يبدأ الدكتور "أحمد شامخ الحميد" حديثه: «أنا من أسرة كادحة تتكون من أب وأم أميين وسبعة شباب وبنتين، وجميع أشقائي متعلمين ويحمل بعضهم أكثر من إجازة جامعية باختصاصات مختلفة في الطب والهندسة والحقوق والآداب، هذا الجو العلمي بين أشقائي شجعني على التحصيل العلمي ليس بقصد الحصول على الشهادة بل بقصد تأدية رسالة وخصوصاً في مجال تعليم المكفوفين حيث أعمل حالياً».

ويتابع الدكتور "الحميد" قائلاً: «فقدت بصري في السنوات الأولى فلم أدرس سوى الصف الأول الابتدائي في مدرسة عادية لأنتقل عام /1975/ إلى معهد التربية الخاصة لتأهيل ورعاية المكفوفين بمنطقة "الشيخ محيي الدين" "بدمشق"، لم أكن من الناجحين المميزين في الصفوف الأولى لكنني تمكنت في (البكالوريا) من تحديد الهدف الرئيسي لي في الحياة وبالتصميم والإرادة استطعت الحصول على الشهادة الثانوية، وانتسبت بحب وقناعة لقسم التاريخ في كلية الآداب بجامعة "دمشق" وكنت متميزاً من السنة الأولى، وكنت أسعى دوماً لتجاوز كل العقبات التي تصادف الكفيف في الجامعة، وعملت منذ البداية على اقتناء الكتب الجامعية في العطلة الصيفية لأسجلها على أشرطة الكاسيت، وعندما يأتي العام الدراسي تكون جاهزة، وكان الفضل في ذلك يعود لشقيقتي الصغرى حيث كانت تقوم بالتسجيل الصوتي لـ(100) صفحة يومياً من المنهاج بمعدل ثلاث ساعات يومياً، كما ساعدني زملائي وزميلاتي بالجامعة حيث كانوا يقومون بالقراءة والكتابة لي أيضا».

عندي هواية الرياضة وشاركت في بطولة اختراق الضاحية على مستوى المعاقين العام /1990/ وكنت من الأوائل. وشاركت بأول بطولة لكرة الهدف (رياضة خاصة بالمعاقين) وكنت ضمن فريق "دمشق" وأحرزنا البطولة كما أمارس الشطرنج، إضافة إلى هواية سماع الأغاني القديمة لـ "محمد عبد الوهاب" و"أم كلثوم" و"عبد الحليم حافظ" و"فريد الأطرش"

ويتابع "الحميد" فيقول: «الصعوبة الكبرى كانت عندما تخرجت/ 1994/ وبدأت رحلة البحث عن فرصة عمل، ولم أوفق في ذلك إلا في عام /2001/ حيث أعمل مدرساً في معهد التربية الخاصة للمكفوفين "بدمشق" لمادة التاريخ للحلقة الثانية والثالثة، ولا يفوتني هنا أن أؤكد أنني كنت وما زلت أبعث في نفوس طلابي الأمل والتفاؤل، وحضهم على التحصيل العلمي لأن العلم هو الميدان الأوسع الذي يستطيع الكفيف فيه أن يثبت للمجتمع أنه قادر على أن يكون الإنسان الذي يسهم في بناء صرح الوطن، ويقدم رسالة إنسانية في بناء جيل متعلم يحمي هذا الوطن». يتابع الدكتور فيقول: «ولكنني خلال فترة البحث عن فرصة عمل لم أهدر وقتي أبداً فقد حصلت على دبلوم في الدراسات العليا في تاريخ العرب والإسلام بتقدير جيد جداً عام/ 1996/، ومن ثم حصلت على ماجستير في تاريخ المماليك من الجامعة اللبنانية عام/ 2000/ بتقدير جيد جداً، لأسجل بعد ذلك في جامعة "دمشق" أطروحة الدكتوراه عام /2001/ بعنوان (الحياة الفكرية في العصر المملوكي الثاني- "شمس الدين السخاوي" أنموذجا ) وحصلت على الدكتوراه بتقدير جيد جداً عام / 2004/ وكنت بذلك أول كفيف يحصل على الدكتوراه من جامعة "دمشق"».

