يرى الفنان "محمد عبد السلام" أن الفن لم يكن يوماً لأجل الفن فقط لأنه رسالة الشعوب وتقريرها الإنساني واضح المعالم، هذه الفكرة دفعته لتجسيد أعمال ولوحات نحتية والمشاركة في ترميم كنائس نقل عبرها رؤاه الفنية والإنسانية للعالم ككل.

الفنان الذي جسد الفن على جدران كنائس وتحولت أعماله لأيقونات بموهبة فريدة ظهرت في مراحل سابقة بأعمال نافرة ومجسمة عرفت عنه تحدث من خلال مدونة وطن "eSyria" بتاريخ 14 آب 2019 عن رؤيته للفن الذي أخذ منه وأعطاه عبر مسيرة طويلة بين "روسيا" و"سورية" في مرحلة تاريخية عرفت عن حس الفنان الإنساني وقال: «منذ الطفولة أخذتني الألوان والمجسمات، بحثت في تفاصيلها عن روح الفنان الذي ارتقى لينقل للعين من فيض إحساسه وما يجول في خاطره من أفكار وكيف تمكن بفضل عمله من إطالة عمرها وتوثيقها لتستمر وتبقى، هذا بالضبط ما دفعني للاستمرار والمتابعة لأشق طريقاً ليس سلساً حاولت حفر معالمه بالجهد والتعب، وبثقة وإيمان أن لكل منا رسالته ودوره الذي يسعى لتأكيده وتثبيته على ساحة المجتمع، حيث كنت أمارس الفن في معظم أوقاتي حتى في أثناء عملي الذي كنت أعمل فيه خارج نطاق الفن، الذي أضاف لشخصيتي الإنسانية أكثر من زاوية، حيث أنه زرع بداخلي شفافية مطلقة في حياتي الشخصية، وفي التعامل مع المجتمع، وما أشعر به ولمسته من خلال عملي ورحلة الاغتراب والتنقل أن الفن رسالة للشعوب منذ بداية هذا الكون فالفنان هو الشخص الأكثر ثقة بالزمن، لأنه يدرك تماماً متى تنطق اللوحة ومتى تصرخ بصمت في داخله، وأين ومتى يفترض عليه أن يطبع من خلال عمله الفني رؤاه وما يقوم به، مقدماً كل ما بوسعه لنقل أحاسيسه وأفكاره التي تسبق الزمن وتواكب الحاضر، تعيد ذكريات الماضي في تراتبية عنوانها الإحساس أولاً بلا مواربة أو تجميل، وعليه كنت أجسم أعمالي بطريقة قد تختلف عن غيرها من حيث التقنية لكنها تسير في هذا الموكب.. موكب التعبير والفكر».

جميل أن نتحدث بلغة الفن ونقدم للعالم رسالة فنية سورية خالصة رغم التعب والمعاناة، وجهد أبذله في عمل إنساني نحتاجه في هذه المرحلة لنبقى دعاة سلام وحب وعمل. هذه رسالتي التي أسستها بجهد ذاتي محاولاً على الدوام تطوير خبرتي وتقنيات العمل، لتكون مميزة في مساحة عالمية مترامية الأطراف لأن الفنان ينتج عمله لكنه لا يعرف أين ستحط رحال هذا العمل ليأخذ التقدير المطلوب والاحترام الذي يكرس الفن لغة الشعوب ووسيلة تعبيرها الصادقة

عن مشاركته في ترميم بعض الكنائس الروسية وتحويل بعض أعماله لأيقونات أضاف بالقول: «بالنسبة لبعض أعمالي التي تحولت إلى أيقونات في كنائس وكاتدرائيات "روسيا" و"أوروبا" فقد بدأ العمل من خلال نافذة صغيرة اتسع العمل بها، لأنطلق من المنطق الإنساني الذي زرعه بداخلي الفن وعايشته بالحياة والفكر، ولأنني مدير لإحدى المنظمات الخيرية في "روسيا" التي تعنى برعاية وتأهيل أطفال الحروب والكوارث الطبيعية، وكانت هذه الكنائس أول الداعمين لنا في ظل الأزمة على "سورية"، حرصت على التطوع مجاناً لترميم هذه الكنائس والإشراف على هندستها الفنية، برغبة كبيرة للتعبير عن الامتنان للمؤازرة والدعم، وهذا أيضا أعده واجب الفنان وغاية حضوره لأنه ابن المجتمع والأكثر تفاعلاً مع المحيط الذي نهل خيراً منه، ولابد أن يطور ما نهله ويعيد إنتاجه بصورة أجمل وأرقى، وكان تقديراً منهم لمجهودي الفردي الذي كنت أقوم به أنهم قاموا بتحويل أي عمل فني من أعمالي إلى أيقونات، وقد وضعتها ضمن الكنائس لتكون بتوقيع فنان سوري، خاصة أن اسمي "محمد" وكانت غايتي أن يعرف العالم أننا لسنا ممن يدعون إلى الطائفية وإنما نحن شعب واحد وطائفتنا واحدة عربية سورية أينما حلت، هذه التجربة قدمت لي الكثير من الدعم والمعارف وكانت فرصة للتلاقي الفكري مع شرائح مختلفة من المجتمع الروسي حيث أقيم، لأجد فيها ما يطور التجربة ويظهر ذلك من خلال الأعمال المنتجة في مراحل لاحقة».

