لم يكن "كرسي المخترة" هدفاً له ولم يسع لاعتلائه، إلّا أنّ أهل القرية رشحوه و"أجبروه" أن يكون مختاراً لهم، وهم اليوم ليسوا بنادمين، إنه "أحمد حسين صالح" مختار قرية "الصبورة".

مدونة وطن "eSyria" بتاريخ 20 تموز 2014، التقت المختار "صالح" لتسليط الضوء على حياته، ليحدثنا بالقول: «أنتمي إلى عائلة بسيطة تمتهن الزراعة، فطفولتي وبعض شبابي قضيتهما في الأرض، إلّا أن الجفاف وعزوف الناس نسبياً عن العمل الزراعي جعلني أترك القرية وأستقر في "دمشق" لأبدأ العمل في مجال المقاولات وتعهدات البناء، لكن صلتي بالقرية لم تنقطع، فأهلي وأقربائي بقوا فيها، فكنت أزورها باستمرار وأعمل ضمن المشاريع العمرانية التي احتضنتها، وبذلك حافظت على وجودي الاجتماعي، فكنت العضو الأول في لجنة المخترة إلى أن أتى العام 1981 واستقال المختار القديم، فأرغمني أهل القرية على استلام مكانه مع أنني كنت أرفض الفكرة تماماً».

يعتبر المختار "صالح" صلة وصل ضرورية بين المواطن ودوائر الدولة سواء المحلية أو الموجودة في العاصمة، فهو يستثمر علاقاته وخبرته الإدارية في حل مشكلات المواطنين، ويكون وسيطاً ودياً ناجحاً بين الجهتين، يساعده في ذلك سمعته الطيبة ومحبة الناس له، التي تنبع من مبادراته البناءة في إيجاد الحلول لأي خلاف يعترض الناس، ومساعدته الدائمة للجميع مادياً ومعنوياً

ثلاثة وثلاثون عاماً كانت مدة أكثر من كافية ليختبر الناس مدى الأثر الذي يقدمه "صالح" للقرية وأهلها، إذ يتضح ذلك من خلال لقاءات أجرتها مدونة وطن مع بعض الأهالي، كانت بدايتها مع السيد "أحمد بلان" الذي تحدث عن "صالح" قائلاً: «كان عملي كأول رئيس لبلدية "الصبورة" على مدى ثمانية عشر عاماً سبباً في وجود علاقة مهنية مباشرة دوناً عن علاقتنا الاجتماعية الموجودة بحكم التجاور في القرية، كان المختار فيها متعاوناً مع البلدية إلى حد كبير، وقد بدا ذلك جلياً حين استثمر مهنته "تعهدات البناء" في إنشاء مبنى القصر البلدي في العام 1995، إذ قدَّم جهده بشكل شبه مجاني خدمةً للمصلحة العامة، وهذه مأثرةٌ يشهد له فيها الكبير والصغير في القرية، أضف إلى أنه وجه اجتماعي مرموق، ليس فقط في "الصبورة"، بل في قرى وادي بردى مجتمعةً، ففي القرية يلعب المختار دوراً مهماً في وأد أيِّ خلاف قد يحصل بين شخصين أو عائلتين؛ إذ يكون المبادر الأول للصلح».

أحمد بلان

ومن أهالي القرية التقينا السيد "أيمن عبد الله" الذي تحدث عن مآثر المختار "صالح" بالقول: «يلعب العم "أبو علي" -كما يحلو له أن نناديه- دوراً مهماً ومحورياً في الحفاظ على السلم الأهلي في "الصبورة"، فهو يقدم بشكل غير مباشر رسالة محبة للجميع، ويطرح حلولاً لمعظم المشكلات التي تعترض القرية كما تعترض أي تجمع بشري، فمنذ العام 1999 لم تحصل جريمة في القرية، وما يعرفه الجميع هنا أن "أبو علي" لا يستفيد من عائدات مكتب المخترة أبداً، فهو يقدم الوثائق التي يحتاجها المواطنون منه مجاناً ودون أيِّ مقابل (كبيانات الولادة والوفاة، وسند الإقامة وبطاقات التعريف)، وأكثر من ذلك يدفع من حسابه الخاص ثمن هذه الأوراق الرسمية وثمن الطوابع اللازمة لكل وثيقة، علماً أن هذه العائدات المادية تعد بمنزلة راتب للمخاتير باعتبارهم لا يتقاضون أي أجرٍ من الجهات الحكومية».

وكان اللقاء الأخير مع المهندس "يوسف مرعي" رئيس المكتب الفني في بلدية "الصبورة"، يقول: «يعتبر المختار "صالح" صلة وصل ضرورية بين المواطن ودوائر الدولة سواء المحلية أو الموجودة في العاصمة، فهو يستثمر علاقاته وخبرته الإدارية في حل مشكلات المواطنين، ويكون وسيطاً ودياً ناجحاً بين الجهتين، يساعده في ذلك سمعته الطيبة ومحبة الناس له، التي تنبع من مبادراته البناءة في إيجاد الحلول لأي خلاف يعترض الناس، ومساعدته الدائمة للجميع مادياً ومعنوياً».

المهندس يوسف مرعي

بقي أن نذكر أن المختار "أحمد حسين صالح" من مواليد قرية "الصبورة" عام 1945، متزوج، وله من الأولاد أربعة شباب وفتاتان، وهو جدٌ لعشرة أحفاد.

أيمن عبد الله