أصلح مئات بل آلاف المحركات المعطلة في معظم محافظات القطر، "هاشم النعسان" وإن كان قد اختص بتصليح محركات ضخ المياه من آبار الفلاحين إلا أنه قادر على إصلاح جميع المحركات الكبيرة والصغيرة الديزل منها والبنزين، إلى هنا والأمور عادية فكثيرون هم الميكانيكيون القادرون على التعامل مع كل المحركات الصناعية بأنواعها المختلفة، لكن أن تكون ضريراً وتصلح محركا فهذا هو الشيء اللافت للانتباه.

والذي دفع الكثيرين إلى التشكيك بقصة الميكانيكي الأشهر في منطقة "دوما" وريف "دمشق" على مدى سنوات طويلة وصلت إلى ما يزيد على النصف قرن، إنها قصة الكفيف "هاشم النعسان" المعروف بــ (أبو صبحي).

فقدت بصري وأنا في التاسعة من عمري إثر مرض ألمّ بي وكنت في هذه الأثناء مولعاً بالميكانيك واهتمامي بمحركات ضخ المياه في الأراضي الزراعية، وفي هذه السن أدركت قدري أن أكون أعمى لكن عليّ العمل دون أن أنتظر مساعدة أحد

موقع eSyria التقى السيد "النعسان" في المنطقة الصناعية بــ "دوما" بتاريخ /14/12/2008/ ليلقي الضوء على تجربة إنسان كانت الإرادة القوية والإيمان العميق هما دافعه للعمل بل والإبداع فيه بدل الانكفاء على الذات في انتظار عطف الآخرين.

"ديب رمضان" في الوسط

يقول السيد "النعسان": «فقدت بصري وأنا في التاسعة من عمري إثر مرض ألمّ بي وكنت في هذه الأثناء مولعاً بالميكانيك واهتمامي بمحركات ضخ المياه في الأراضي الزراعية، وفي هذه السن أدركت قدري أن أكون أعمى لكن عليّ العمل دون أن أنتظر مساعدة أحد».

ويؤكد "أبو صبحي" أنه تعلم تصليح محركات الديزل ومحركات البنزين كبيرها وصغيرها لوحده فيقول: «تعلمت هذه المهنة بلا معلم، وإذا أراد الله شيئاً فعل، لقد فقدت بصري لكن الله سبحانه وتعالى عوضني فمنحني الإرادة والتصميم لأن أكون نافعاً منتجاً فتعلمت وعلمت أكثر من عشرين شخصاً مهنة الميكانيك كما علمت أولادي السبعة هذه المهنة، وأصبح لكل واحد منهم محله الخاص به».

أحد المحركات التي يصلحها "أبو صبحي"

وعن معرفة الناس به يقول "النعسان": «يعرفني غالبية أبناء ريف "دمشق" الذين يمتلكون محركات ديزل لضخ المياه، فما إن يتعطل هذا المحرك أو ذاك حتى أكون المرشح لتصليحه بعد أن يعجز غيري، ومع الزمن أصبحت معروفاً بمقدرتي وسرعتي في التصليح وقد جلت خلال ما يزيد على النصف قرن معظم مناطق ريف "دمشق" ومحافظات "السويداء ودرعا وحمص وحماة اللاذقية"».

سألت عنه في مدينة القطيفة بريف "دمشق" فعرفوه على الفور مؤكدين أنه يعيش في مدينة "دوما" وله مواعيده كالطبيب مع الزبائن فمن تعطلت محركات آلياتهم أو محركات ضخ المياه فوجهتهم "أبو صبحي النعسان" هناك في "دوما" حيث المنطقة الصناعية تجده في محله الواسع جالساً بجوار المدفأة.

يقول السيد "ديب رمضان" من سكان منطقة "دوما": «"هاشم النعسان" مختص بتصليح مضخات المياه لا يوجد فلاح في أرضنا إلا ويعرفه بل لا توجد بقعة أرض في "الناصرة" و"جيرود" و"دير عطية" و"حمص" و"حماة" و"حلب" إلا ووزارها، وليس هناك فلاح إلا واستعان به، بعضهم أكرمه والبعض الآخر أنكر عليه حقه ولم يتعرفوا عليه بعد أن قضى لهم حاجتهم ولكن هذا كله لم يكن ليؤثر عليه بل مضى ليعامل الآخرين بطيبة وفرحته الكبرى عندما يتم عمله بنجاح ومهارة».

ويختم "هاشم" حديثه بالقول: «إنه مصمم على الاستمرار في الحياة والعطاء، وأن الحواس قد تخطىء أو تنهزم ولكن الأبقى والأقوى أن لا يتراجع الإنسان أبداً عن هدفه، فالحياة كتاب كفاح، ودائرة اختبار، فإما أن يثبت الإنسان، ويفرض نفسه على المجتمع فرضاً بعمله وعرقه، وإلا سيبتلعه تيار الزمن الذي لا يرحم، وتذيب شخصيته رحى الطغيان».

هذا هو "هاشم النعسان" الذي أبى إلا أن يتحدث في الدين والجغرافيا والتاريخ بل وأثر الارتفاع والانخفاض والضغط الجوي في تعيير زيت المحركات!!.