"عمر النمر" يتجول بمخيلته بين الأدب والفن ليصنع لنفسه زخيرة ثقافية محاولاً التعبير بها عن مكنوناته الداخلية، فهو من الاشخاص الذين ازداد نشاطهم بعد التقاعد- حسبما يقول-، وانتقل بين ممارسة الفن والكتابة باشكال وأنماط عدة.

الفنان "عمر النمر" التقاه موقع eSyria ليحدثنا عن موهبته الفنية التي بدأها منذ طفولته وبقيت مكبوتة لفترة طويلة لتعود للظهور من جديد والذي يقول: «عندما أحلت إلى التقاعد عدت إلى حياتي وهواياتي التي كنت قد أمضيت معها وقتا جميلا منذ طفولتي، والذي ساعدني على مواجهة هذه الفترة من بداية التقاعد مواهبي الأولى، التي كانت تسير في اتجاهين: الأول هو "الفن التشكيلي" الذي رافقني منذ الصغر، فقد نشأت في بيئة ريفية مفعمة بـ"الحبق" و"الزيتون"، ورائحة التراب حيث عششت هذه المشاهد في ذاكرتي منذ طفولتي، وقد تطورت هذه الموهبة في مرحلة الشباب حيث انتسبت إلى مركز "صبحي شعيب" للفنون التشكيلية، وكان الهدف من دخولي إلى المعهد تنمية موهبتي الفنية بطريقة علمية، وتعلم الرسم، والألوان، على أيدي كبار الفنانين التشكيليين في "سورية"، وقد تمكنت من رسم مجموعة من اللوحات الفنية، التي كانت مستوحاة من البيئة التي عشت بها في "وادي بردى"».

تابعت موهبتي الأدبية، فكتبت العديد من الخواطر والمقالات الأدبية في المطبوعات والمجلات، وكان أهمها "همسة ودّ" الصفحة الأخيرة في مجلة "الأولى للديكور" التي كنت رئيس تحريرها منذ انطلاقتها، كما كتبت ديوان شعر

وعن التقنية التي يستخدمها في تنفيذ لوحاته الفنية يقول "النمر": «أقوم بتنفيذ لوحاتي بطريقتين، الأولى الرسم بالريشة، والألوان، واستخدم هذه الطريقة في اللوحات التي تتناول جوانب من الطبيعة، حيث أترك المجال للريشة، والألوان، لتعبر بشعور صادق عن تفاصيل وجزئيات متناهية في الدقة في موضوع اللوحة، أما اللوحات التي تمثل الأحياء القديمة وما يتعلق بالتراث فكنت أستخدم السكين لتنفيذها، لأن السكين لها خصائص تختلف عن الريشة، حيث تجعل للوحة روح مختلفة، ورغم صعوبة العمل بالسكين، إلا أنني كنت أتعمد العمل بها لأنها معبرة، وتفرغ شحنات أكثر، وتعطي حضوراً مميزاً للوحة أكثر من الريشة».

ويتابع حديثه قائلاً: «قررت أن أقيم معرضاً فنياً يضم مجموعة اللوحات التي نفذتها خلال الفترة التي كنت فيها على رأس عملي، فتمكنت من إقامة معرضي الأول بعد التقاعد بفترة قصيرة لم تتجاوز الستة أشهر، وكان ذلك في عام 2004 وكانت معظم اللوحات مستوحاة من الطبيعة، والبيئة التي كنت أعيش فيها، وأطلقت عليه اسم "بردى" حيث تضمن المعرض حوالي ثلاثين لوحة متنوعة، ثم أقمت معرضي الثاني بعد فترة وقد كانت المواضيع مختلفة عن المعرض السابق، بسبب تأثري بدورات التنمية البشرية التي خضعت لها فاختلفت المدرسة الفنية التي عملت بها في السابق، لتظهر على لوحاتي المواضيع العقلية، مثل التمرد، والجموح، وبداية الخلق، وقد أطلقت على هذا المعرض اسم "تناغم" لما يحويه من تناغم بين الأشكال والألوان والتقنية المستخدمة في تنفيذ اللوحات، كما شاركت في العديد من المعارض الجماعية مثل معرض "تحية إلى تشرين، معرض الباسل، والمعرض الثانوي للفنانين التشكيليين" وغيرها، كما شاركت بالعديد من ورشات العمل الفنية، وكان آخرها ورشة عمل في سجن "عدرا" استمرت لمدة شهرين، حيث قمنا بالأشراف على السجناء، وقدمنا لهم المواد، والأدوات، ليتمكنوا من التعبير عن الحالات التي يعيشونها داخل السجن، كما شاركت في العديد من ورشات العمل مع مجموعة من الأطفال لتنمية مواهبهم الفنية، وقدمت مجموعة من الرسومات لقصص الأطفال لـ"دار الفكر"، وقصص أطفال لـ"دار المسير"، كما أقمت مجموعة من المعارض، وتعمدت اختيار مكانها في الريف، وذلك لنشر الثقافة الفنية بين أبناء الريف الذين قلما يشاهدون مثل هذه المعارض في البلدات والقرى خارج المدينة».

وعن الاتجاه الآخر الذي عمل به السيد "عمر" بعد التقاعد يقول: «لم أكتفي بممارسة هواياتي الفنية، بل اتجهت إلى جانب أخر هو الأدب والفكر، حيث تعلقت باللغة العربية منذ دراستي في الصفوف الأولى، وكان ذلك نتيجة مساعدة مدرسين اللغة العربية في عشق هذه اللغة والخوض في بحورها، فكانت هوايتي المطالعة، في المجال الأدبي، وعلم النفس».

ويضيف: «تابعت موهبتي الأدبية، فكتبت العديد من الخواطر والمقالات الأدبية في المطبوعات والمجلات، وكان أهمها "همسة ودّ" الصفحة الأخيرة في مجلة "الأولى للديكور" التي كنت رئيس تحريرها منذ انطلاقتها، كما كتبت ديوان شعر».

وعن مواهب وتجارب السيد "عمر" حدثنا صديقه الدكتور "سامر الرفاعي" الذي يعمل عنده مدرب للبرمجة الغوية العصبية في معهده والذي قال لنا: «يعتبر "عمر" من أصحاب الإرادة القوية التي لا تلين مهما كانت الظروف، حيث تمكن من تجاوز مرحلة صعبة، ليصبح أكثر نشاطاً من الذين أمضوا حياتهم في ممارسة هذه النشاطات، فتمكن في فترة بسيطة من النجاح في مجموعة من دورات البرمجة اللغوية العصبية، وأصبح مدربا لهذا العلوم، كما تمكن من أقامة العديد من المعارض التي يعجز عنها كبار الفنانين، وكان ذلك في فترة قصيرة من حياته، وكأنه أراد أن يعوض كل هذه السنوات التي مرت عليه بعيداً عن مواهبه واتجاهاته الفكرية».

يشار إلى أن السيد "عمر النمر" من مواليد "دمشق– الهامة" عام 1954 يحمل شهادة ماجستير في العلوم العسكرية، ويعمل مدربا مجازا في البرمجة اللغوية العصبية، ومدربا للذكاء العاطفي.