وهنا بدأت مسيرة بحث أخرى عن فرصة عمل تتناسب مع شهادة الدكتوراه التي حصل عليها "أحمد" إذ يقول: «ما أن حصلت على الدكتوراه حتى بدأ تفكيري يتجه نحو ضرورة الانتساب إلى إحدى الجامعات السورية كعضو في الهيئة التدريسية، لكن الصعاب الكثيرة واجهتني منذ اللحظة الأولى، ولكنني بطبيعتي لم أكترث لها، فإيماني بالله أولاً وإرادتي الفولاذية ثانياً جعلتني أواصل العمل على هذا الموضوع حتى تم إصدار قرار من مجلس التعليم العالي بقبول المكفوفين والمعاقين ضمن الهيئة التدريسية في الجامعات السورية وقبلت في جامعة "حلب"».

لكن كيف تأقلم دكتورنا مع كف البصر في المدرسة والجامعة يقول د. "أحمد": «الشخص عندما يكون طفلاً لا يدرك مدى الصعوبات التي تواجهه، ولكن عندما يبدأ فكره بالوعي هنا يبدأ لديه الإحساس بمدى الصعوبات، الحمد لله أقول وليس من قبيل المثالية، كف البصر بالنسبة لي نعمة وليس نقمة وربما لو كنت مبصراً لما استطعت الوصول إلى هذه المرحلة، فعندما انتقلت إلى الجامعة وبالتحديد قسم التاريخ كنت من الطلاب المتفوقين على زملائي، ولا أبالغ أن الكثير من الطلاب المبصرين كانوا يلجؤون إلي، لشرح الأفكار أو مساعدتهم بإعداد حلقات البحث المطلوبة منهم، وهذا الأمر كان يبعث في نفسي دافعاً وحافزاَ للتفوق والدراسة».

بالانتقال إلى الجانب الشخصي من حياة الدكتور "أحمد شامخ الحميد" وفيما إذا كان قد وجد صعوبة في قبول الفتاة التي يرغب الزواج منها أن تتزوج ضريراً يقول: «بالطبع لا أنكر أن هذا الأمر خطر في بالي، ولكن الدرجة العلمية التي كنت أحضر لنيلها، والوعي الذي كانت تتمتع به زوجتي، واتساع الأفق الذي كان يتسم به والدا زوجتي وأسرتها سهلا عليّ الكثير في موافقتها، ولا ينظرون إلي كشخص كفيف وإنما كشخص عادي أمارس حياتي بشكل طبيعي دون أي شائبة، ولدي الآن ثلاثة أطفال "نور" و"عبيدة" و"أسامة"».

عن كتاباته ومشاركاته قال: «قمت بتحقيق مخطوط نادر عن "حلب" اسمه (الدر المنتخب في تكملة تاريخ "حلب") "لابن خطيب الناصرية"، ولي كتاب قيد الطباعة بعنوان (الحياة الفكرية في العصر المملوكي في بلاد الشام ومصر والحجاز) وشاركت بندوتين في التلفزيون العربي السوري بعنوان (من :دمشق" إلى "قرطبة" بمناسبة احتفالية "دمشق" عاصمة للثقافة العربية 2008)، وأيضاً شاركت ببرنامج مكاشفات ومجلة الأمل وفي الإذاعة السورية في برنامج قلوب يملؤها الأمل و"دمشق" في ذاكرتهم وبرنامج خاص بالمعاقين في إذاعة صوت الشعب "بدمشق"».

وعن هواياته قال: «عندي هواية الرياضة وشاركت في بطولة اختراق الضاحية على مستوى المعاقين العام /1990/ وكنت من الأوائل. وشاركت بأول بطولة لكرة الهدف (رياضة خاصة بالمعاقين) وكنت ضمن فريق "دمشق" وأحرزنا البطولة كما أمارس الشطرنج، إضافة إلى هواية سماع الأغاني القديمة لـ "محمد عبد الوهاب" و"أم كلثوم" و"عبد الحليم حافظ" و"فريد الأطرش"».