خمسة وثلاثين عاماً قضاها في "لندن" وهو يحلم ويحقق أحلامه واحدة تلو الأخرى.. حقق طموحاته وأحلامه في عشقه لعالم الإحصاء والأعمال، إنه ابن الحارات الدمشقية القديمة الدكتور والأستاذ "مأمون كريم الدين".

خلال لقائنا به في إحدى رحلاته للريف السوري حدثنا عن أمور كثيرة تخص الاغتراب ومهمة المغترب السوري في اغترابه، وعن أمور تخص مهنته وشهادته وروحه التي مازالت مشعة بنورها إلى "دمشق" الياسمين: «فكرة الاغتراب كانت تراودني دائماً للتعرف على حضارات أخرى، حيث اغتربت وكان عمري ثلاثة وثلاثين عاماً وحصلت على شهادة "محاسبة وإحصاء" من "بيروت"، أما الوجهة الأولى لي خارج المحيط العربي فكانت "لندن" تلك العاصمة التي تحتفظ بهموم الكثير من الشباب والشابات الذين أتوا ليطوروا مواهبهم وقدراتهم وليكتسبوا خبرات أفضل وأكثر. من هنا بدأت رحلتي الطويلة رحلة للحصول على استقرار علمي وعاطفي واجتماعي، ولكن لم أعلم أن الأيام ستسرقني من الياسمين».

عائلتي مكونة من أربعة أفراد فتاتان وشابان، وهم "نور"، "شادي"، "لينا" و"دانيا" إضافة إلى زوجتي السورية الأصل، وجميعهم لديهم مؤهلات جامعية ويتقنون العربية بشكل جيد، والفضل هنا يعود لرغبتهم بعدم نسيان اللغة الأم وبزياراتهم المتكررة إلى سورية، كما لدينا أقارب في "دمشق" نقوم بزيارتهم ونوثق علاقاتنا الاجتماعية معهم

يكمل "مأمون": «لقد توفقت كثيراً في غربتي ونلت الكثير من الخبرات والمؤهلات العلمية التي ساعدتني في حياتي، الآن أعمل في مجال التأمين العام مثل تأمين السيارات والبيوت والأعمال، ففي الدول الأوروبية معروف عن الشاب السوري أنه دائماً من المميزين ولديه طموح كبير، حيث يعمل لساعات طويلة وفي أعمال شاقة رغبة منه بتطوير قدراته ومكتسباته، فتعلمت وعلَّمت وخضت الكثير من المشاريع والأعمال التي أدخلتني هذه المهنة العلمية التي تعتمد على القدرة في التفكير والعمل الشديدين للوصول إلى نتائج هامة».

لندن

عن كيفية تواصل السوريين في الخارج ومدى أهمية دور الجمعيات السورية هناك في تواصلهم يقول الدكتور "مأمون": «لدينا في "لندن" الجمعية السورية والنادي العربي اللذان يقومان بتنظيم نشاطات ترفيهية وتعليمية واجتماعية هامة، نلتقي نحن المغتربين السوريين من خلال هذه النشاطات ونتبادل الأحاديث والآراء فنتعرف على بعضنا البعض ونوسع صداقاتنا من الناحية الاجتماعية والعلمية وحتى في مجال العمل، كما إن من مهمة هذه الجمعيات تعليم اللغة العربية والإطلاع على الثقافة العربية الواسعة، وهي تشكل حلقة الوصل بيننا وبين العائلات السورية الأخرى في "إيطاليا"».

يضيف: «الجالية السورية في "لندن" كبيرة وواسعة وأغلبهم من رجال الأعمال ولهم علاقات قوية في المجتمع البريطاني، يمتاز السوريون في المغترب بحسن أخلاقهم وكرمهم وتواصلهم الدائم مع بعضهم البعض من أجل توسيع العلاقات والترقي لمستويات أفضل في حياتهم العملية والاجتماعية، وفي "لندن" لجمعية الأطباء السوريين شهرة كبيرة بين المغتربين، هذه الجمعية التي تأخذ على عاتقها إقامة كافة النشاطات الوطنية والدينية والتي تدور بلجنتها بين العائلات المغتربة لدعوتهم والتواصل معهم».

مأمون في سورية

"لندن" عاصمة أوروبية بامتياز لها الكثير من المزايا التي تجعلك تنقطع عن ماضيك لكن هذا الأمر ليس له أهمية عند الدكتور "مأمون" فهو ما زال يتواصل مع أبناء بلده ومازالت رائحة الياسمين تعبق في ماضيه: «عائلتي مكونة من أربعة أفراد فتاتان وشابان، وهم "نور"، "شادي"، "لينا" و"دانيا" إضافة إلى زوجتي السورية الأصل، وجميعهم لديهم مؤهلات جامعية ويتقنون العربية بشكل جيد، والفضل هنا يعود لرغبتهم بعدم نسيان اللغة الأم وبزياراتهم المتكررة إلى سورية، كما لدينا أقارب في "دمشق" نقوم بزيارتهم ونوثق علاقاتنا الاجتماعية معهم».

يكمل الدكتور "مأمون" حديثه وذاكرته ترجع إلى أزقة "باب توما" والحي الدمشقي القديم: «لدمشق ذكرى كبيرة في قلبي، أود أن أرجع إلى هذه الحارات والشوارع الممتلئة بعبق الياسمين لأقدم لأهلها الخبرات التي تعلمتها في الاغتراب، ولكن الزمن سرقني، وسيبقى لي أمل بالعودة لأنني لا أعاني من شيء سوى ترتيب أموري والعودة، فأولادي لهم رغبة شديدة في ذلك وأنتظر الزمن لأحط رحالي في مدينتي السامية، فلندن لن تكون محطتي الأخيرة لأن لدمشق وقع خاص في ذاكرتي».

حنين لدمشق

نهاية حديثنا مع الدكتور والأستاذ "مأمون عبد الكريم" كانت عن تطوير الخبرات في المغترب ونقلها إلى الوطن ومدى الاستفادة من هذه الخبرات والمهارات: «لدينا خبرات جيدة وذلك كان واضحاً من خلال التقائي بخبرات داخل البلد، فسورية قفزت خطوات كبيرة بعد الانفتاح الذي حدث بدخول البنوك والشركات الخاصة، وهذا مشجع لامتصاص الخبرات السورية والعربية والأجنبية في التواصل بما بينهم للوصول إلى أسواق اقتصادية وعملية راقية، وهنا يكمن دور المغترب السوري في الخارج الذي يجب أن يعود بخبراته إلى بلده الأم طالما الأمور أصبحت جيدة من الناحية الاقتصادية والانفتاح على السوق الاقتصادي العالمي».