"رب صدفة خير من ألف ميعاد" وهو فعلاً ما كان، فلا يخطر ببال أي شخص أن تجربة شيء جديد بمحض الصدفة قد تكون بداية طريقه في الحياة ولا سيما عندما يكون الطريق المختار أبعد ما يكون عن خبرة ومعرفة الإنسان.

"ماهر رومية" هو أحد هؤلاء، موسيقي شاب، حمل شهادته الثانوية، ولم يكن يدري ما الذي سيقدم على دراسته وأي فرع أو تخصص سيختار.

العلاقة مع الطلاب تعتبر أخوية وعلاقة صداقة جيدة، فالأعمار متقاربة خاصّة أن البعض من الطلاب يدخل سنته الأولى بعمر (24) إضافة إلى الوقت الطويل الذي يمضيه أي أستاذ مع طلابه يلعب دوراً كبيراً في فهمه لكيفية تصرفهم، وهو أصلاً شيء اعتدت عليه من خلال دراستي في المعهد، والأمر لا يختلف كثيراً

سمع بوجود المعهد العالي للموسيقا، وظهر فجأة ذلك الحلم الذي أحس "ماهر" أنه الحلم الذي لطالما رغب في تحقيقه وكان "الاختيار الصحيح".

الاستاذ "ماهر رومية" وآلة "الترومبيت"

موقع eDamascus التقى "ماهر" بتاريخ (10/1/2009) وعن تجربته في دراسة الموسيقا حدثنا قائلاً: «عندما اتخذت قراري في دخول "المعهد العالي للموسيقا"، لم يكن لدي أي خلفية موسيقية أو حتى معلومات عن ماهية الدراسة ومستقبلها، وحتى آلة "الترومبيت" التي اخترتها وأعزف عليها، كان اختيارها لمجرد اختلافها عما هو دارج فالناس هنا يحبون "الدربكة، العود، الأورغ..." أما الآلات الغربية فهي بعيدة عن المفهوم العادي ولعل الخروج عن المألوف كان هدفي في البداية».

على أساس هذا الاعتقاد، اختار آلته التي غير رأيه في التعلم عليها تسع مرات قبل أن يخلص لها نهائياً، وبدخوله للمعهد الفصل الدراسي (1997- 1998)، بدأ السنتين الأوليتين بصعوبات لا توصف بالانتقال من مرح وضجة الشارع والأحلام إلى جو أكاديمي بكل ما فيه وعن ذلك يقول: «الاختلاف بين ما يملكه الشخص من أحلام مستقاة من الواقع، ولا سيما ما شاهدته من فرق "الشارع" التي كانوا عبارة عن مجموعة شباب يعزفون ويضجون ويمرحون، والجو التعليمي المختص كان شاسعاً وصعباً، فأنت تحتاج للتركيز، التفكير النظيف، الموازين الدقيقة، وارتفاع مستوى التعليم كان أولها، فقد كنت مادة خام سيتم صقلها في البداية، وهذا ما كان وبالرغم من الضغط الكبير أثناء الدراسة وطول المدة الزمنية التي أعتبرها من أجمل فترات حياتي وأكثرها فائدة لا سيما عندما يبدأ الشخص بقطف ثمارها».

من أحد حفلات كلية الموسيقى

تخرج "ماهر" سنة /2002/ عازف على آلة "الترومبيت" ومغني "تينور" في فرقة كورال "الحجرة" التابع للمعهد العالي للموسيقا، أما عام /2004/ فقد حمل له تطوراً كبيراً بانتقاله كأحد الأساتذة الأساسيين بكلية الموسيقا في "حمص" التي تعتبر حديثة العهد، وعن التحول بين العازف إلى الأستاذ المختص يقول: «العلاقة مع الطلاب تعتبر أخوية وعلاقة صداقة جيدة، فالأعمار متقاربة خاصّة أن البعض من الطلاب يدخل سنته الأولى بعمر (24) إضافة إلى الوقت الطويل الذي يمضيه أي أستاذ مع طلابه يلعب دوراً كبيراً في فهمه لكيفية تصرفهم، وهو أصلاً شيء اعتدت عليه من خلال دراستي في المعهد، والأمر لا يختلف كثيراً».

وعن الوضع الموسيقي في "حمص" يضيف: «أعمل في "دمشق" وفي "حمص" آخذ من الأولى التطور في المجال الموسيقي وأطبقه في الثانية على أرض الواقع، والمدينتان مهمتان بالنسبة لي، ولكن أجد أنه يوجد نقص كبير في الوعي الموسيقي بين الاثنتين، فشباب "حمص" متعطش جداً لما يراه ويسمعه عن العاصمة، لكنّها تبقى العاصمة ورغم وجود الذواقة إلا أنهم مختلفون عن الذين يحبون الموسيقا، والذين يدرسونها أكاديمياً، وهنا تكمن المشكلة فقلة المعاهد الاختصاصية سبب أساسي، والعزف على آلة موسيقية يحتاج البدء بأعمار صغيرة خاصّة آلات الجهد العضلي، وأنا شخصياً كنت متأخراً بعشر سنين أي بدأت بعمر العشرين سنة بدل العشر سنوات».

"ماهر" مع شقيقه

الحياة الموسيقية بالنسبة لـ"ماهر رومية" الشيء المجرد الذي يشعره بالجمال والسعادة، وهي أيضاً مهنة، فهو أستاذ مادة "التحليل الموسيقي" وآلة "الترومبيت" في كلية الموسيقا بـ"حمص".

من الجدير بالذكر أن "ماهر رومية" هو من مواليد "دمشق" عام /1979/، ولديه حلم بأن يكون من كادر العمل في "المعهد العربي الموسيقي" الذي سيفتح قريباً لتدريس الأطفال الصغار في مدينة "حمص" أيضاً.