كثيرة هي الألعاب القتالية في العالم، ومعظمها باتت معروفة في سورية بشكل خاص ودول الشرق الأوسط بشكل عام، لكن ثمة لعبة "ماليزية" لا نملك عنها معلومات واضحة في حين أنها من الألعاب التي تفوق معنى لعب القتال، وتندرج تحت قائمة اللعب التي تتميز بالإنسانية وبفلسفة خاصة حاول الماليزيون دراستها وتعليمها كمنهاج ثقافي وإنساني في حياتهم، هي لعبة "السيلات".

موقع "eSyria" بتاريخ 25/5/2009 التقى بالسيد "يحيى العم" مدرس وممارس ووكيل سورية والشرق الأوسط للعبة الماليزية "سيلات"، وأجرينا معه هذا اللقاء الذي يتحدث فيه عن أهمية هذه اللعبة، وأهميته كمدرب في نشر هذه اللعبة ابتداءً من سورية بلده -كما قال- إلى الشرق الأوسط.

وهنا يقول السيد "يحيى": «سمعت عن هذه اللعبة في عام 1990 وهي موجودة في "ماليزيا"، وحلمي كان أن أمارس هذه اللعبة وأتعلمها بتقنية عالية، كانت البداية أنني تعرفت على شخص ماليزي في سورية يتقن هذه اللعبة وفي عام 2000 سافرت إلى "ماليزيا"، وبالفعل أتقنتها وتخرجت من مدرسة الـ"سيلات" الأم كمدرس وممارس ووكيل لهذه اللعبة في الشرق الأوسط، وهنا أستطيع أن أقول أن لعبة "السيلات" "Silat Seni Gayong" يعتمد على التقليد والجهد والعمل بجهد كبير في تدريبه للوصول إلى فهم كامل لهذه اللعبة،

وقفة رياضية

والآن بدأت من سورية بنشر هذه اللعبة التي تتميز بأفكار في قمة الإنسانية، تعلمتها كمنهاج وكفن كامل من كافة النواحي، فـ"السيلات" هي في "ماليزيا" تمثل حضارة وثقافة شعب أكثر مما هي لعبة رياضية، فهي اللعبة الشعبية الأولى».

وعن اللعبة وتكنيكاتها يقول "العم": «إنها لعبة ذات منشأ حضاري وإنساني وحياة لها فلسفتها الخاصة، وهي رياضة قتالية تعتمد على مباغتة الخصم، والفكرة الرئيسية أنها تعتمد على أسلوب النمر بحركاته وهجومه ودفاعه وحتى حياته، ويكون الاعتماد فيه أكثر بالضرب على اليد والرجل ومسك المفاصل والقفز والجمباز الذي يعتمد على الخفة وسرعة الحركة،

"يحيى العم" مع البطلة "عزة عطورة"

ولدينا منهاج خاص بالأحزمة تخص هذه اللعبة على وجه الخصوص، تتألف الأحزمة في هذه اللعبة من عشرين حزاماً، ولكل حزام فلسفته اللونية الخاصة به، فتسلسل الأحزمة يبدأ من الأسود، عكس اللعب الأخرى، والفكرة من ذلك أن الإنسان ظله أسود ومن هنا يبدأ بالحركة، وهي البداية الحقيقية التي تتلون في مراحل أخرى وتنتقل إلى اللون الأبيض الذي يدل على النقاء والروح الصافية، والحزام الثالث هو الأخضر الذي يدل على تطور المعارف، ويليها اللون الأحمر الذي يدل على الإصرار وقوة الشخصية والثقة بالنفس، والأحمر هنا له ثلاثة درجات ابتداءً من دان أي (مرحلة) واحد إلى دان ثالث، فلكل دان حركة وتكنيك معين خاص به،

أما الحزام الخامس فهو الأصفر والذي يدل على الوصول إلى مرحلة مهمة والتدريب على الأسلحة التقليدية البيضاء، وهذه الأسلحة هي مثل مخلب النمر والسلسلة القماشية، وللحزام الأصفر خمسة دانات لكل منها دان وتكنيك معين، أما الوصول إلى الحزام الأسود فهناك تكتمل لدى المتدرب فلسفة الـ"سيلات" وتكتمل دراسات ومنهجيات المتدرب ويصبح هنا جاهزاً ليقدم ويدرب هو بنفسه، وللأسود 6 دانات أيضاً، وأنا حاصل الآن على الدان الثاني من الحزام الأسود وأعد نفسي تدريبياً للحصول على الدان الثالث في الأشهر القادمة».

حركة وتكنيك

ولأن "العم" دخل ليتقن هذه اللعبة بمفهومها الإنساني وليس القتالي فقط، عن ذلك يقول: «إنها لعبة في قمة الإنسانية لديها فلسفة خاصة ومهمة، وأنا محظوظ بأنني تعلمت واتقنت "السيلات" كلعبة تقليدية حربية قديمة، تعتمد على فكر وفلسفة عميقة، وللوصول للدان الأسود الثاني بذلت جهداً كبيراً والآن أحاول أن أقدم شيئاً لبلدي من خلال التعريف بهذه اللعبة، وحالياً أقوم بتدريبها في نوادي دمشق العاصمة، هناك إقبال جيد لهذه اللعبة كما لاحظت في سورية، وعدد المتدربين لا بأس به ولديهم قناعة كاملة بها، فنحن بحاجة إلى ألعاب قتالية أخرى أكثر أهمية وإنسانية، أحاول وأبذل جهدي بتعليم هذه اللعبة ابتداءً من الصغار كما في "ماليزيا" انطلاقاً من فكرة زرع روح إنسانية رياضية تدفع الصغار لاكتساب خبرات قتالية ذات فكر ومبدأ وفلسفة عميقة وهي أسلوب للحياة والتربية لديهم».

"السيلات" هي لعبة رياضية فكرية كما يقول "العم"، وهنا تكمن روح المسؤولية لنشر هذه اللعبة ابتداءً من بلده سورية، وعن ذلك يقول: «لدي مسؤولية تامة وكاملة بنشر هذه الثقافة الرياضية في سورية بلدي الأم والانطلاق منها إلى الوطن العربي والشرق الأوسط، وإصراري على الاستمرار هو لأهمية هذه اللعبة من الناحية الإنسانية والفكرية، يجب أن نقتنع أن الرياضة ليست فقط اللعب وممارسة تمارين معينة، بل هي معرفة وعلم وإنسانية في الدرجة الأولى، يجب أن نكتسب دائماً الأشياء الجديدة ونحاول فهمها لنطور أنفسنا ونتقنها بشكل إيجابي وإنساني، وأنا هنا أحاول أن أمارسها كعلم تقليدي يعتمد على الجهد الكبير، فالسوريون هم أول من أتوا بلعبة "الكاراتيه" من أقاصي العالم وأدخلوها إلى الوطن العربي، وهنا أتمنى أن أكون قادراً بل أصر أن أنشر هذه اللعبة الكاملة والمتكاملة إلى الشرق الأوسط من خلال بلدي سورية».

الجدير بالذكر أن "يحيى العم" من مواليد 1974 "دمشق"، شارك في ثلاث بطولات في "ماليزيا"، ونال من خلال الأوزان /80/، و/85/، /90/ على الدرجة الأولى في لعبة " Silat Seni Gayong "، وسيشارك في السنة القادمة بوزن /95/ في بطولة جديدة، يدرّس هذه اللعبة في سورية، وله طلاب في "ماليزيا" يتابعهم من خلال منهاج خاص بلعبة "السيلات"، وهو الوكيل الرسمي والمعتمد لفن السيلات في سورية والشرق الأوسط.