تنوع عطاء الدكتور "نزار بني مرجة" وإبداعه بين الطب والأدب، وخاطب وجدان القارىء بصدق وعفوية.

مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 3 تشرين الأول 2015، الدكتور "نزار بني المرجة"؛ الذي تحدث عن طفولته والمراحل التعليمية والوظيفية بالقول: «في حي "مئذنة الشحم الدمشقي" وفي عام 1954 أبصرت عيناي النور، فعشت طفولتي في منطقة "الشاغور" وحي "الأمين" الذي يقطن فيه خليط اجتماعي جميل من جميع البيئات السورية والعربية، تنقلت في دراستي الابتدائية والإعدادية بين "دمشق والقنيطرة وحلب"، أما المرحلة الثانوية فقد أمضيتها في ثانوية "العناية" بـ"دمشق"، وبعد حصولي على الشهادة الثانوية عام 1973 تابعت دراستي الجامعية بكلية طب الأسنان، وبعد تخرجي مارست المهنة بنجاح منذ عام 1979، وأصبحت نقيباً لأطباء الأسنان بـ"دمشق" عام 1994، ثم أميناً لسرّ نقابة أطباء الأسنان في "سورية" 1995-2005، ومديراً تنفيذياً لاتحاد أطباء الأسنان العرب ما بين عامي 2000-2002 ورئيساً لتحرير مجلة "طب الفم السورية"، ثم رئيساً لتحرير مجلة "طبيب الأسنان العربي"، كما كنت ضمن اللجنة التي أنجزت "المعجم العربي الموحد لطب الأسنان" الذي أصدرته منظمة الصحة العالمية، وشاركت في الكثير من المؤتمرات الطبية العربية والدولية، كل ذلك وأسرتي الصغيرة تحتل صدارة تفكيري وهم بنفس الوقت يبادلونني الحب والاهتمام، فزوجتي التربوية "فريزة العك" توفر الأجواء المريحة لنا في كل لحظة، وولداي "أيهم، ورضا" مجازان ويعملان في الإذاعة والصحافة».

بالنسبة إلى تجربتي الشخصية في هذا المجال فأنا أعتقد أن الطب يداوي الجسد، والشعر يداوي الروح، وهنالك تكامل وتناغم جميل بين المسألتين، ويمكنني القول إن الأديب الذي يحمل اختصاصاً علمياً يبقى الأدب بالنسبة إليه هواية، وقناعتي أن الإبداع يتجلى في الهواية أكثر، والاحتراف ربما يضعف أو يقتل الموهبة بمرور الوقت

لم يقتصر عمل الدكتور "بني مرجة" على الطب، فهو الأديب الشاعر والإعلامي الذي اقتحم الصحافة عن قرب في تخصصه وفي الأدب، حيث يقول: «البدايات كانت بكتابة الشعر وتحديداً في الصف السادس الابتدائي، وخلال المرحلتين الإعدادية والثانوية كنت أرسل قصائدي إلى بعض الصحف والمجلات التي كانت تنشر لي من باب التشجيع، وهذا كان مبعث سعادة كبيرة لي، شغلتني هموم الإنسان والوطن بوجه خاص، وكنت أخاطب وجدان القارئ الذي ينتمي إلى طبقتي الاجتماعية، ويشاطرني همّ الوطن والإنسان بصدق وعفوية، ومن خلال مطالعاتي المبكرة تأثرت كثيراً بالشعراء: "بدر شاكر السياب، محمود درويش، سميح القاسم، نزار قباني"، ومن الشعراء الأجانب كنت أقرأ كثيراً لـ"بابلو نيرودا، وفديريكو غارسيا لوركا، ويانيس ريتسوس، وجاك بريفيير"، كان لي مشاركات مبكرة وحضور جيد من خلال النشر في الدوريات السورية والفلسطينية واللبنانية والجزائرية، وحصلت على الجائزة الأولى للشعر في المهرجان الأدبي لجامعة "دمشق" 1978، فضلاً عن مشاركات كثيرة في مهرجانات وأمسيات داخل القطر وخارجه، والآن أعمل جاهداً في رئاسة تحرير صحيفة "الأسبوع الأدبي" لكي تظل الصحيفة التي يحبها الناس على اختلاف مشاربهم».

