد العالي للفنون المسرحية بأحد قسميه التمثيل أو الدراسات المسرحية، وعلى الرغم من نجاحي في امتحان القبول بكلية الفنون الجميلة متجاوزاً الآلاف من المتقدمين، إلا أن علاماتي في الثانوية العامة لم تؤهلني لدخولها، لينصب تركيزي على دخول المعهد العالي للفنون المسرحية، إلا أن النتيجة جاءت أيضاً بما لم تهوَ نفسي على الرغم من نجاحي في فحص القبول الكتابي بقسم الدراسات المسرحية، فدرست لسنتين في المعهد المتوسط الإحصائي وتخرّجت فيه باختصاص مساعد مجاز في الحاسبات الإلكترونية بتفوق، وتوظفت في المؤسسة العامة لمياه الشرب في "دمشق"».

"سمير طحان" لطيف ودمث، مبدع، عديد المنابر، عديد الوجوه، صحفي متمرس، قدم مشروعاً في "سينما الشباب"، وآخر من إنتاجه، وحضرنا له مؤخراً فيلم "رائد فضاء" في مهرجان "سينما الشباب والأفلام القصيرة"، أعتز بأنني صديق وزميل له، هو شخص مهني يحترم عمله وما يقدم من أفكار

وعن سعيه لتحقيق أحلامه بالدراسة والعمل يتابع قائلاً: «شعرت بالضيق لعدم قدرتي على تحقيق طموحي على الرغم من نجاحي في وظيفتي، وتعييني كرئيس قسم جديد، فقمت بالتسجيل في كلية الإعلام عام 2002 بنظام التعليم المفتوح، وتخرجت عام 2006، ليتضح طريقي شيئاً فشيئاً، كنت أفكر دوماً باتجاهين؛ الأول يتوافق مع الواقع المحيط بي وظروفي، والثاني يجنح نحو الحلم البعيد، من هنا وجدت في العلاقات العامة الخيار الأقرب إلى وظيفتي، فتقدمت لإدارة المؤسسة التي أعمل بها بخطة عمل متكاملة في مجال العلاقات العامة، وتمت الموافقة عليها، وتعييني مديراً للعلاقات العامة فيها، لتنتقل معها المؤسسة إلى مرحلة جديدة في آلية عملها وتعاملها مع المشتركين لديها، فكان هناك مشروع لتحديث مراكز الجباية للمؤسسة لتأخذ شكلاً عصرياً؛ وهو ما أعطاني خبرة مركزة في مدة زمنية قصيرة أهلتني لأكون بذات الوقت مديراً لفرع شركة مهمة لبيع السيارت في "دمشق"».

ملصق فيلم "اللعبة"

وفيما يتعلق بعمله الإعلامي يقول: «تقدمت عام 2008 لمسابقة تعيين في الوكالة العربية السورية للأنباء "سانا"، ونجحت، فعملت فيها بعد استقالتي من عملي في مؤسسة المياه، وفي الوقت نفسه استمر عملي في شركة السيارات؛ فكنت أحقق شغفي في العمل الإعلامي الذي اختصر كل ميولي الفنية عبر تخصصي في المجال الثقافي، وبين طموحي في عالم الإدارة والأعمال، ففي عملي في الإعلام الثقافي كان لدي مساران متوازيان؛ الأول معني بنقل الفعاليات الثقافية المتتالية يومياً، والثاني معني بالبحث عن التجارب الثقافية المهمة، وتسليط الضوء عليها في مختلف أنواع الفنون والثقافة عبر إجراء الحوارات مع أصحاب المشاريع الثقافية والفنية، مع إنجاز التقارير الصحفية والتحقيقات الخاصة بالجانب الثقافي والفني، إلى جانب كتابتي للمقال في عدد من الصفحات الثقافية في الصحف الدوريات المحلية والعربية، الذي كنت عبره أقدم الرأي الصريح، والمباشر في العديد من المواضيع والمنتجات الثقافية والفنية».

وعن الصعوبات التي واجهت مشروعه الخاص يقول: «خلال سنوات الحرب كان لدي مشروع فردي عملت عليه بمساعدة زميلي الصحفي "سامر الشغري" رئيس القسم الثقافي في وكالة "سانا"، فقمت بإجراء أكثر من 800 حوار مع مثقفين وفنانين سوريين من مختلف الاختصاصات في الفن التشكيلي والموسيقا والغناء، أو المسرح والدراما، وغيرها داخل "سورية"، وخارجها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وجمعت هذه الحوارات في عدة كتب حسب التخصص، إلا أن هذا المشروع تعرقل لعدة أسباب، أهمها عدم وجود جهة ناشرة تتبنى مثل هذه المشاريع التوثيقية في زمن الحرب، مع كل حوار كنت أجريه مع الفنانين والمثقفين من أبناء بلدي كانت ثقتي بقدرة الإنسان السوري على العطاء والإبداع تترسخ أكثر؛ وهو ما كان يولّد في داخلي طاقة غريبة على الاستمرار في العمل على الرغم من كل المعوقات، ويعطيني أملاً بأن النفق الذي نمر به جميعاً سينتهي بأيدي السوريين أنفسهم، وهذا ما كنت أريد إيصاله إلى كل الناس في العالم».