إهداء أعمال تحولت لأيقونات في الكنائس الروسية

كرم في "روسيا" وشارك وجسد أعماله في مناسبات عدة كما تابع بالقول: «في "روسيا" ومن كنائسها بالذات وجدت التقدير حيث عبروا عن الاحترام للجهد الفني والإنساني الذي يتمثل بصندوق "حياة لدعم أطفال الحروب والكوارث الطبيعية" وتم تكريمي بوسام "نيقولاي الثاني" وهو من أرفع الأوسمة في "روسيا" وهذا أعطاني حافزاً للاستمرار في مسيرتي مهما واجهت من تحديات وصعوبات مقتنعاً بأنها أزمات عابرة، وقد تابعت في عدة فعاليات ومن أكثر التجارب الفنية قرباً إلى قلبي وروحي هي مشاركتي بذكرى "المائة عام على مذبحة الأرمن" في "روسيا" حيث كنت الفنان العربي الوحيد من أصل ثلاثين فناناً عالمياً شاركوا بهذا المعرض، وكانت لوحتي تتصدر هذه الأعمال حيث كانت تجسد شخصية "مارجريس" "الخضر" وأيضا قدمت هذه اللوحة هدية للجالية الأرمنية وقد تم عرضها واستقرت بمتحف الأرمن بتوقيع سوري».

متنقلاً بين الدول باصماً بتوقيع سوري يفتخر به يضيف الفنان "محمد" بالقول: «جميل أن نتحدث بلغة الفن ونقدم للعالم رسالة فنية سورية خالصة رغم التعب والمعاناة، وجهد أبذله في عمل إنساني نحتاجه في هذه المرحلة لنبقى دعاة سلام وحب وعمل. هذه رسالتي التي أسستها بجهد ذاتي محاولاً على الدوام تطوير خبرتي وتقنيات العمل، لتكون مميزة في مساحة عالمية مترامية الأطراف لأن الفنان ينتج عمله لكنه لا يعرف أين ستحط رحال هذا العمل ليأخذ التقدير المطلوب والاحترام الذي يكرس الفن لغة الشعوب ووسيلة تعبيرها الصادقة».

وسام نيقولاي الثاني الذي استحقه في روسيا

يرى النحات "نشأت الحلبي" أنه اختار لغته الفنية وأجاد في لوحاته النحتية وقال: «في لغات الفنون بأنواعها تنوع وغنى وشمولية لأبعد الحدود، حيث تختلف الفنون عن بعضها بأدوات ومواد تنفيذها وتزداد هذه اللغة جمالاً كلما اخترت مفرداتك لتضيفها إلى قاموسها المتجدد كما فعل الفنان "محمد عبد السلام" الذي امتلك مفرداته التي لم يتعلمها إلا من قاموس بحثه وجديته وسعيه الدؤوب لأن يكون كما يريد، طور تجربته بمادة متناولة لدى الجميع ولكن تعاطى معها بأسلوبية خاصة به ليطور في آدائها التقني، أما بالجانب الفني فقد كانت تكويناته منسجمة تأخذ موضوعاتها من الأسطورة، والعناصر النباتية والحيوانية بتصرف، وفي النهاية أعود لحيث بدأت الحديث الفنان "محمد" اختار لغته وجدد وأمتعنا بلوحاته النحتية بطابعها المميز، مؤكداً حضوره ومتابعته الدائمة بنشاط واضح ومميز».

ما يجدر ذكره أن الفنان "محمد عبد السلام" مواليد "دمشق" عام 1977، حاصل على شهادة معهد الفنون البصرية عام 2006 اشتهر باللوحة النحتية من مواد بسيطة أوصلته للعالمية، والتكريم بالأوسمة والجوائز العالمية، له أعمال مقتناة وأعمال عدة تحولت إلى أيقونات في كنائس "روسيا" و"أوروبا".

النحات نشأت الحلبي