رسالة حملها الدكتور "نبيل قوشجي"؛ ففتح آفاقاً جديدة باختصاصه النادر، مبحراً في عالم الطب، فحصد جوائز عالمية، وحلّق في عالم الأدب بهدف إيصال رسالة نبيلة.

"إما أن تحمل الأمانة بصدق وتؤديها بصدق، أو فلا تحبّرنّ أبيض بأسود"؛ هذا ما بدأ به الدكتور والأديب "نبيل نادر قوشجي" حديثه مع مدونة وطن "eSyria" بتاريخ 1 تموز 2016، وعن بداياته يقول: «لوالدتي الفضل الأول في حبي للقراءة، فهي مدرّسة لغة عربية؛ ولأنها أرادت أن تشغل الولد الصغير علمتني استخراج حرف الواو، ووضعه ضمن دائرة من سلسلة قصصية للأطفال، ومن وقتها وأنا أمتلك ملكة القراءة السريعة وأعتز بها جداً، دخلت المدرسة في الرابعة من عمري، وكتقليد أسري كنا نشتري نسخ الكتب الجديدة، وكانت تطلب منا قراءة وحفظ النصوص الشعرية الموجودة في كتب اللغة العربية في العطلة الصيفية، بصمتها واضحة في حياتي، وفي المرحلة الابتدائية كان لدي مهمة إنهاء قراءة مكتبة إخوتي، وفي المرحلة الثانوية بدأت أقرأ من مكتبة والدي الضخمة والمنوعة، وهذا ما جعلنا نبدأ بمواقع متقدمة بالنسبة إلى جيلنا».

أكتب في كل ما يؤدي رسالة ويخدم فكرة ويردف بمعلومة، كتاباتي ملأى بالمعلومات الموثقة والمغيّبة، والفكرة والرسالة هما الأهم؛ الفصل أكتبه مرة واحدة ولا يعاد؛ إن القالب مجرد قالب قصصي تشويقي ليس إلا؛ فكتاباتي موجهة إلى كل قارئ لا يبحث عن المتعة فقط، بل عن المتعة والفائدة، وإلى كل المستويات

القراءة تجعلك تحيا ألف حياة في عمر واحد؛ لكن الكتابة تجعلك ترسل رسائل هادفة؛ وهذا شعور جميل لمن يهوى القراءة ويعشق الكتابة، فمن يملك مخزوناً فكرياً يستطيع أن يصهره ويضعه بالقالب الذي يريده، وعن الكتابة يتابع القول: «أكتب في كل ما يؤدي رسالة ويخدم فكرة ويردف بمعلومة، كتاباتي ملأى بالمعلومات الموثقة والمغيّبة، والفكرة والرسالة هما الأهم؛ الفصل أكتبه مرة واحدة ولا يعاد؛ إن القالب مجرد قالب قصصي تشويقي ليس إلا؛ فكتاباتي موجهة إلى كل قارئ لا يبحث عن المتعة فقط، بل عن المتعة والفائدة، وإلى كل المستويات».

رواية أنا أعرف من قتلني للدكتور نبيل نادر قوشجي

مؤسس نادي شام للقراءة "أحمد الطبل" يقول: «دخل الأديب والطبيب "قوشجي" عالم الأدب مبدعاً بعد أن حلّق في عالم الطب، ويقول: "لكل إنسان رسالة وعليه أن يقدمها لمجتمعه"، وعبارته في روايته الأخيرة هي رسالته وعنوان عمله: "كن المفترق فلا يكونن ما بعدك كما كان ما قبلك"، فكان مثالاً للمثقف الذي يسعى بجد وجهد كبير لمساعدة أبناء مجتمعه، ولم يفقد الأمل يوماً بأن هذا الشعب يستحق أن ينال الأفضل ثقافياً وأدبياً، وعلى المستوى الشخصي يتمتع بمستوى ثقافي فريد انعكس في تعاملاته اليومية، ففي كل مرة يحضر أحد لقاءات "نادي شام للقراء" في "دمشق" كان يخطف الأضواء بأدبه ولغته وثقافته وتعلقه بأفكاره التي آمن بها.

على الصعيد الأدبي قدم روايته الأولى "رحلة إلى المريخ" ضمن تصنيف الخيال العلمي، الذي طالما افتقدناه عربياً، وحققت بسرعة كبيرة رواجاً وصدى إيجابياً، الرواية الثانية: "أنا أعرف من قتلني"؛ تتضمن جرعة ثقافية ضمن قالب قصصي مشوق».

