لتكن انطلاقتك من الجامع الأموي الكبير في "دمشق"، متجهاً نحو أحياء وأزقة المدينة القديمة، وتحديداً في حي يطلق عليه "حي القيمرية"، في هذا الحي الذي مازال متمسكاً بعاداته وتقاليده الشامية على اختلاف أنواعها، لكن هناك منظراً واحداً سيلفت انتباهك ويشدك إليه،

ولن يدلك أحد عليه لأن اللوحات المرسومة والمعلقة على الجدار هي التي سوف تنطق وتتكلم مرحبةً بك، ثم إن اللوحات التي يتم رسمها أمام الملأ من المارين هي التي ستجعلك تقف لوقت طويل أمام المحال متعجباً لتلتقط صورةً تذكارية ً أو لتسأل عن سر هذه المهنة.

هناك الكثير من اللوحات التي رسمتها وأنجزت بأسلوب سريع وخلال فترة زمنية بسيطة، فمن المعروف أن الفنان والرسام هو إنسان ويملك معاناة واحتياجات وهو مضطر لأن ينجز لوحاته بأسلوب سريع لكي يستطيع العيش، فهذه هي مهنته وقوته اليومي التي تحميه

ومن هذا الجو العابق بالفن، سينبثق عنه بالضرورة فنان مبدع أصيل ومبدع يعكس ذلك الجمال الذي نشأ عليه، فالفنان "فواز البيبي" وهو من تولد مدينة "دمشق" عام /1975/، وهو فنان يعشق مهنة الرسم لأنه يعتبرها جزءاً من شخصيته. eSyria التقى به يوم السبت 13/12/2008م، ليحدثنا عن تجربته مع الفن، وعن صلة الفن به فقال: «الفن لا يتجزأ وهو بالنسبة لي منهاج أسير على خطاه، وهي المراحل الحياتية لـ"مايكل أنجلو" الذي يعتبر أن الفن لا يتجزأ ، فـ"مايكل أنجلو" هو الرسام وهو النحاة وهو الفنان، وهو مصمم الديكور، فهو يعمل بدقة عالية إن كان بالتشريح أو كان بالتكوين، وهذا يعود إلى اجتهاد الرسام أو الفنان بحد ذاته، ففي عصر "أنجلو" كان التعبير موجهاً نحو الوجه، لكنه رأى أن هناك منحىً آخر سوف يسير عليه، فصار هناك ما يسمى بالتعبير بالحركة، فبدأ برسم تشريحي للجسم، وللهيكل العظمي، ثم يشرح العضلات، ثم يعود ليكسوه لحماً وذلك كله من خلال اللوحة، وهنا تكمن مهمة الرسام بإيجاد باب جديد لينطلق منه».

*متى بدأت عندك موهبة الرسم؟

**«بصراحة منذ لحظة ولادتي الأولى أصابتني لعنتان هما العشق والرسم، فأنا عاشق بالفطرة، ورسام بالفطرة، وبين اللعنتين شيء ما مشترك أحياناً لا أدري ما هو، فأنا أستمتع عندما أكون بلحظات عشق لأعبر عن هذا العشق بالرسم، وعندما أكون بلحظات الرسم أستمتع عندما أكون عاشقاً».

*ماذا رسمت عندما كنت عاشقاً؟

**«هناك الكثير من اللوحات التي رسمتها والتي تعبر عن الحبيبة الأولى، حبيبة المصادفة، وهي تلك الفتاة التي لا أعرفها وأنتظرها بالمصادفة لكي تأتي، فأنا أضعها بمخيلتي وقد لا تكون هي ذاك الشبح الذي أبحث عنه، لكن روحها لا تفارقني وموجودة معي وأشعر بها لذلك أتخيلها فأرسمها».

*كم لوحة رسمت إلى الآن؟

**«هناك الكثير من اللوحات التي رسمتها وأنجزت بأسلوب سريع وخلال فترة زمنية بسيطة، فمن المعروف أن الفنان والرسام هو إنسان ويملك معاناة واحتياجات وهو مضطر لأن ينجز لوحاته بأسلوب سريع لكي يستطيع العيش، فهذه هي مهنته وقوته اليومي التي تحميه».

*هل هذه الرسومات تستطيع أن تكون مصدر رزق يمكن الاعتماد عليه في المستقبل؟

**«إذا استطاع الرسام أن يفصل ما بين الرسم والتجارة فيمكنه ذلك وبسهولة، وهنا أعتب على فن التجريد الحالي الذي مكن أي إنسان أو أي شخص ذواق باللون بأن يرسم ويطلق على هذا النوع من الرسم "فن التجريد"، وهذا الموضوع بحد ذاته هو فلسفة كلام، فالمذهب الأساسي الذي من المفترض أن يكون هو المذهب "الواقعي" فعلى الرسام أن يتقن فن الواقعية بصورة دقيقة وبشكل جدي ومن ثم بإمكانه أن ينطلق نحو اتجاه آخر إن أراد ذلك».

*هل الرسام أو الفنان ينال حقه تماماً في مجتمعنا؟

**«غياب التشجيع المادي وحتى المعنوي، وغياب هذا الاهتمام الذي من المفترض أن يكون موجوداً هو ما جعل الرسام مظلوماً في مجتمعه نوعاً ما، وهذا النوع من الفنون نجح عند مجتمعات أخرى لوجود جهات رسمية داعمة تبذل جهوداً في حماية ورعاية الفنان وتأمين مستلزماته، وهذه المستلزمات متمثلة بالتشجيع وإقامة المعارض، وتوفير الدعاية الإعلامية المناسبة بمختلف وسائلها التي أصبحت سلاح فعال في نجاح الفنان والتأثير بالمجتمع من حوله، وأنا أحضر حالياً للمشاركة في معرض فردي أقدم فيه نتاجاتي الفنية الواقعية، لكن الأمر ليس بهذه السهولة، فالفن الواقعي لدينا محارب لدرجة كبيرة لوجود أناس كثيرين يعتقدون أن الفن الواقعي مجرد تصوير، وأنا أرى ذلك لكن ليس بمقدور أي شخص أن يتقن هذا التصوير، وهنا تكمن الموهبة، أنا أرى أن التجريد هو تجريد الفكرة وليس تجريد اللوحة، فالرسام "سلفادور دالي" هو من يجرد الفكرة لكنه يرسمها بطريقة واقعية».