بدافع كبير لعمل الخير، وإحساس بالمسؤولية الاجتماعية، استطاعت الراحلة "هيفاء اللحام" أن تقوم بالعديد من النشاطات الإنسانية، وتقدم الدعم المادي والمعنوي للجمعيات الخيرية عبر مسيرة طويلة من العطاء دامت خمسة وأربعين عاماً.

مدونة وطن "eSyria" التقت ابنتها "رشا معصراني" بتاريخ 27 كانون الثاني 2019، في مقرّ جمعية "المبرة" النسائية، وهي من المؤسسات فيها، وعن والدتها تقول: «تنتمي والدتي "هيفاء اللحام" إلى عائلة عريقة؛ فوالدها (جدي) كان شخصية مميزة درس في "تركيا" فنون الحرب والعلاقات الدولية، وكان يتمتع بسرعة البديهة، ولديه ميول أدبية في كتابة الشعر، فورثت منه هذه الخصال، ووالدتها (جدتي) كانت سيدة من سيدات المجتمع الدمشقي المعروفات "فطمة الرجولة"، الجميلة والأنيقة، والمعروفة على الصعيد الاجتماعي بطباعها الراقية، ووالدتي الراحلة "هيفاء" ورثت من والديها الشكل الجميل ومحبة الناس والشخصية المرحة وسرعة البديهة، كانت سيدة متكاملة، ربة منزل محترمة، تقوم بواجبتها على أكمل وجه، لم يمنعها عملها الخيري من الاهتمام بشؤون المنزل والأسرة، كانت سيدة معطاءة وكريمة وحنونة، شجعها والدي على العمل التطوعي الذي بدأته عندما كنت في المرحلة الثانوية، حيث كانت أكثر تفرغاً وأحبت أن تملأ وقتها بالعمل الخيري، كانت تعمل يومياً، ومنتسبة إلى جمعيات خيرية عديدة، وهي: "المبرة النسائية"، "الهلال الأحمر العربي السوري"، "صندوق الرجاء" الخيري، وتدعم الجمعيات الأخرى في أنشطتها التطوعية، كما كانت عضوة في جمعية "أصدقاء دمشق" لمدة معينة، وتعدّ الجمعية "المبرة" بيتها الثاني، وعندما كانت تعاني المرض، تجد في زيارتها لها الشفاء من الألم، حاولت أن تطور إمكاناتها العملية من خلال حضور العديد من ورشات العمل والدورات التدريبية في الجمعيات، كل ذلك ساهم في تنمية شخصيتها، وتقوية علاقاتها الاجتماعية، وأتمنى أن يكون ما قدمته ترك أثراً طيباً».

كان هدف والدتي من العمل الخيري تقديم الدعم للفقراء ومساعدة الناس، ولا سيما الأطفال المحرومون من خلال نشاطاتها في الجمعيات الخيرية، وبقيت تتمتع بالشخصية المرحة، وروح الطرفة، والوجه البشوش حتى آخر لحظة من حياتها، هي شخصية محبة للحياة ولطيفة، وصاحبة ذوق راقٍ، تحب عائلتها وأحفادها، وكانت حريصة على مشاعرنا كثيراً، وفي كثير من الأحيان كانت تقدم الدعم المادي والمعنوي للجمعيات

من جهتها ابنتها "ندى معصراني" تقول: «كان هدف والدتي من العمل الخيري تقديم الدعم للفقراء ومساعدة الناس، ولا سيما الأطفال المحرومون من خلال نشاطاتها في الجمعيات الخيرية، وبقيت تتمتع بالشخصية المرحة، وروح الطرفة، والوجه البشوش حتى آخر لحظة من حياتها، هي شخصية محبة للحياة ولطيفة، وصاحبة ذوق راقٍ، تحب عائلتها وأحفادها، وكانت حريصة على مشاعرنا كثيراً، وفي كثير من الأحيان كانت تقدم الدعم المادي والمعنوي للجمعيات».

