«ولدت بدون يدين، رغم ذلك لم تستسلم لقدرها، وقررت أن تكون فنانة تشكيلية وتعمل مثل غيرها من الطلاب وان تكون فاعلة في المجتمع». هكذا يقول الاستاذ "فؤاد طوبال" عن الطالبة "دعاء بسطاطي".

موقع "esyria" زار بتاريخ 5/11/2008 الطالبة "دعاء بسطاطي" في كلية "الفنون الجميلة بدمشق"، حيث حدثتنا "دعاء" عن محاولتها لتكون فنانة تشكيلة وفاعلة في المجتمع «انا دمشقية الاصل انتمي الى ذلك الحي الرائع "حي الميدان"، وانتسب لأسرة مكونة من أربع بنات وسبعة شباب ارسم برجلي وأبدع على الزخارف وعلى الزجاج والحرير واليقطين، ودائما كنت الأولى في مدرستي، وكان حلمي هو الانتساب لكلية "الفنون الجميلة" وأخيرا حققت حلمي، واصبحت لي شهرة واسعة ليس فقط في المجتمع السوري، بل المحيط الإقليمي أيضا».

اهلي كانوا متعاونون معي كثيرا ويشجعونني دائما لاكمل هذا المشوار واصبح فنانة معروفة، اختي الكبرى كانت معي دائما وهي تابعتني في عملي لاكون فتاة مميزة في عملي وارسم برجلي من دون يدين

  • "دعاء" كيف كانت ردة فعلك عندما عرفت انك بدون يدين؟
  • الدكتور "طوبال" مشرفا على اعمال "دعاء"

    **« كان لاهلي الدور الكبير في مساعدتي، منذ أن شاهدت نفسي وأنا طفلة صغيرة بدون يدين قررت الاستعانة برجليَّ، اعمل كلَّ شيء برجلي، حتى في المنزل استخدمهما بشكل طبيعي في أعمال البيت واقوم بتناول طعامي وشرابي لوحدي برجلي، وأيضا أقوم بجلي الأواني في المطبخ برجليَّ وأرفض أن تساعدني أختي بهذه الأعمال بل أحاول أن أطبخ أيضاً، وكانت اول محاولة عندما بدات بالكتابة وانتسبت لمدرسة "الأمل للمعوقين" فكنت محط اهتمام جميع الاساتذة في المدرسة كان لهم دور كبير في دعمي وتشجيعي، فأنا لا اعتبر نفسي معاقة وكملت مشواري على هذا الاساس وبكثير من التفاؤل».

    * متى بدات بالرسم؟

    ** «بدأت ارسم من المرحلة الابتدائية، أنتسبت الى معهد "أدهم اسماعيل" "للفنون التشكيلية" في الصف "الثامن"، وفي المعهد حاولوا الاساتذة ان يعاملوني بشكل عادي واعتنوا بي وبرسمي، لهم دور كبير في وصولي الى "كلية الفنون" وخاصة الانسة "ريم الخطيب" التي حاولت مساعدتي كثيرا لاتغلب على هذه الحالة، فكانت دائما تقول لي انت فنانة ويجب ان تحققي حلمك هذا».

    موهبة وفن وابداع

  • لماذا اخترت الرسم مع ان الرسم يتطلب العمل باليدين بشكل رئيسي؟
  • ** «الرسم هو الاجمل من بين الفنون التشكيلية، الرسم هو كل حياتي ووقتي واحاول ان اعبر عن الذي بداخلي من خلال لوحاتي التي شاركت بها في معارض وملتقيات عالمية، وفي كل يوم احاول ان ابدع اشياء جديدة وادخلها في لوحتي».

  • كيف كانت ردة فعل اهلك بممارستك للرسم؟
  • ** «اهلي كانوا متعاونون معي كثيرا ويشجعونني دائما لاكمل هذا المشوار واصبح فنانة معروفة، اختي الكبرى كانت معي دائما وهي تابعتني في عملي لاكون فتاة مميزة في عملي وارسم برجلي من دون يدين».

  • عندما انقبلت في كلية "الفنون" كيف كان تعاون الاساتذة معك؟
  • ** «في البداية استغربوا كيف ساعمل برجلي، حيث في الكلية هناك اقسام "للتصوير والحفر وعجن الطين"، ولكن انا اثبت لهم انني قادرة ان اعمل في كل هذه المجالات ومن دون مساعدة من أحد، ونجحت، وهنا الكل يحاولون مساعدتي من الاساتذة والطلاب فهم يشجعونني ويحترمون اعمالي كثيرا».

  • ماذا تحدثيننا عن طريقة تعاملك مع الأدوات الفنية والمواضيع التي ترسمينها؟
  • ** «انني اعمل كل شيئ برجلي واصابعي تحديدا، فهناك ادوات عديدة مثل: "الفرشاة والمجحاف وعجن الطين" وانا احاول ان اتعامل معها بشكل طبيعي وتعودت على هذه الحالة الى درجة احس انني اعمل بيدين ولاينقصني شيئ».

