حملت تفاصيلّ وطنِها بقلبها، وغزت عالم الأزياء في "الإمارات" بموهبتها، فأصبح اسمها دليلاً لمحبّي التراث السوري الغارق في الإبداع المتجدد، هي المصممّة "رنا الرتا" التي استطاعت بفترةٍ قصيرةٍ ترك بصمة شرقية بمنحى عصري في تصميم الأزياء.

مدوّنةُ وطن "eSyria" التقت بتاريخ 8 آذار 2020 "رنا الرتا" لتحدّثنا عن بداياتها وتميّزها في المغترب، فقالت: «كان لدي شغف بعالم الأزياء والألوان والأقمشة والتصميم منذ فترة طويلة، وفي عام 2014 بدأت بتجديد القطع القديمة من ثياب وحقائب وغيره، لأقوم بإعادة هيكلتها في قالب عصري حديث، فبدأت البحث عن معهد يقوم بتعريفي على عالم تصميم الأزياء بشكل أكاديمي، حيث تعلّمت في معهد "سميسم" لخبير الأزياء "فايز سميسم"، وكانت البداية مع دورة الحياكة لأزياء الحياة العمليّة، ثم دورة في رسم العارضات والأزياء لرسم التصميم قبل تنفيذه، ودورة في تصميم وحياكة أزياء السهرة، فحصّلت شهادات نجاح فيها كلّها، وبعد ذلك تدرّبت عند عدّة مصمّمين موهوبين في "سورية"، وخلال هذه الفترة كنت أقوم بالتمرّن الفردي كجهد ذاتي، فصمّمت أزياء لي ولعائلتي، ثم بدأت طلبات أصدقائي على التوالي بأن أصمّم لهم تصاميم مميّزة وخاصّة بالمحجّبات لعدم توافر بعض الأزياء المناسبة لهن في الأسواق التي تناسب المرأة المحجّبة والعصريّة بالوقت ذاته، فبدأت بتصميم العباءات الرمضانيّة بفترة شهر رمضان، فهو زيّ مميّز عند بعض النساء في هذه الفترة، وما يثيرني به هو حريّتي في إضفاء الطابع الشرقي عبره، فلاقت هذه العباءات إعجاباً كبيراً منذ كنت مقيمة في "سورية".

لقد درّبت "رنا" بعدّة دورات تصميم، ولاحظت تمسّكها بتراثنا، فهي تعدُّ التراث هويتنا التي يجب علينا الحفاظ عليها، وتعريف الآخرين بها، وهذا ما تقوم به فعلاً في "الإمارات"، كما أنّها وصلت الآن إلى مستوى من التصميم لا يستهان به، تتميّز أزياؤها بالألوان المتناسقة والرقيقة التي تشبه شخصيّتها، فهي رقيقة المشاعر ويظهر ذلك في أناقة تصاميمها

استمرّ ذلك في "الإمارات"، وازداد الطلب على هذه التصاميم، إذ أصبح لديّ زبائن من عدّة جنسيّات، وكثيراً ما يروقهم التراث السوري والتطريز اليدوي، وما زلت أرسل أزياء إلى نساء سورية؛ خاصّة بعد إنشائي لصفحات خاصّة بأزيائي على مواقع التواصل الاجتماعي، التي أتواصل من خلالها مع زبائني، وأنشر لهم آخر تصاميمي، فهي أزياء عمليّة وعصريّة».

"أسيل الحواري" وهي ترتدي عباءة من تصميم "رنا الرتا"

وعن ارتباط تصاميمها بالتراث السوريّ، أضافت قائلة: «تجذبني تفاصيل تراثنا العريق، والتي ما زالت حاضرة في بعض الأرياف السوريّة حتّى الآن لدى النساء المتقدّمات في السن، فالعباءة حاضرة في لباسهن كما هي في تصاميمي، حيث تمتاز تصاميمي للفتيات بالألوان الزاهية، وفي عمر متقدّم يرغبن بألوان غامقة أكثر، وبالنسبة لبقية أنواع الثياب أكسوها أحياناً بـ"البروكار" الذي يعبّر عن تراثنا، وفي تطريزات الجدائل بالألوان الباهتة، وقد تكون الأرضية بالأسود والأبيض والأحمر، التي تعد الألوان الأساسيّة للكوفيّة، التي كانت تعد إضافة مهمّة للباس الرجال في العديد من الأماكن السورية قديماً، وأشدّد أن هذه اللمسات التراثيّة هي سرّ تميّز تصاميم العباءات والثياب العصريّة الممزوجة بهذه اللمسات أيضاً، وخاصّةً خلال وجودي في "الإمارات" بين زبائن من مختلف الجنسيات».

ومن زبائنها التقينا "أسيل الحواري"، التي قالت: «"رنا" مصمّمة موهوبة جداً، لها نظرتها المميّزة والخاصّة في الأزياء، تعاملت معها عدّة مرّات لأنّ الأزياء التي تصمّمها لي تلفت الأنظار بشكل كبير، فهي تعرف ما يلائم كل امرأة من شكل التصميم إلى نوع قماشه ولونه وكل تفاصيله، بالإضافة إلى أنّ تعاملها في قمّة الرقي، كونها مرنة وتتقبّل النقد ولا تتردّد في إجراء أي تعديل ترغب به الزبونة، فأصبحت اسماً لامعاً في المغترب ودليلاً للعديد من النساء اللاتي يرغبن بالحصول على تصاميم بطابع شرقي وتراث سوريّ».

خبير الأزياء "فايز سميسم"

كما التقينا بخبير الأزياء "فايز سميسم"، الذي قال: «لقد درّبت "رنا" بعدّة دورات تصميم، ولاحظت تمسّكها بتراثنا، فهي تعدُّ التراث هويتنا التي يجب علينا الحفاظ عليها، وتعريف الآخرين بها، وهذا ما تقوم به فعلاً في "الإمارات"، كما أنّها وصلت الآن إلى مستوى من التصميم لا يستهان به، تتميّز أزياؤها بالألوان المتناسقة والرقيقة التي تشبه شخصيّتها، فهي رقيقة المشاعر ويظهر ذلك في أناقة تصاميمها».

يذكر أنّ المصمّمة "رنا الرتا" من مواليد "دمشق" 1992، وتقيم في "الإمارات".

أحد تصاميم "رنا الرتا" التي تجمع العصريّة والطابع الشرقي