ابنتها "رشا معصراني"

الإعلامية "نجوى الرجولة" صديقتها ورفيقة الدرب في العمل الإنساني، والعضوة في جمعية "المبرة" النسائية منذ عام 1955، تحدثت عن نشاطات الراحلة قائلةً: «انتسبت "هيفاء" إلى الجمعية عام 1974 بدافع التطوع والقيام بعمل إنساني مفيد للأطفال المحرومين من رعاية الأسرة، وخدمة المجتمع، من دون تحقيق أي فائدة مادية، بل بكثير من المحبة والإنسانية، وكنا معاً نطهو للأطفال في شهر رمضان ونقدم الخدمات، وكانت لها بصمة خاصة من الناحية الاجتماعية، تتمتع بمركز اجتماعي، وتتميز بمحبتها للآخرين، وعلاقاتها الاجتماعية الواسعة، شخصية محبة ومحبوبة المعشر، جميلة الوجه والروح، وتنقسم نشاطاتها إلى داخلية ضمن الجمعية في اللجنة الاجتماعية لمساعدة الأطفال، حيث كانت تبذل الجهود لتحقيق العائد المادي للجمعيات، بتفانيها الدائم وإخلاصها في العمل، كانت من الأوائل الذين أطلقوا فكرة إقامة الغداء والإفطار الخيريين بهدف جمع التبرعات. كما عملت في لجنة الاهتمام بالأطفال خارج الجمعية عام 1975، واستطاعت الوصول إلى 200 أسرة محتاجة خارج الجمعية، ولم تتوانَ عن ذلك العمل على الرغم من الصعوبات التي كنا نواجهها، حيث كنا نزور مناطق خارج "دمشق" بهدف دراسة الوضع المعيشي للأسر، وتمكين المرأة وتعريفها بحقوقها وواجباتها، وتهتم بأدق التفاصيل للأسر المحتاجة، مثل: التسرب الدراسي، ونشر الوعي، ومتابعة شؤونهم، وإشراكهم في الدورات التدريبية، كانت تقوم بهذه الجولات بكل نشاط واهتمام، ورغبة كبيرة لمساعدة الآخرين، وبفضل الجهود المبذولة عبر السنوات استطعنا تطوير عمل الجمعية وتوسيع البناء الذي بدأ بطابق واحد».

بدورها "رنا البابا" المديرة التنفيذية لجمعية "المبرة" النسائية تقول: «انتسبت الراحلة "هيفاء" إلى الجمعية عام 1974، وهي عضوة إدارية لمدة تزيد على 25 عاماً، وعضوة في اللجنة الاجتماعية لسنوات طويلة حتى قبل أشهر من وفاتها، أعرفها منذ ثمانية سنوات، تميزت بالعمل بتكاتف وإخلاص ومحبة، إنسانة متواضعة، نقلت محبتها للعمل التطوعي الاجتماعي لابنتيها "رشا" المتطوعة في "الأنعام الخيرية"، و"ندى" المتطوعة في جمعية "التواصل الحضاري"، وكذلك حفيدتها التي تعمل في جمعية "حقوق الطفل"، والخير الذي قدمته طوال حياتها مستمر لم يمت، حيث كوّنت سلسلة من عمل الخير، وهي من مؤسسي الجمعية، وتمثّل مع باقي المؤسسات الأوائل "ليلى البكري"، "نجوى الرجولة"، وغيرهن، وسام العمل الاجتماعي الخيري، واستمرارية الجمعية بفضل جهودهن العظيمة، فهن الجذور التي أسست البناء، وعمل الخير الذي قدمنه كان صادقاً جداً؛ وهو ما أدى إلى استمراره حتى اليوم».

الإعلامية "نجوى الرجولة"

يذكر، أن الراحلة "هيفاء اللحام" من مواليد "دمشق" عام 1932، توفيت في "دمشق" بتاريخ 14 كانون الثاني 2019، عن عمر يناهز 86 عاماً، حاصلة على درع تكريمي من جمعية "المبرة" النسائية عام 2016، وشهادت تدريبية عديدة.

درع تكريمي من "المبرة"