خلال إحدى مشاركاته

أما فيما يتعلق بظاهرة الملتقيات الأدبية ودورها بتشجيع المواهب الشابة فيقول: «الملتقيات الأدبية ظاهرة لافتة، تشير لرغبة الأدباء الشباب في الخروج عن الأطر الرسمية الثقافية بحثاً عن قوالب وأشكال جديدة لتقديم المواهب الأدبية بعيداً عن أي وصاية، وقد تشرفت بالمشاركة في عدد من نشاطات تلك الملتقيات، التي أتمنى من أصحابها السعي إلى الارتقاء بأدائها من خلال الحرص على الذائقة اللغوية السليمة أولاً، والبحث عن مرجعية نقدية، أو إطار يمكن من توثيق إبداعات المشاركين وغربلة النتاج الذي يقدم من خلالها؛ لإفساح المجال وخلق المناخ الصحي الملائم لظهور وتكريس المواهب الحقيقية التي يمكن أن ترفد الساحة الأدبية بأصوات جادة قادرة على شق دروبها بثقة في المستقبل».

وفيما يتعلق بهواية التصوير الضوئي يقول: «هو فن جميل، وتعبير عن هاجس داخلي في حفظ الصور الجميلة أو المؤثرة و المعبرة عن موقف ما أو لحظة قد لا تتكرر، ووجع ورغبة حقيقية بنقل هذه الصور إلى الآخرين لأشاطرهم الرؤية بلقطة جميلة أو مؤثرة، وقد شاركت في الكثير من المعارض الفنية للتصوير الضوئي، وتشرفت برئاسة "نادي فن التصوير الضوئي" في "سورية" ما بين 1994-1995».

من إصداراته

وعن رأيه بالجمع بين الموهبة والشهادة العلمية يضيف: «بالنسبة إلى تجربتي الشخصية في هذا المجال فأنا أعتقد أن الطب يداوي الجسد، والشعر يداوي الروح، وهنالك تكامل وتناغم جميل بين المسألتين، ويمكنني القول إن الأديب الذي يحمل اختصاصاً علمياً يبقى الأدب بالنسبة إليه هواية، وقناعتي أن الإبداع يتجلى في الهواية أكثر، والاحتراف ربما يضعف أو يقتل الموهبة بمرور الوقت».

وتحدث الطبيب "منير أبو شعر" عن معرفته بالدكتور "بني مرجة" ورؤيته لمواهبه بالقول: «استطاع بمواهبه المتعددة وشمولية إبداعاته أن يجمع بين يديه كرات عديدة تمثل مسؤوليات متنوعة ما بين المهنة والموهبة والإبداع، هو أحد زملائنا النقابيين المميزين، وهو أصغر رئيس لفرع نقابة أطباء الأسنان بـ"دمشق"، كما يعدّ أحد رواد الإعلام والصحافة الطبية على المستوى العربي، حيث يمضي الساعات الطوال على حساب عيادته وبيته وأوقات راحته لمتابعته عمله الإعلامي، فيظهره إلى حيز الوجود بأروع صورة ممكنة، وهو عضو نشيط بجمعية أصدقاء "دمشق" إلى جانب أنه شاعر متميز، وأحد المهتمين بالتصوير الضوئي، والأهم من كل ذلك إنسانيته ودماثته ولطف معشره الذي يضفي على عالمه الساحر الحب والسلام».

الدكتور أبو شعر

وأضاف الباحث "مروان مراد" واصفاً شخصية الطبيب الشاعر بالقول: «أدهشني التنوع في إبداعه، وإذا كان لغيري أن يتحدث عن إنسانيته ودماثته ولطف معشره، فإنني أختار أن أعطي نبذة عن إبداعه الأدبي الذي تجسد في مجموعاته الشعرية التي عكست ما تعمر به نفسه من عشق للوطن، إضافة إلى غزلياته الرقيقة التي عبر فيها عن مشاعر صادقة وعواطف إنسانية راقية بأسلوب رشيق وألفاظ متجددة وموسيقا راقية، فهو إنسان بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، وشخصية متميزة في الحياة العامة وفي كل ما خطّ وأبدع».