لم يترك المطالعة يوماً، فهي زاده اليومي، حيث يقتنص منها عوالمه السياسية والإعلامية التي باتت زاده الذي ينقله إلى طلابه ومتابعيه منذ سنوات طويلة.

مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 17 تشرين الأول 2018، الدكتور "إبراهيم زعير" ليتحدث عن طفولته ودراسته بالقول: «ولدت في بيئة فقيرة معدمة، توفى والدي عندما كان عمري شهرين، ومنذ ولادتي إلى الصف الثالث الابتدائي لم ألبس أي شيء في قدمي، لكن والدتي الراحلة مع أنها أميّة كانت تهتم كثيراً بدراستي، وكنت أجد صعوبة كبيرة في الوصول إلى المدرسة في الصف الأول بسبب ذهابي حافي القدمين.

أراه سمو الفكر، أصالة العلم، وفيض من عطاءات لا تنضب، في جعبته حكاية خبرات تركت بصماتها في ألباب من عرفه. موسوعة في نقاء المعلومة، كان ولا يزال البوصلة التي ترشد التائه لصحيح المسار. تعلمنا منه الحكمة والصبر والتواضع الجم، فكان المعلم الناصح والملهم لحياة عملية قادمة، وشعرنا طوال السنوات التي عرفناه بها أنه الأب الناصح والمليء بالمحبة الخلق، وكان من أكثر الأشخاص التي علّمت في مشوارنا الدراسي

من الصف الثالث إلى التاسع كان لي الشرف في المرتبة الأولى في المدرسة، البيئة في مدينة "السلمية" لعبت دوراً من خلال المبارزة في الشعر والقراءة والكتب، كنت أبيع التمر وأشتري بما أجنيه كتباً، وما زلت أحتفظ بالقسم الأعظم منها حتى الآن، لأنها مرتبطة بطفولتي، وأول وعيي لهذه الحياة، واكتسبت منها الكثير من الخبرة في دراستي. انتقلت للسكن في "دمشق" عندما كنت في الصف السابع، وفي عام 1970 درست سنة واحدة في كلية الحقوق في جامعة "دمشق"، وبعد ذلك سافرت إلى "الاتحاد السوفييتي" لأكمل دراستي في كلية الصحافة والنشر بجامعة "موسكو"، وفي عام 1977 انتهيت من دراسة الماجستير وتابعت دراسة الدكتوراه إلى أن حصلت عليها عام 1982، وعدت إلى "سورية"، وبدأت العمل في صحيفة "الثورة" قسم الدراسات والترجمة، وفي عام 1990 بدأت التدريس في جامعة "دمشق" كلية الإعلام، وفي عام 2001 سافرت إلى مؤتمرات دولية في "طاجاكستان" و"إيران"، وفي العام نفسه شغلت منصب مدير المكتب الصحفي في وزارة الإسكان والمرافق، وكنت رئيس تحرير مجلة "العمران" التابعة للوزارة، وعضو مجلس اتحاد الصحفيين السوريين، حيث انتخبت لثلاث دورات».

الدكتور نزار جديد

وعن نشاطاته الإعلامية، يضيف: «كنت ضيفاً دائماً لدى المراكز الثقافية في المحافظات، وألقيت محاضرات في مختلف المجالات، وسافرت إلى "الجزائر" و"عمان"، وقمت بدورة تدريبية للصحفيين العمانيين في "مسقط"، وفي عام 2004 بدأت كضيف في الإذاعة والتلفزيون، وكتبت العديد من الدراسات السياسية، وترجمت عن اللغة الروسية مواضيع مختلفة، ونشرتها في الصحف والمواقع العربية.

ومع بداية الحرب على "سورية" كتبت في الصحافة، وكنت أظهر في الإذاعة والتلفزيون لأدافع عن بلدي، وأتابع في ذات الوقت عملي في الجامعة».

وعن مواصفات المحلل السياسي والخبير الاستراتيجي، قال الدكتور "إبراهيم": «أحياناً هذه المصطلحات المتداولة في وسائل الإعلام قد لا تتطابق على الموصوف، الخبير الاستراتيجي هو ذلك الشخص الذي يتمتع بثقافة واسعة جداً ومعرفة وسعة أفق ومتابعة دقيقة لكل ما يحدث، ولا سيما في مجال السياسة، ولديه القدرة على التنبؤ بما سيحدث في المستقبل استناداً إلى المعطيات الراهنة، لذلك السمة العامة للقادة الكبار الاستراتيجيين في التاريخ أنهم يعرفون ماذا ستؤول إليه الأحداث لاحقاً، ليس بالضرورة تماماً؛ لأن الحياة تتغير، وقد تحدث في المجتمع تغيرات جذرية».

وعن مؤلفاته من الكتب والمراجع، قال: «بتقديري هناك كتابان مهمّان عنوانهما: "إنتاج اللغة الإعلامية"، و"الأخبار الإذاعية والتلفزيونية"، وهما مقرران في كلية الإعلام. وهناك مؤلفات صغيرة يمكن أن أفكر ذات يوم بإصدارها في كتاب، لكن الصعوبات التي أواجهها كثيرة، ربما السعي لتأمين الحياة اليومية شغلتني عن التفرغ للكتابة. أنا أكتب دائماً في الإعلام، أكتب تحليلات سياسية، ولا سيما بما يتعلق بالقضية الفلسطينية في المدة الأخيرة، وأقوم بترجمة العديد من المقالات السياسية المهمة، وأحياناً أترجم كتابات أدبية، وبصراحة لا أحب أن أخوض معركة في الكتابة إذا لم أتحدث عن شيء جديد، لا أريد أن يتكرر ما هو موجود، ودائماً الناس تتوق إلى ما هو جديد، وتنتظر من هذا الكتاب الذي صدر أن تستفيد منه بمعلومات جديدة وتحليلات جديدة تسهم في تثقيف الناس».

الدكتور "نزار جديد" رئيس قسم الإعلام في جامعة "بلاد الشام"، قال عن معرفته بالدكتور "زعير": «تعود معرفتي بالدكتور "إبراهيم" إلى عام 1987 كنّا ندرس معاً في قسم الصحافة في كلية الإعلام بجامعة "دمشق"، وكنا من الرعيل الأول بتأسيس هذا القسم مع الدكتورة "فريال مهنا" ومجموعة من الدكاترة.

هو بحر من العلم والمعرفة ومتواضع جداً، له نشاطات متعددة في مجال الإعلام والتحليل السياسي والتخصص الإعلامي، ويحرص باستمرار على المطالعة والقراءة المتأنية التي تعتمد التحليل والتركيز؛ لذلك تجده موسوعة متنقلة في السياسة والعلم».

ومن طلابه، "هبة الحاج علي" قالت: «أراه سمو الفكر، أصالة العلم، وفيض من عطاءات لا تنضب، في جعبته حكاية خبرات تركت بصماتها في ألباب من عرفه. موسوعة في نقاء المعلومة، كان ولا يزال البوصلة التي ترشد التائه لصحيح المسار. تعلمنا منه الحكمة والصبر والتواضع الجم، فكان المعلم الناصح والملهم لحياة عملية قادمة، وشعرنا طوال السنوات التي عرفناه بها أنه الأب الناصح والمليء بالمحبة الخلق، وكان من أكثر الأشخاص التي علّمت في مشوارنا الدراسي».

الجدير بالذكر، أن الدكتور "إبراهيم زعير" من مواليد مدينة "السلمية"، عام 1949.