استطاعت الدكتورة "سمية كنفاني" أن تسجل لنفسها الاسم المميز في "السويداء"؛ فهي من وضع حجر الأساس للصيدلية القانونيّة الأولى في المحافظة، وثم انتقلت إلى "دمشق" واستمرت في العمل الصيدلي عشرات السنين.

مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 24 كانون الأول 2017، الدكتورة "سمية كنفاني"، وعادت معها إلى الماضي، فبدأت حديثها بالقول: «في مدينة "دمشق" كانت ولادتي عام 1934، ودرست المرحلة الابتدائية في مدرسة "عمرة البخاريّة" في "الميدان"، وبما أنني أحرزت المرتبة الثانية بالشهادة الابتدائية "السرتفيكا"؛ منحتني الدولة كرسياً مجانياً داخلياً لدراسة الإعدادية في مدرسة "التجهيز الأولى للبنات"، وكذلك حققت التفوق المميز في الشهادة الإعدادية "البروفيه"، لأحصل مجدداً على منحة الدولة بكرسي مجاني داخلي، لأكمل دراستي الثانوية في المدرسة نفسها، وحصلت على الشهادة الثانوية عام 1953، لأعمل بعد ذلك مدرّسة للمرحلة الابتدائية لمدة عام واحد، حيث كنت بحاجة إلى المال اللازم للتسجيل في الجامعة التي تتيح لي فرصة متابعة المسير على الدرب الذي عرفه أجدادي، فقد كان فيهم الطبيب "عبد العزيز كنفاني" الذي درس طب العيون في "اسطنبول"، فالتحقت بالصف التحضيري "pcp"؛ وهو الذي يسبق التسجيل للراغبين بدراسة الصيدلة أو الطب، وكان خياري دراسة الصيدلة، لكونه الأنسب لظروفي، فأنهيت سنوات الدراسة لأحصل عام 1958 على درجة الماجستير من الجامعة السوريّة».

عرفتها لسنوات عدة، وكنت من المقربات منها، كيف لا وقد عشنا معاً بحكم قرب الصيدلية من منزلنا، ووجدت فيها النقاء واللطف، ولمست عندها الرقة التي مكنتها من كسب محبة كل من في المدينة، فهي لا توفر أي جهد أو وسيلة لديها من مساعدات مادية أو طبية لكل محتاج، ولا تمل الحديث والتوضيح لكل سائل ومستفسر؛ فهي الكريمة في عطائها ومحبتها، يقدم لك وجهها المنير البشوش السلام والطمأنينة قبل الكلام، وكان لها أيادٍ بيضاء في تنوير عقول بنات المدينة وتشجيعهن على الاجتهاد في التعلم، وخاصة دراسة الصيدلة، وهي بما لديها من محبة وعطاء حازت احترام وصداقة كل الأطياف في محافظة "السويداء"، وفي مقدمتهم الباشا "سلطان الأطرش"

وتتابع الدكتورة "سمية" مسترجعة أيامها التي قضتها في ربوع "جبل العرب"، حيث أنشأت صيدليتها الخاصة، وتقول: «بعد التخرّج كان عليّ أداء خدمة الريف، فكان الخيار "السويداء" باقتراح من أحد أساتذتي، فعملت على أخذ رأي كبار رجالات المحافظة، أمثال: "سلطان باشا الأطرش"، والشيخ "أحمد جربوع"، وكذلك الأطباء، ومدير الصحة تلك الأيام "عارف الليافي"، حيث لم يكن هناك وجود لصيدلية مرخصة، إنما اقتصر الأمر على وجود مستودعات أدوية خاصة تمد صيدلية غير مرخصة، ولا تستوفي الشروط، ومع ترحيب الجميع وتشجيعهم لهذه الفكرة توجهت إلى "السويداء"، وكان لي أن حظيت بفرصة جميلة من زوج عمتي "هاني أبو صالح"؛ فقد قدم لي مكتبته في ساحة المحافظة لتكون صيدليتي، ونقل كتبه إلى مكتبة أخرى، ولم يتطلب تحويل المكان الكثير لكونه مجهزاً بالرفوف والواجهات الزجاجية، ولم يحتج سوى عملية تنظيف وترتيب وإضافة بعض اللمسات ليكون كما أريد، وعملت على الاتفاق مع أصحاب مستودعات الأدوية على أسلوب للتعامل يناسب كلٍ منا لتوريد الأدوية إلى صيدليتي، كما قمت بفتح حساب في المصرف أودع فيه كل الإيرادات اليومية وأسدد منه كل الحسابات المستحقة من أدوية وآجار ومصاريف أخرى، فكانت أول صيدلية قانونيّة (مرخصة) في ساحة المحافظة أول شارع "الشعراني"، وكان ذلك عام 1958.

الدكتورة سمية الكنفاني

وبدأ العمل الجاد الذي لم يخلُ من الصعوبات التي تلاشت بسبب التعاطي العفوي لأهل المدينة الطيبين، وتوسع العمل ليصل بأدوية صيدليتي إلى كل قرى المحافظة على مدى ثلاثة أعوام، حيث قمت بتسليم راية العمل في الصيدلية بعد ذلك إلى صيدلاني يحمل شهادة في الصيدلة؛ لأكون بذلك قد وفيت بالوعد الذي قطعته على نفسي لأهل "السويداء" بإبقاء الصيدلية القانونية حاضرة ومستمرة بأداء العمل ذاته في المحافظة».

حدثتنا "منى الشحادة" بما خبرته عن صديقتها الدكتورة "سمية كنفاني"، حيث قالت: «عرفتها لسنوات عدة، وكنت من المقربات منها، كيف لا وقد عشنا معاً بحكم قرب الصيدلية من منزلنا، ووجدت فيها النقاء واللطف، ولمست عندها الرقة التي مكنتها من كسب محبة كل من في المدينة، فهي لا توفر أي جهد أو وسيلة لديها من مساعدات مادية أو طبية لكل محتاج، ولا تمل الحديث والتوضيح لكل سائل ومستفسر؛ فهي الكريمة في عطائها ومحبتها، يقدم لك وجهها المنير البشوش السلام والطمأنينة قبل الكلام، وكان لها أيادٍ بيضاء في تنوير عقول بنات المدينة وتشجيعهن على الاجتهاد في التعلم، وخاصة دراسة الصيدلة، وهي بما لديها من محبة وعطاء حازت احترام وصداقة كل الأطياف في محافظة "السويداء"، وفي مقدمتهم الباشا "سلطان الأطرش"».

السيدة منى الشحادة

استمرت الدكتورة "سمية كنفاني" بعملها في مجال الصيدلة في "دمشق"، فعملت في صيدلية مستشفى "الزهراوي"، ثم عملت كمديرة فنية لشركة "أورغانون" الهولندية للأدوية مدة تسعة عشر عاماً.