«رغم ظروفي الصعبة إلا أن تصميمي ومساعدة والدتي كان له الفضل الأساسي في تعلمي للعزف على آلة الغيتار التي ما زلت أعشقها منذ صغري إلى الآن، لذلك قررت أن أدرسها للأطفال في المعاهد والمدارس السورية».

هذا ما قاله عازف الغيتار "طارق صالحية" الذي التقيناه في معهد "شبيبة الأسد للموسيقا" ليحدثنا عن قصته مع هذه الآلة التي طالما أحبها حيث قال: «بدأت القصة منذ صغري عندما اشترى لي والدي المخرج الإذاعي "محمد صالحية" رحمة الله آلة غيتار للعب والتي كانت وقتها تحوي على وتر كنت أعزف علية باستخدام أعواد الثقاب، ومن ثم كنت أعزف على غيتار زوج أختي ومن وقتها عرف وتأكد أهلي من حبي وشغفي للموسيقا واهتمامي الدائم بها بشكل شخصي دون ضغط من والدي أو والدتي، وبعد وفاة والدي حرصت والدتي على إكمال تعليمنا أنا وإخوتي ولم تتوقف للحظة في تقديم كل الأمور التي تلزمنا من أجل أن نحقق النجاح بحياتنا، وعندما أصبح عمري 15 سنة بدأت أعزف بشكل جيد، فوقتها شاركت مع أصدقائي بالكثير من الحفلات الفنية إلى أن شعرت بأني بحاجة إلى صقل هذه الخبرة بنوع من العلم الضروري لأي عازف، وقتها بدأت أذهب إلى أساتذة لكي يدرسوني علم الإيقاعات الشرقية والغربية والمقامات والتكنيكات الضرورية إلى أن حصلت على شهادة الثانوية العامة التي خولتني من إكمال دراسة الغيتار في المعهد العالي للموسيقا، وكان للمعهد العالي للموسيقا الفائدة الكبيرة على أعطائي المعلومة الصحيحة التي أحتاجها، فأنا استفدت من الموسيقيين المحليين والأجانب الموجودين فيه وبالفعل فهم أساتذة كبار يستحقون كل التقدير، ودرست في المعهد العالي أيضاً الإيقاع إلى أن أصبحت عنصراً أساسياً بالفرقة السمفونية الوطني، وعند تخرجي من المعهد أصبحت معيداً فيه، وتم تعييني كمدرس في معهد "شبيبة الأسد" للموسيقا، في حين أعمل الآن كرئيس لقسم آلة الغيتار في معهد "صلحي الوادي للموسيقا"، بالإضافة إلى عملي كمدرس في المدرسة الوطنية الخاصة».

أعلم أطفالي الموسيقا لكن لا أجبرهم على ذلك ففي المستقبل سأحترم خيارهم في بناء حياتهم ونوعية الأعمال التي يحبونها شرط أن يكونوا ناجحين بها، فإذا اختارَ أحدهم أن يكون طبيباً أو نجاراً فعليه أن يكون ناجحاً لأن هذا شرط للإنسان الصحيح المحب لبيئته ومجتمعه

وعن حبه لتدريس الأطفال قال: «أنا أحب تدريس الأطفال لأنني طفل من الداخل، فتعاملك مع الأطفال يدخلك في عالم رائع وقائم بحد ذاته ولا يحتاج إلى الكثير من الصعوبات، فهم ملائكة الأرض وأرى بهم البراءة والبساطة الأمل وحب الحياة، لذلك أفضل تدريس الأطفال وأسعى لتقديم الفائدة العلمية لهم كي أكون قد أديت رسالتي الإنسانية قبل الفنية لهم».

طارق صالحية وهو يدرس

وبالنسبة لأطفاله أضاف: «أعلم أطفالي الموسيقا لكن لا أجبرهم على ذلك ففي المستقبل سأحترم خيارهم في بناء حياتهم ونوعية الأعمال التي يحبونها شرط أن يكونوا ناجحين بها، فإذا اختارَ أحدهم أن يكون طبيباً أو نجاراً فعليه أن يكون ناجحاً لأن هذا شرط للإنسان الصحيح المحب لبيئته ومجتمعه».

ثم قال: «أسعى لأن أكون مثالياً وإنسانياً إلى حدٍ ما فنحن بشر بالنهاية وهذا الشعور يعود إلى أنني مدرس أطفال يجب أن يروني بأفضل صورة، وبالنسبة لطموحي فهناك ثلاثة: أولها أملي في أن تعيش كل الإنسانية بحب وسلام، وثانيها: تقديم العلم الموسيقي للأطفال بالشكل الصحيح من أجل أن يقدموا شيئاً ممكناً لم أستطع فعله، أما الشق الثالث: فيكمن في صنع الطريقة الموسيقية الخاصة بي من خلال اقتباسها من البيئة الشرقية التي نعيش بها وتوظيفها على آلة الغيتار لأكون بذلك قد عملت شيئاً خاصاً بي لم يعمله أحد من قبل».