لم يتمكن من المشي على قدميه، إلا أنه أبصر نور العالم وتعود أن يقطع المسافات بخياله، فكان ذلك كفيلاً بجعله استثنائياً، وقد اختار الشعر من بين الاستثناءات، لم يتجاوز شعره كرسيه المدولب بعد، رغم أنه تجاوز كرسيه وصولاً إلى مقاعد السنة الرابعة في الجامعة.

مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 10 نيسان 2015، الشاعر "إسماعيل جمعة"، فقال معرفاً عن نفسه: «أنا من مواليد "ريف دمشق" عام 1968م، دخلت الأدب العربي عام 2002، وحالياً طالب في السنة الرابعة، لم أستطع إكمال دراستي بسبب الظروف المعيشية التي أحاطت بي خاصة المواصلات التي كانت تكلفني مبالغ كبيرة للوصول من منزلي إلى الجامعة في "دمشق"، فقررت ترك الدراسة لتأمين معيشة أولادي الثلاثة، والسبب الآخر عدم استسغاتي وفهمي لمادة اللغة الإنكليزية الموجودة ضمن منهاج الأدب العربي».

الإحساس بالكلمة وكتابتها لا تحتاج سوى نقل الواقع الذي يحسه الإنسان ومشاعره على الورق كما هي من دون محسنات بديعية، "إسماعيل جمعة" شاعر مسكون بالصفاء والأمل، تبوح قصائده النثرية بما يعتريه من مواجع أكبر من قدرته على احتمالها، فيرسم انكساراته المخفية والمعلنة تارة أخرى، طبع دواوينه في جدران ذاكرته لا على الورق

ويتابع "جمعة" بالقول: «لم يمنعي شلل الأطفال الذي لازمني منذ ولادتي من أن أفتح قريحتي لإلقاء الشعر، وكان ذلك في الصف التاسع، فكانت عادات الأعراس في قرية "حوش عرب" أن يشارك كل شخص يحضر العرس، إما بقول الشعر أو بإلقاء قصة قصيرة ذات معنى أو "نكتة"، ومن هنا انطلقت القريحة فكنت أطلق أشعاراً تناسب تلك الاحتفالية، ومن مخيلتي كانت تأتي الأبيات تماشياً مع مقولة المسيح عليه السلام: "انظروا ما أجمل بياض أسنانها"؛ أي كانت الأشعار تحكي عن الجانب الإيجابي عن العرس وأهل العرس، ومن هنا كانت القصة بالشعر والزجل».

من إحدى قصائده

ويضيف: «في العام 1986، بدأت أرتقي أدبياً بالصور والخيالات، إلى أن بدأ الشعر النثري ينمو بداخلي، في العام 1989 كنت في الصف الثالث الثانوي، فقرأت وتفهمت بحور الشعر، ومن هنا كانت أولى محاولاتي خاصة أنني انتقلت من الشيء الحر إلى المقيد، فشعرت للوهلة الأولى بأن كلماتي سجينة لم تستطع أن تأخذ معانيها ما لم أفهم بحور الشعر كاملة».

داخل سيارته الخاصة بالإعاقة هناك رف وضع عليه بعض الكتب وحقائب قصائده.

الشاعر خلف عامر

لا يوجد أي ديوان طبع له، وعن ذلك يقول "جمعة": «لا يوجد دواوين طبعت لي للأسباب المادية التي أعيشها، فكتبت قصائد باللهجة المحكية القلمونية وخواطر وبعض "الطقاطيق"، وهي شعر من الزجل، واستطعت أن أكتب في البحور المهملة.

وقد عملت سابقاً في المسرح الخاص بالمعوقين، وكان الأول من نوعه على مستوى "سورية" وبإمكانيات ذاتية، فجميع من عمل بالمسرح من مؤلفين وممثلين ومخرجين كانوا من ذوي الاحتياجات الخاصة».

الشاعر "خلف عامر" قال عنه: «الإحساس بالكلمة وكتابتها لا تحتاج سوى نقل الواقع الذي يحسه الإنسان ومشاعره على الورق كما هي من دون محسنات بديعية، "إسماعيل جمعة" شاعر مسكون بالصفاء والأمل، تبوح قصائده النثرية بما يعتريه من مواجع أكبر من قدرته على احتمالها، فيرسم انكساراته المخفية والمعلنة تارة أخرى، طبع دواوينه في جدران ذاكرته لا على الورق».

ومن إحدى قصائده:

"أعرف إنك تنزفين... دماً بدل الدموع وتبكين

وفي عينيك سواد سحابة... وفي قلبك أضغان كآبة

وأعرف من كبير حزني... كم هو قلبك حزين

أعرف أنك تنزفين..".

وهناك أيضاً:

"أعرف من الزمن

أن قلوب العشاق مثلومة بكآبة

وأرواحهم مخددة بالوهن

فلا تتركي قلبي الجريح

كذرة غبار في مهب ريح

فإنا ملاحقون دائماً وهاربون

من دائرة ظنون إلى ظنون".