جمع بين تدريس مادة الفلسفة وتطوير المناهج المتعلقة بها، يتعامل مع طلابه بلغة سلسة بعيدة عن غموض المادة وتشعباتها، ولديه الكثير من المبادرات الشخصية المجانية التي تصب في خدمة الطالب، والتي تنبع من حرصه على التعليم.

مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 20 أيار 2016، المدرّس "محمود علاوي"؛ الذي تحدث عن طفولته والمراحل الدراسية والوظيفية بالقول: «نشأت وترعرعت في حي "السبع بحرات" الدمشقي، ففي عام 1977 فتحت عينيّ على الحياة، وعشت طفولتي بين أزقتها الممتدة بين شارع "بغداد" وحي "الصالحية" الذي يضم خليطاً اجتماعياً متعدداً من مختلف البيئات السورية والعربية والأجنبية، درست المرحلة الإعدادية والثانوية في مدرسة "جودت الهاشمي"، وبعد حصولي على الشهادة الثانوية عام 1996 تابعت دراستي الجامعية بجامعة "دمشق" كلية الآداب قسم الفلسفة، وتخرجت فيها عام 2000، وبعدها درست دبلوم تأهيل تربوي وحصلت عليه عام 2002، وعملت بلجنة تطوير المناهج الخاصة بمادة الفلسفة منذ عام 2013 وحتى الآن، ومنذ أن كنت طالباً في الجامعة اتجهت إلى مهنة التدريس ووجدت في الخطوات الأولى في هذا العالم أن الدخول بمعرفة صحيحة إلى عقول الطلاب بهدف إيصال معلومات غنية ومفيدة تنمي عقولهم وتفكيرهم هو الشيء الذي دفعني إلى المتابعة مجال التدريس، إضافة إلى أن هذه المهنة اتسمت بالعطاء والإنسانية التي تشعرني بقيمتي كإنسان، ولم أنتظر يوماً من أحد رداً على شيء أقدمه لأن ما أعطيه يمنحني السعادة، لذلك تجدني أندفع بلا شعور عندما أدرك أنني قادر على تقديم المساعدة والعون، وخاصة في هذه الظروف الصعبة التي يعانيها مجتمعنا، ففي سنوات الأزمة تعرضت بعض المناطق للنزوح، فاجتمعنا مجموعة من المدرّسين بعدد من الاختصاصات، وجمعنا العديد من الطلبة الذين لم يستطيعوا متابعة دراستهم بسبب ظروفهم المادية الصعبة لتقديم العلم والمعرفة لهم من دون مقابل، ولم أقم بهذه الخطوة بناءً على طلب أحد، بل كانت مبادرة ذاتية تجاه مهنتي التي أعدّها واجباً مقدساً».

إنه إنسان معطاء ومحب للعلم وطالبيه، وله فضل علي أنا شخصياً، فبسبب الأزمة انقطعت فترة عن متابعة دراستي؛ لكنه قدم لي ولرفاقي المساعدة ومنحني المعلومات القيمة والمفيدة التي مكنتي من متابعة دراستي؛ فهو لم يوفر جهداً إنسانياً إلا وقدمه من دون انتظار شكر وامتنان من أحد

وتابع حديثه: «استهوتني مادة الفلسفة منذ أن كنت في المرحلة الثانوية، وأحببت الغموض الذي تتصف به، لكن لم أشعر بأنني نلت المعلومات التي أبحث عنها خلال دراستي الثانوية، إضافة إلى اطلاعي على الكتب الخاصة ببناء الشخصية والعقل، فقررت الدخول إلى عالم الفلسفة بدراستها أكاديمياً لكونها الطريق الذي يعطيني إحاطة بكل جوانب العلم المتعلق بها، فمن خلال الحصص الدرسية كان التركيز على صنع إنسان متفاعل ومتطور وليس مجرد متلقٍّ للمعلومة؛ وأعدّها عملية ترابطية من بدايات تلقي المادة حتى وصولها إلى الطلبة عبر مراحل دراستهم الثانوية بطريقة متسلسلة تمكنهم من تكوين بنية فكرية صحيحة ومتطورة، وتكمن خطورة الفلسفة باعتبارها مادة بدائية للعقل تهدف إلى بناء عقل يتفاعل مع باقي المواد، وبحكم عملي كمدرّس بدأت أدرك مدى تأثير التغيير بالجيل الجديد، حيث بدأ يربط ما يتلقاه من معلومات بحياته اليومية والجوانب التي يعيشها في المجتمع».

يارا أسعد

وفي حديث مع "ميشيل واكيم" موجه الاختصاص لمادة الفلسفة في مديرية تربية "ريف دمشق"، وعضو بلجنة المركز الوطني لتطوير المناهج في "دمشق"، قال عن معرفته بالمدرّس "علاوي": «يعدّ من المدرّسين المتمكنين علمياً وتربوياً في مادة اختصاصه، فهو يتمتع بثقافة عالية وقدرة على إيصال المعلومة بطريقة مبسطة وسهلة لتصل إلى عقل طلابه؛ فهو يتعامل معهم بودّ كبير ومحبة متبادلة، وبحكم عملي كموجه لمادة الفلسفة لمست مدى قدرته على التفاعل مع طلابه؛ وخصوصاً أنه مدرك تماماً أنه يتعامل مع شريحة أكثر وعياً، ولديه قدرة على نقل المعلومة بأمانة ولا يتقاعس عن عمل كل ما يفيدهم، إضافة إلى أنه عمل في اللجنة الوطنية لتطوير المناهج وساهم في وضع بعض المداخل التي اعتمدناها في المناهج الجديدة؛ كطبيعة المعلومة وأساسياتها التي اعتمدت تدرجها بطريقة متسلسلة وواضحة، ولا أنكر أنه كسب بما تمتع به من إنسانية وعطاء صداقة المدرّسين والطلاب».

وفي لقاء مع "مها حسين" طالبة سابقة تابعت دراستها بمساعدة المدرّس " محمود علاوي"، حيث قالت: «إنه إنسان معطاء ومحب للعلم وطالبيه، وله فضل علي أنا شخصياً، فبسبب الأزمة انقطعت فترة عن متابعة دراستي؛ لكنه قدم لي ولرفاقي المساعدة ومنحني المعلومات القيمة والمفيدة التي مكنتي من متابعة دراستي؛ فهو لم يوفر جهداً إنسانياً إلا وقدمه من دون انتظار شكر وامتنان من أحد».

بعض المناهج الجديدة

"يارا أسعد" طالبة حادي عشر أدبي، حدثتنا عن "علاوي" بالقول: «بالنسبة لي كانت الفلسفة من المواد الجامدة، وكنت أجد صعوبة في فهمها واستيعابها، لكن الطريقة التفاعلية التي يتبعها أثناء الحصة الدرسية جعلت منها مادة سهلة بالنسبة لنا، إضافة إلى أننا كطلبة نتابع درسه بكل اهتمام وتركيز من دون أن نشعر بأي ملل؛ فهو يطرح أفكار الدرس بطريقة تجعلنا تلقائياً ننصت إليه ويفتح باب الحوار والمناقشة بين الطلاب أنفسهم، وبينه وبين الطلاب؛ بهدف تحفيز العقل على التفكير السليم ومناقشاتهم ليصل معهم إلى الفكرة الصحيحة».

يذكر أن "محمود علاوي" يتابع دراسته للحصول على الماجستير في مادة الفلسفة، ومن هواياته المطالعة، وهو متزوج ولديه بنت.