أثبت جدارته وتميّزه في بلده بشهادة أساتذته، وتابع تألقه خارج الوطن ليكون المثل والقدوة بدراساته وأبحاثه، التي تمحورت حول ما يعانيه المسنّون، وما يواجههم من مشكلات.

وكان لمدونة وطن "eSyria" بتاريخ 26 أيار 2017، فرصة التّواصل مع الدّكتور "مجد علون"، ليحدثنا عن رحلته في الوطن وما بعدها ببلاد الاغتراب، فقال: «ولدت في "دمشق" عام 1966، وكنت الأخ الأصغر لتسعة إخوة في عائلة متوسطة الحال، تأثرت كثيراً بوالدي، فقد كان يشجعنا على الدّراسة والمحاولة قبل قول (لا أعرف). تنوعت اهتماماتي، فقد أحببت تفكيك الألعاب لأرى كيف تعمل، وكنت أعيد تركيبها، وكذلك أحببت إصلاح الأشياء، وكنت أهوى قراءة سلسلة "How it Works" بالإنجليزية. درست المرحلة الابتدائية في مدرسة "عبد الله بن الزبير"، والإعدادية والثّانوية في ثانوية "ابن الأثير"، وكنت من المتفوقين، وبعد الشهادة الثانوية درست الهندسة الإلكترونية في كلية الهندسة الكهربائية والإلكترونية، وتخرّجت عام 1988. وككل إخوتي، كنت في الصيف أعمل في محل والدي المتواضع بإصلاح البرادات الشاحنة وأنظمة التكييف، وأقضي أوقات الفراغ في الرياضة، والألعاب الذهنية كالشطرنج، وبعد التخرج عملت في مركز البحوث العلمية، "المعهد العالي للعلوم التطبيقية والتكنولوجيا"، بناءً على معدل التخرج وتوصية أساتذتي، ومنهم الدكتور "سعيد الصفدي". بدأت عملي في قسم الأتمتة تحت إشراف الدكتور "نور الدين شيخ عبيد"، وتابعت الدراسة في إنكلترا، حيث درست الماجستير في هندسة التحكم في جامعة "برادفورد"، وأنهيتها بدرجة امتياز عام 1992. ومكّنتني هذه الدرجة من الانتقال إلى جامعة "لندن"، "Imperial College" تحديداً، التي تصنف في عداد الجامعات الثلاث الأولى في التخصصات الهندسية في "بريطانيا"، حيث تابعت شهادة الدكتوراة في الهندسة الإلكترونية والتخصص في الروبوتات المتحركة ذاتياً».

درّست في المعهد العالي النظم المنطقية والدارات الرقمية، ونظم التحكم المعتمدة على المنطق الضبابي أو المستمر، وأشرفت على مشاريع تخرّج في الجامعة، وأنجزت عدة مشاريع. كذلك نشطت كمتطوع في "الجمعية العلمية السورية للمعلوماتية"، وقمت بترجمة وكتابة عدة مقالات بالعربية، ومنها مقالات لنشر التوعية حول فيروسات الحواسيب، وطرائق الحماية والتخلص منها

بعد أن نال الدكتوراة، عاد إلى "سورية" بداية عام 1997، حيث كانت له العديد من المساهمات، حيث يضيف: «درّست في المعهد العالي النظم المنطقية والدارات الرقمية، ونظم التحكم المعتمدة على المنطق الضبابي أو المستمر، وأشرفت على مشاريع تخرّج في الجامعة، وأنجزت عدة مشاريع. كذلك نشطت كمتطوع في "الجمعية العلمية السورية للمعلوماتية"، وقمت بترجمة وكتابة عدة مقالات بالعربية، ومنها مقالات لنشر التوعية حول فيروسات الحواسيب، وطرائق الحماية والتخلص منها».

