عمل في مجال الخشب منذ طفولته مع والده ضمن حي "الميدان" الدمشقي، وفي عام 2011 احترق المكان ولم يبق منه إلا بقايا أخشاب متفحمة نتيجة الأعمال التخريبية التي حدثت خلال سنوات الحرب، ومن رماد الحريق وقطع الخشب المحروقة، ابتكر "يسار الحبش" تصاميمه الفنية، فصمم جداريات دمشقية وأعمالاً مرتبطة بالتراث والآثار السورية بطريقة فنية اتسمت بالجمال والعراقة، وبعد مرور عدة سنوات بدأ بترميم منشأته الخاصة واتخذ منها متحفه الفني.

عن مهنته وتصاميمه التي ابتكرها يقول إن حبه للخشب والعمل به كان الدافع الأساسي لتطوير موهبته، فمنذ طفولته كان يقوم بصناعة قطع خشبية صغيرة بلمسات فنية، ولم يخطر بباله أنه بعد هذه السنوات سيجسد لوحات جدارية؛ ولكنه بإصراره وقناعته بأن الحياة لم تنته، وظف الوجع بالعمل الفني وكانت تلك الأخشاب المحروقة هي وسيلته للتعبير عن مكنوناته، فرممها بطريقة جديدة بهدف إحيائها من جديد من خلال تشكيل لوحات خشبية كبيرة تعج بالحياة، وكانت أول لوحة صممها عبارة عن جدار السفينة الذي كان يمثل "سورية"، المنتصف أبواب دمشقية قديمة وأطرافها الساحل السوري، وعليها العلم السوري لإيصال رسالة بأن "سورية" لا يمكن تجزئتها وهي خليط واحد ومتكامل، كما صمم جداراً لواجهة جامع يتم ترميمه في منطقة "السويقة" بعرض سبعة أمتار وارتفاع خمسة أمتار وربع المتر، بالإضافة إلى عدة معالم في "دمشق" ومعلم حضاري لمدينة "تدمر" من حبات الزيتون المختلفة التي تشكل الخليط السوري بأطيافه المتجانسة لتشكل لوحة فسيفسائية متميزة، وساعده بوضع الخطوط العريضة للوحة وتلوينها فنياً التشكيلي "علي جروان" ومن ثم أنجزها، كما صمم لوحة أخرى بالزيتون تضم الحصان العربي الأصيل للدلالة على دوره أيام فتوحات القائد "صلاح الدرين الأيوبي".

اعتمد على الأحجام الكبيرة في اللوحات والعمل بمساحات واسعة بهدف جذب الانتباه لها والتوقف عندها والغوص في كل تفصيل منها، فهي نقل ومحاكاة للواقع تنقلك برحلة بين الماضي والحاضر بآن واحد، ويسعى من خلال موهبته لتنفيذ معلم أثري من معالم كل محافظة سورية بالخشب المعتق وجمعها في متحف فني ليكون حاضرة فنية للأجيال القادمة.

جانب من الجدار الدمشقي

التشكيلي "علي جروان" قال إن الفنان "يسار الحبش" اليوم من الفنانين القلائل في "سورية" الذين تناولوا في أعمالهم المجسمات والمواقع التاريخية وحارات "دمشق" القديمة ذات القطع والقياسات الكبيرة جداً، كما أكد بأنه استطاع من خلال التكنيك وألوان الزيتون أن يعطي الحياة لهذه الأعمال، ففي جموح الحصان العربي الأصيل الذي بدا لنا واقعياً، أعلن من خلاله انطلاقته الجديدة، كما أننا نرى في لوحة "تدمر" التي تجاوز قياسها الأربعة أمتار، ذلك الحس الفني الجميل وهدوء الفنان العارف والمتمكن من أدواته والمطلع على تلك المعالم بشكل جيد، فالحرب لم تثنِ "حبش" عن الانطلاق والعمل الدؤوب، واستطاع أن يصنع من الألم أملاً من خلال الخشب المحروق ونفايات البيئة فحلق بنا ليحط بتلك الحارة الدمشقية والجامع القديم الذي جسده بواقعية كبيرة وجميلة جداً فبزر الزيتون الجاف تحول بين يديه الى تلك المادة المطواعة من خلال المنحنيات والخطوط التي كانت في مجمل أعماله، لذلك نقول بأن "يسار الحبش" بهذه الأعمال صنع لنفسه مكاناً مميزاً في فضاءات الفن والجمال.

الجدير بالذكر أنّ الفنان "يسار الحبش" مواليد "دمشق" عام 1962، شارك بمعرض "دمشق الدولي" الـ 59.

من أعماله الخشبية

أجري اللقاء بتاريخ 20 كانون الثاني 2021.

قصيدته التي كتبها للعلم السوري