رغم صغر سنه، إلا وأنه أتقن صناعة يحتاج الكبار للكثير من الوقت والخبرة من أجل إتقانها، الشاب "محمد شعبان" 14 سنة في الصف الثامن الإعدادي يستطيع صناعة آلة العود الموسيقية بشكلٍ جيد، لذلك موقع eSyria بتاريخ 15/4/2009، التقاه في متجر أبيه الكائن في "باب الجابية"، وفي البداية حدثنا عن مراحل صناعة العود بقوله:

«صناعة آلة العود من الصناعات القديمة التي مازالت إلى اليوم محافظة على شكلها الأساسي مع اختلاف بسيط في الطريقة والأدوات، إلا أنها صناعة تتطلب الخبرة والفن، فصناعة العود تقسم إلى عدة مراحل الأولى:

حرصت على تعليمه هذه الصناعة منذ صغره لأنني وجدت عنده القدرة على ذلك، وأريده أن يصبح قدوة لأبنائه عندما يكبر، وقدوة لكل هؤلاء الذين يصنعون آلة العود دون اهتمام وبشكل تجاري

يتم اختيار نوع الخشب المستخدم في هذه الصناعة إذ يوجد العديد من الأنواع ولكل منها خاصيتها وميزاتها وصوتها الموسيقي، فمنها المصنوع من خشب "الكينا" وخشب "الجوز" ومنها يصنع من خشب "الورد"، وللعلم نوعية الخشب يتم اختيارها حسب الزبون، وفي المرحلة الثانية نقوم بقص الخشب وثنّيه ثم نوزع هذه القطع إلى أقسام العود، وهذا طبعاً يختلف حسب مقاسات العود المراد تصنيعه، وعبر آلةٍ خاصة نقوم بثني هذه الألواح الخشبية وتسمى "آلة الريشة" التي تعمل على مادة "الغاز"، وفي المرحلة الثالثة نجمع هذه القطع ونركبها جنباً إلى جنب ليأتي دور "الغراء" الذي يقوم بعملية "لصق هذه القطع" بقوة حتى لا "تنفك" عن بعضها، وبعد ذلك يبدأ "حف" العود من جميع الجهات، إلى أن يصبح جاهز للطلي "بزيت الزيتون" ونتركه يجف ليعطه لمعان خاص، وفي عملية "البرداخ"- "الجلخ" (الأخيرة) نقوم بتركيب القطع المتبقية».

الشاب "محمد شعبان" يدخل الوتر في "الفرس"

وبالنسبة لأقسام آلة العود أضاف: «لدينا "قسم المصدر" وهو وجه العود، قسم "الفرس" الذي يثبت عليه "الأوتار"، "الدوسة"، "الزند"، "المفاتيح"، و"الكوع"، أما بالنسبة لأسعار الأعواد فهي تختلف باختلاف نوعية الخشب المستعمل في الصناعة، إضافة إلى نوعية الأوتار، وتتراوح أسعارها بين 1500 ل.س إلى أكثر من 100000 ل.س وهذه الأعواد غالية السعر تسمى أعواد "النحات" وهي أعواد قديمة قل ما نجدها في الأسواق ويرجع ارتفاع سعرها إلى نوعية الخشب المستخدم في صناعتها.

ثم قال: «الأوتار القديمة كانت تصنع من أمعاء الحيوانات أو من ذيل "الفرس" أما اليوم فهي غالباً ما تكون أوتاراً صناعية من "النايلون" تأتينا استيراد من الخارج، ولكوني أعمل في تصنيع الأعواد فأنا أهوى العزف على هذه الآلة الرائعة ذات الصوت الحنون، كما أجيد العزف على آلة "البزق" التي اشتق منها العود».

يثبت الأوتار في المفاتيح

وعن كيفية تعلمه هذه الصناعة قال: «ورثنا صناعة الأعواد عن جدي رحمة الله، ومنذ طفولتي كان والدي يأخذني إلى المشغل الذي نصنع به هذه الأعواد، وفي السنة الماضية أتقنت صناعة آلاتي "العود"، و"البزق" بشكلٍ كامل، بعدها اقتنع والدي بمستوى صناعتي للأعواد، فبدأ ببيع الأعواد الموسيقية التي أصنعها دون تردد، وبالنسبة إلي فأنا سأكمل في هذه الحرفة التي ورثناها عن جدي رحمه الله، إضافة إلى أنني سوف أكمل في تحصيلي العلمي من أجل دخول المعهد العالي للموسيقا».

ثم التقينا السيد "رأفت شعبان" والد الطفل والذي قال: «حرصت على تعليمه هذه الصناعة منذ صغره لأنني وجدت عنده القدرة على ذلك، وأريده أن يصبح قدوة لأبنائه عندما يكبر، وقدوة لكل هؤلاء الذين يصنعون آلة العود دون اهتمام وبشكل تجاري».