الجهاز المساعد لمشي المسنين

يتابع الدكتور "مجد" عن حياته في المغترب، فيقول: «عام 2001 قرّرت السفر إلى "الولايات المتحدة الأميركية"، لتحقيق طموحاتي العلمية، وعملت مع زملائي في جامعة "فرجينيا" خمس سنوات في تطوير تقانات لمراقبة صحة المسنين، مثل جهاز للمساعدة على المشي "walker" الذي يساعد المستخدمين اللذين لديهم ضعف بصري على تجنب الاصطدام بالعقبات. ويستخدم الجهاز كاشف عقبات بواسطة أشعة تحت حمراء وحسّاسات عزم على مقود جهاز المشي، وحاسوباً صغيراً محمولاً يتحكّم بعجلة التوجيه الأمامية. حسّاسات العزم أيضاً مكّنتنا من تحويل جهاز المشي إلى نظام يقيّم خصائص الحركة والمشي التّفصيليين للمستخدم واكتشاف أي خلل قد لا يكون واضحاً للعين المجردة. وهناك جهاز لكشف وقوع الإنسان على الأرض يعتمد مبدأ الاهتزازات الأرضية بمجرد وضع الجهاز على الأرض، بدل أن يلبس أو يحمل المستخدم أي حسّاس. النّظام بإمكانه أيضاً كشف اصطدام كعب الرّجل بالأرض أثناء المشي؛ وهو ما يسمح بتقييم خصائص المشي واكتشاف أي خلل قد لا يكون واضحاً للعين المجردة، إضافة إلى نظام لمراقبة مراحل النوم يكشف ضربات القلب ومعدل التّنفس، ونظام لمراقبة تحركات، وقدرة الشّخص المسن على أداء أعمال أساسية وحده، مثل الاستحمام، وتحضير الطعام. ونشرت عدة بحوث، حصلت على خمس براءات اختراع، وساهمت في تأسيس شركة خاصة لإنتاج هذه الأجهزة. وخلال هذه المدة حافظت على صلتي بالوطن، وزرته عدة مرات، في إحدى زياراتي إلى المعهد الذي انطلقت منه ألقيت محاضرة عن برنامج البحث الذي كنت أديره، وكنت نشطاً في رابطة العلماء السوريين في المغترب "نوستيا" في عام 2007.

انتقلت إلى مؤسسة "LeadingAge"؛ وهي مؤسسة غير ربحية أدير فيها مركزاً للتكنولوجيا الخاصة بخدمات المسنين، حيث نساعد المؤسسات التي تقدم خدمات للمسنين على انتقاء الأنظمة والأجهزة الأنسب لهم».

نظام لمراقبة تحركات وقدرات المسنين

وفي حديث الدكتور "نور الدين شيخ عبيد" خبير المعلوماتية والتنمية، يقول: «"مجد علوان" هو أحد المهندسين المؤسسين لقسم الأتمتة في المعهد العالي للعلوم التطبيقية والتكنولوجيا، شارك في مختلف أنشطة القسم من التعليم إلى تصميم وتنفيذ المشاريع، إلى البحث العلمي؛ ففي التعليم شارك بتصميم وتنفيذ التجارب العملية لمادتين دراسيتين على الأقل. أما في المشاريع التطبيقية، فقد كان له دور بارز خصوصاً في مشاريع تساهم في التنمية، كان أحدها مثلاً يتعلق بضبط وسائل السقاية بالتنقيط، وآخر عن الكشف الآلي لوجود معلقات سامة في هواء المناطق الصناعية. وفي البحث العلمي، حضّر شهادة الماجستير والدكتوراة في "بريطانيا".

كان ذلك على صلة بموضوع بحث قسم الأتمتة في المعهد العالي الذي يعمل فيه، ويتعلق بقيادة وتسيير كرسي ذاتي الحركة للمصابين بالشلل النّصفي. وكان في بحثه بالدكتوراة دائم التواصل مع المعهد العالي، مجسّداً بذلك ارتباط البحث العلمي بحاجات أو تطلعات المعهد العالي حينئذٍ، وتمكّن من مشاركة بعض طلاب المعهد عبر مشاريع تخرّجهم في أبحاثه، حيث قاموا بنشر مقالات مشتركة بين المخبر البريطاني والمعهد العالي في مؤتمرات رفيعة المستوى. وفي الحقيقة يترافق اسم الدّكتور "مجد علوان" في ذاكرتي بصورة الشاب المندفع، الجدّي المواظب، المتوقّد الذهن، الإيجابي بالفطرة».

الدكتور نور الدين عبيد