مشهد من فيلم "رائد فضاء"

وفيما يتعلق بعمله في الكتابة والإخراج يقول: «في عام 2015 وبعد معاناتي لعدة سنوات من حالة اكتئاب حادة نتيجة ظروف خاصة، لاحت لي بارقة أمل على الصعيد الشخصي، من خلال فوزي بالمسابقة الأولى لسيناريو سينما الأطفال التي أطلقتها المؤسسة العامة للسينما عن نص فيلم "الدمية المحاصرة"؛ لتكون البداية مع عالم كتابة السيناريو، وبعدها قمت بإنجاز فيلم "اللعبة" كتابةً وإخراجاً بمساعدة عدد من الأصدقاء من دون وجود جهة إنتاجية له، وعرض على هامش مهرجان "سينما الشباب والأفلام القصيرة" بدورته الرابعة، وفي مهرجان "خطوات السينمائي"، وتقدمت بعدها لمشروع "دعم سينما الشباب"، وأنجزت فيلم "إشارة حمرا" ليشارك في ذات المهرجان بدورته الخامسة، وينال تنويهاً في تظاهرة "أيام دمشق السينمائية" ضمن مسابقة لجنة التحكيم، كما شاركت في الدورة السادسة من المهرجان بفيلمين هما: "رائد فضاء"، من تأليفي وإخراجي، و"قضبان المدينة"، من تأليفي وإخراج "فادي رحمون"، كما فاز فيلمي "بوظة" في مسابقة اختيار نصوص الأفلام القصيرة التي أطلقتها مديرية الإنتاج في الهيئة العامة للاذاعة والتلفزيون، وقدمت مسرحيتي الأولى "الطين الأحمر" تأليفاً وإخراجاً على خشبة مسرح "القباني"، ضمن مشروع "دعم مسرح الشباب"، إذ فاز النص بموافقة لجنتي قراءة في مديرية المسارح والموسيقا، وكان النص السوري الوحيد للكبار من بين النصوص الخمسة الفائزة بالمنح، وهو عرض (مونودراما) تدخل فيه السينما إلى جانب الأداء الحي على الخشبة لتقديم فرجة بصرية من نوع مختلف عما يقدم عادةً في المسرح السوري».

وعن رسالته في العملين الصحفي والإخراجي يقول: «في كل ما قدمت من قصص قصيرة نشرت في الصحافة، أو عبر الأفلام السينمائية، والعرض المسرحي الذي قدمته، كنت ملتزماً بقضايا الإنسان السوري خلال الحرب، وخاصةً الطفل والمرأة، لأنهما الأكثر تعرضاً للظلم خلال سنوات الحرب، والأكثر حساسيةً تجاه الألم والمعاناة، كما أن مستقبل أي بلد في العالم مرهون بحالة أطفاله، وقدرة نسائه على تربية جيل معافى قادر على العطاء والإبداع، لطالما كان الإخراج للسينما أو المسرح شغفاً مكملاً لحالة الكتابة، وهو ما يزال في طور الهواية التي أحاول تطويرها وإغناءها مع كل تجربة جديدة أقدمها، وطموحي في هذا المجال كبير، وطريقي ما يزال في بدايته؛ وهو ما يتطلب الكثير من الجهد لاكتساب المعارف والخبرة اللازمة لولوج عالم الإخراج كما يجب، لدي الكثير لقوله، ومن هنا تأتي حالة التكامل بين العمل الإعلامي والكتابة الإبداعية، ودائماً أنطلق من مشروعي الثقافي الساعي إلى المساهمة في بناء وتحصين هذا المجتمع الذي نعيش فيه؛ لتكون حياتنا ومستقبل أولادنا أفضل».

مسرحية "الطين الأحمر"

من جهته "نضال قوشحة" الصحفي والناقد السينمائي يقول: «"سمير طحان" لطيف ودمث، مبدع، عديد المنابر، عديد الوجوه، صحفي متمرس، قدم مشروعاً في "سينما الشباب"، وآخر من إنتاجه، وحضرنا له مؤخراً فيلم "رائد فضاء" في مهرجان "سينما الشباب والأفلام القصيرة"، أعتز بأنني صديق وزميل له، هو شخص مهني يحترم عمله وما يقدم من أفكار».

يذكر، أن الإعلامي والمخرج "محمد سمير طحان" من مواليد "دمشق"، عام 1980،

تخرج في "المعهد المتوسط الإحصائي" عام 2001، وفي مركز "أدهم إسماعيل" للفنون الجميلة عام 2004، حاصل على إجازة في الإعلام عام 2006، ودبلوم التأهيل والتخصص في إدارة الموارد البشرية من المعهد العالي للتنمية الادارية عام 2010، مشارك في المسرح الجامعي بين عامي 2000-2002، وعضو في فرقة "إنانا" لمدة عام، يعمل معدّ برامج في قناة "السورية" منذ عام 2018.