  • ماهي المواضيع التي ترسمينها على اللوحة؟
  • ** «في الرسم، ارسم بقلم الرصاص واستخدم الألوان المائية واحاول ان اتعلم قريباً الرسم الزيتي، كما أمزج الألوان من خلال أصابع رجلي وأرسم اللوحة وكأنني أعمل بأصابع اليد العادية لا أشعر أبداً أنني بلا يدين أو أنني معاقة حتى أنني أمارس فن الزخرفة وكان لديَّ الكثير من اللوحات الفنية التشكيلية، ومعظم مواضيع لوحاتي من الطبيعة الصامتة التي أعشقها، وكذلك في الأعمال الزخرفية هناك أشكال هندسية متنوعة أزخرفها على الزجاج واليقطين والحرير والأعمال هذه يأخذ الواحد منها يومين لأنجزه، في حين أن العمل التشكيلي لا يأخذ أكثر من ساعتين، وانا اعشق كثيرا الحارات الدمشقية القديمة ورسمت الكثير منها».

  • ماذا عن نتاجك الفني الابداعي ورصيدك من اللوحات؟
  • ** «لدي الكثير من اللوحات وذلك مايعادل الخمسين لوحة، وبعت الكثير من لوحاتي حيث اشارك بلوحاتي في البازارات ورسمت هناك ليتعرف العالم علي ولكي يدركوا ان الاعاقة الجسدية ليس سببا لعدم الابداع والمحاولة، والحمدالله الناس تقبلوا فكرة لوحاتي ورسمي ونجحت في كثير من الملتقيات بدرجات عالية وانا مسرورة لذلك».

  • هل لك مشاركات على المستوى العالمي؟
  • ** «طبعا..! فانا لدي مشاركات عالمية عديدة ونلت فيها جوائز عديدة، ففي عام 2004 حققت إنجازا مهماً أعتز به وهو حصولي على جائزة رائعة في "بيروت" من مؤسسة "الفكر العربي" التي يراسها الأمير "خالد الفيصل"، وحصلت فيها على درع التغلب على الإعاقة ومبلغ مالي قدره (10 آلاف دولار) وبمشاركة من الرئيس "اللبناني" السابق "ايميل لحود"، وشاركت في بعثة الى "اوكرانيا" وفي المشروع الفني البريطاني «توغيذر» (معاً) بمرحلتيه الأولى والثانية، ودول اخرى عديدة ودائما كنت مميزة في تقديمي للوحاتي الفنية والكل كانوا يتفاجؤون بعملي من خلال رجلي ومن دون يدين، وكل هذه المشاركات كانت عن طريق ذلك المعهد الذي أعتز انني انتسبت يوما ما اليه معهد "أدهم اسماعيل"، ولي مشاركة قريبة هذا العام في ملتقى بجمهورية "الاردن" الشقيقة».

  • واخيرا "دعاء بسطاطي" هل لديك رسالة توجهينها للجهات المعنية للاهتمام اكثر بذوي الاحتياجات الخاصة؟
  • ** «اولا اوجه شكري لكل الذين يحاولون مساعدتي ان كان في "الكلية" او في "المعهد"، واوجه رسالة الى الجهات المعنية لكي يهتموا بنا اكثر، فهناك العديد من اصدقائي من ذوي الاحتياجات الخاصة يحتاجون للمساعدة ليكملوا عملهم ومواهبهم المبدعة، حيث هناك اصدقاء لي لايستطيعون الصعود مثلا على الدرج العالي وعلى المسؤولين عن ذلك ان يهتموا بهم ويقدموا لهم المساعدة والفرصة لكي يبدعوا ويقدموا ما في داخلهم، كما اشكر موقعكم الذي يتابع امور "ذوي الاحتياجات الخاصة"».

    كانت "دعاء" في قمة التفاؤل وهي تحدثنا عن حياتها ولوحاتها فالابتسامة كانت دائمة موردة على خديها وهي تقول:«انا لست معاقة وعملي هو دليل عدم اعاقتي».

    من هنا وخلال زيارتنا "لدعاء" في كلية "الفنون الجميلة" التقينا مع احد اساتذتها واحد المشرفين على اعمالها في "النحت" الدكتور والاستاذ "فؤاد طوبال" الذي قال لموقعنا: «انني مسرور جدا لوجود فتاة تعمل برجليها ومن دون يدين في هذا المجال الفني، فـ"دعاء" لديها روح مرحة وقدرة على الابداع ومتابعة اعمالها الفنية، ونحن بدورنا في الكلية نؤمن لها جميع المستلزمات فقد خصصنا لها كرسي خاص لتعمل برجليها، وانا اتابع بدوري جميع مشاريعها الفنية، واكتشف في كل يوم ان "دعاء" قادرة على الابداع وان تصبح فنانة مهمة في المستقبل، واشكر اهلها كثيرا الذين حاولوا مساعدتها لتصل الى هذه المرحلة وتتغلب على اعاقتها، فالاعاقة ليس سببا مبررا لعدم الابداع وتطوير الذات والكثير من الاصحاء يتمنون أن ينالوا مثلما نالت "دعاء"من شهرة، فهي الوحيدة بين إخوتها التي ولدت معاقة وتحدت الإعاقة الى ان جعلتها وراءها، وكما اشكر محاولة موقعكم للاهتمام بهكذا اشخاص ولكم ولها مزيدا من التقدم».