سلاف حمود 28 عاماً، الخريجة الأولى من قسم الآثار في جامعة دمشق 2007 بمعدل 79,28 % جيد جدا، تروي لموقعنا حياتها فتقول :

أنا فتاة من أسرة مكونة من تسعة أفراد، كنت من الأوائل في مرحلتي الدراسة الابتدائية و الإعدادية، لكن المشاكل بدأت في المرحلة الثانوية عند التحضير لامتحانات الشهادة الثانوية- فرع علمي- بمرض والدي (احتشاء دماغي ) فانشغلت العائلة به ما أدى إلى ضغط و توتر سادا منزلنا الصغير جداً، و ترك أخوتي مدارسهم للبحث عن عمل لتأمين الأدوية الغالية الثمن لأبي، أما الطامة الكبرى كانت في شهر المراجعة للامتحانات عند إصابتي بمرض جلدي مزمن، ما أدى إلى تشتيت انتباهي حيث اعتبرت أن عوامل الفشل مجتمعة فانسحبت من أول مادة و قررت الإعادة في السنة التالية، شعرت بالخجل من الإعادة في نفس المدرسة باعتباري طالبة كانت تنال بطاقات الشكر والتفوق ستكون بالتأكيد تحت أنظار الأساتذة بشكل سلبي فانتقلت إلى مدرسة أخرى، لكن الأوضاع زادت سوءاً مع تراكم الديون و مرض والدتي الجديد إلى جانب مرض والدي، رسبت في السنة الثانية و اعتبرت نفسي ( نقطة و انتهت ) لم أتقبل الرسوب بداية و اعتبرته بمثابة عار كبير لحق بي بعدما أصبحت موضوعاً للنقد حيث لم يدرك أحداً أن هناك عوامل للنجاح و عوامل للفشل ، لذا اتخذت قرارا بترك الدراسة والبحث عن عمل لإعالة أسرتي، حيث عملت في القطاع الخاص ( محل لبيع الأدوات الرياضية ، مندوبة مبيعات.....الخ ) تعاملت خلال هذه الفترة مع أناس جيدين سمعت منهم كلمات مثل ( حرام ما يكون معك بكالوريا) لما رأوه مني من جد في العمل و قدرتي على التعامل مع الزبائن، هذا الشيء شجعني و قوى شخصيتي فقررت إعادة البكالوريا للمرة الثالثة لكن فرع أدبي بدون أساتذة أو دورات تعليمية لعدم القدرة المادية، و بفضل الله نجحت و فوجئ الجميع خاصة أهلي الذين لم يثقوا يوما بالعلم (العلم لا يطعمي خبز)، عندها اختلطت لدي مشاعر الفرح و الحزن لتأخري عن أقراني ، سجلت رغبتي بدخول معهد الآثار على الرغم من قول البعض ( البكالوريا بتكفي )، خفت بداية لكن ما شجعني حضوري حفلة تكريم الأوائل في المعهد عندها سألت نفسي لم لا أكون واحدة منهم، بذلت جهدي خلال سنتي المعهد و نلت المرتبة الأولى، بعدها جاءت فكرة انتقالي إلى الجامعة (كلية الآثار) و قتها بدأت أشعر بقيمتي الحقيقية و اعتزازي بنفسي- بعدما كنت أنظر للآخر بالكمال وأشعر بالنقص- خاصة بعد التقدير والتعليقات الإيجابية من الأساتذة و الدكاترة باعتباري مثالاً للتفوق يضرب به لباقي الطلاب، و قد توج جهدي بنيلي المركز الأول سنة التخرج مع مبلغ 50 ألف ليرة سورية، حيث اكتشفت أن العلم ( بطعمي خبز )على عكس الفكرة السائدة، و الآن أستعد لأن أكون معيدة في الجامعة و أتمنى التوفيق لأبلغ أعلى درجات العلم .

سلاف حمود التي تعتبر أن كل شخص ناجح كبير أو صغير مثلاً تتأثر به، تتوجه إلى كل فرد و خاصة الفتيات في يوم المرأة العالمي بمجموعة من الإرشادات التي استخلصتها من تجربتها القصيرة في هذه الحياة :عدم اليأس والتفاؤل و الثقة بالنفس والصبر لأنه دائماً بعد تجاوز المشكلة يتمنى الإنسان لو صمد أكثر، عندما يكون أحدنا داخل المشكلة يعتبر نفسه شخصين يقدم الثاني للأول مقترحات لحلول المشكلة ، حيث لا نشرح مشاكلنا لأشخاص لا يقدرون .

وتضيف لماذا لا نحاول أن نقدم كل طاقتنا في الظروف التي نعيشها، ولا ننظر إلى ظروف الآخرين بل ظروفنا نحن، الدراسة عمل ممتع، و نضع هدف محدد لكل عمل و لا نقدم عملاً لسنا راضين عنه .

وتختم بالقول: لنقتدي بحديث الرسول عليه الصلاة و السّلام :

" اللّهم لا تبارك لي في يوم لم أزد فيه علماً "