مشاركته بنادي شام للقراء

"أي عمل يجب أن أقوم به يحمل بعداً إنسانياً، فالإنسان هدفي؛ ليس هناك أعظم من أن تتعامل مع روح تلامس معاناتها وتخفف ألمها وتنقذ حياتها أحياناً"، بهذه الجمل بدأ حديثه عن مهنة الطب، ويقول: «لرغبتي بالحصول على مرتبة متقدمة وقناعتي بقدرتي على تحقيق ما أطمح إليه، اجتهدت وحصلت على المرتبة 14 على مستوى "سورية"، وحينئذ كان من الصعوبة أن تحقق معدلاً عالياً إلا بعد جهد كبير، تخرجت عام 1997 وأوفدت إلى "بلجيكا" سنة 1999 لدراسة ماجستير "البحوث الطبية والصيدلانية"، باختصاص "تشريح مرضي"، وهو تخصص غير مرغوب من قبل أطباء الأسنان، فمن يدرسه لا يمارسه، لكنه كان نوعاً من التحدي، ومن قناعتي بقدرتي على إتمام مهمتي العلمية بدراستي لهذا الاختصاص الذي نحتاج إليه في بلدنا، فمن النادر رؤية طبيب أسنان يفتتح مخبر تشريح مرضي بدلاً من عيادة سنّية، حاول البروفسور البلجيكي إقناعي باختيار ماجستير أسهل وأقرب إلى طب الأسنان كالجراحة أو التجميل لأن الدراسة ستكون باللغة الإنكليزية وهي صعبة على طالب أجنبي، والمقبولون من 18 دولة أجنبية، تذكرت وقتها مقولة كان يرددها والدي وأنا صغير: "إذا كانوا مئة سأكون منهم، وإذا كانوا عشرة سأكون منهم، وإذا كانوا واحداً سأكون أنا ذاك الواحد"، أتذكر يوم إعلان النتائج قرر أستاذي المشرف الجلوس في الصفوف الخلفية كمن يذهب إلى السينما ويجلس في المقاعد الخلفية لأنه غير راغب بمشاهدة الفيلم، على الرغم من معرفته بأنني طالب جيد، لكن لم يتوقع أن أكون الأول، ولحظة سماعه اسمي بدت عليه المفاجأة وارتبك، لكنه كان سعيداً بطالبه الأجنبي».

ويتابع: «دراستي لنيل الدكتوراه في علوم طب الأسنان باختصاص (علم الأمراض الفموي والتشريح المرضي للفم والأسنان)، وتمكنت من إثبات أن الخلية المسؤولة عن تشمع الكبد هي من عائلة الخلية المسؤولة عن تليف الغدد اللعابية؛ وهذا أهلني لأفوز بجائزة "Robert-Frank"عن أفضل بحث في طب الأسنان في العالم من الأكاديمية العالمية "IADR" لبحوث الفم، وتسلمت الجائزة في "هولندا" عام 2005، ونتيجة ذلك تم ذكر الورم الذي كان كيساً ولأول مرة، وتم تعديل كتاب منظمة الصحة العالمية؛ وهذا ما ساعد في اكتشاف الدواء لتلقي العلاج المناسب».

الدكتور غسان بسيط

يقرأ أكثر من عشرين شخصاً مهتماً بالقراءة؛ ويطالب طلاب الماجستير إضافة كلمة جديدة إلى العلم، ومن طلاب الدكتوراه سطر جديد؛ هذا ما بدأ به رئيس قسم جراحة الفم والفكين الدكتور "غسان بسيط" حديثه، وعن "قوشجي" الطبيب والكاتب يقول: «عندما كان طالباً استطاع أن يضع بصمته في أوروبا باختصاصه النادر الذي عاد به إلى البلد وفتح لنا أفقاً جديداً، حيث كان لدينا نقص علمي بهذا الاختصاص، وبذلك شجع غيره من أطباء الأسنان لدخول هذا المجال، فهو مؤسس أول مخبر للتشريح المرضي الفموي في مشرق الوطن العربي منذ عام 2005، ويملك أخلاقاً عالية؛ فعندما ترسل له خزعة لتحليلها وتكتب أن المريض غير قادر على دفع التكاليف لا يتقاضى أجراً.

أحب أن أقول إنه ربان الطب وعرّاب الأدب؛ فهو يملك طاقة إيجابية مُعدية؛ حيث نقل عدوى القراءة إلى أغلب أصدقائه، ولا ننسى أنه يملك ذاكرة قوية ويحفظ أسماءهم، ومعطاء لأبعد الحدود».

يذكر أن الطبيب "نبيل نادر قوشجي" من مواليد "دمشق" عام 1975، ويتحدث خمس لغات أجنبية، وعضو "البورد السوري الأعلى للطب الشرعي"، وعضو "البورد السوري الأعلى للتشريح المرضي الفموي".